تناولت في مساهمةٍ سابقة كيف يساهم العقل اللاواعي في العملية الإبداعية إن استطاع الكاتب الوصول إلى لا وعيه ليخرج منه كنزا دفينا تخزن منذ سنوات في شكل مدخلات مختلفة.
يبدو أننا اليوم سنتطرق إلى جانب مختلف من اللاواعي أو الوعي الباطن كما جاء في عنوان المساهمة التي أعاد صياغتها راي برادبيري عن مقوله "الأب الحكيم هو الذي يعرف إبنه" فما رأيكم في هذه العبارة؟
مما لا شك به أنّ رحلة الكتابة تختلف من شخص لآخر ودعونا نضع الكُتاب المخلصين لحرفة الكتابة جانبًا، ولنركز على أولئك المقلدين الذين يتمسكون بطرف أفكار غيرهم ويدّعون الإبداع، والفئة الثانية هم أولئك الطامعين في المكانة الأدبية والمال، ولنكن صادقين أنّ هذا أمر طبيعي ولاسيما في مقتبل العمر.
ثم يتحول هؤلاء من تلك المسارات السطحية ويصلون إلى عمق إبداعهم وتتحول العملية الكتابية من اجترار فُتات الأدباء إلى التماس صوتهم الحقيقي وأسلوبهم الفريد.
هل تعتقدون أن الجميع قادرٌ على تغيير مساره في نهاية المطاف؟
في هذه المرحلة من الاكتشاف يصل الكاتب إلى مرحلة معرفة لا وعيه وليس هذا فقط بل يصبح قادرًا بالسّماح له بقيادة عجلة الإبداع ويكون هو الوعاء الذي تنسكب من خلاله القصص والأفكار وهنا يحضرني معنى أشارت له إيزابيل أليندي في أحد مقابلاتها،
فيما معناه أنّ كل قصصها حقيقية منها ما حدث معها ومنها ما يحدث مع آخرين في مكان ما وما هي إلا قناة لتلك القصص، ولا ريب أننا حين نقرأ نتفاجئ كيف فهم الكاتب ما عشناه ووصفه كأنه كان معنا.
كل هذا يحدث حين يعرف الكاتب عقله اللاواعي ويدعه يتكلم بكل حرية مجردًا من كل الأطماع في المكانة الأدبية أو المال والمديح والثناء، ويصبح لحظتها وفيا لأفكاره وأحاسيسه فقط.
ما رأيكم أنتم؟ وهل ترون أنه لابد للكاتب من أن يعرف لا وعيه حتى يتحرر من تقليد غيره ويكتشف أسلوبه وحقيقته؟
التعليقات