يُقصد بالمدينة الدولة مدينة ذات سيادة، توصف أيضاً بأنها نوع من البلدان الصغيرة المستقلة، التي تتكون عادةً من مدينة واحدة والأراضي التابعة لها، تاريخيا أطلق هذا المصطلح عبر التاريخ على العديد من المدن مثل أثينا، وإسبرطة، وقرطاج، وطيبة، وممفس، وصور، وصيدا، ودول المدن الإيطالية خلال عصر النهضة.

والمتأمل في مدينة الدرعية العريقة يجدها مدينة دولة بامتياز منذ نشأتها في العام 850 هـ.

وتعود قصة تأسيس هذه المدينة الدولة إلى قيام عشيرة "المردة" من "الدروع" من بني حنيفة بتأسيس مدينة لهم شرقي الجزيرة العربية على ساحل الخليج العربي أطلقوا عليها اسم "الدرعية" نسبة إلى العشيرة، وذلك بعد أن انتقلوا من وسط الجزيرة العربية في القرن الرابع الهجري لظروف عدم الاستقرار آنذاك، ونتيجة لعودة عشائر بني حنيفة إلى اليمامة بعد عودة الاستقرار إليها تلقى مانع بن ربيعة المريدي الحنفي وهو في بلدته الدرعية شرق الجزيرة العربية دعوة ابن عمه حاكم مدينة حجر في اليمامة وهو ابن درع للقدوم بالعشيرة والاستقرار في منطقة أجداده وأسلافه. وهذا بالفعل ما تم فقد وصل مانع بن ربيعة المريدي وأفراد عشيرته من الدرعية في شرق الجزيرة العربية إلى وسطها لتأسيس الدرعية الجديدة عام 850هـ (1846م). وقد كان من أهم الأفكار التي تشغل باله فكرة بناء دولة واسعة تحقق الأمن والاستقرار، وعلى الرغم من عدم تمكنه من عملية البناء هذه، إلا أن الفكرة قد انتقلت إلى الجيل الجديد من أبنائه وأحفاده، وصل مانع إلى مقر الدرعية الحالية حيث استقبله ابن درع في وادي حنيفة، وأقطعه موضعي "غصيبة" و"المليبيد" اللذين يقعان شمال غرب مدينة حجر، فجعل مانع "غصيبة" مقرا له ولحكمه وبنى لها سورة "المليبيد" مقرا للزراعة، وهنا تكونت نواة قيام الدولة التي كان يحلم بها مانع. ومن الدرعية قامت الدولة السعودية الأولى في الفترة (1139 - 1233 هـ)، في فترة كانت شبه الجزيرة العربية في أوائل القرن الثاني عشر الهجري الموافق للثامن عشر الميلادي تعيش حالة من التفكك وانعدام الأمن مما أوجد حالة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، إضافة إلى انتشار البدع والخرافات.

كان محمد بن سعود قد تولى إمارة الدرعية في 1139 هـ / 1727م، وأسس إمارة أصبحت فيما بعد انطلاقة لتأسيس الدولة السعودية الأولى لتقوم في الجزيرة العربية أول وحدة سياسية جامعة بعد أكثر من ألف سنة من انقطاعها بعد دولة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين، واليوم وفي عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين تحولت الدرعية إلى قبلة سياحية للعالم أجمع تحكي عظمة التاريخ السعودي.