السادس من ايلول لعام 2021 تاريخ سنذكره أجيالا كثيرة واعمارا طويلة، صباحه لم يكن يشبه اي صباح، شمس الحرية التي تعلقت بشغاف قلوبنا والنفس العميق الذي خرج من اعمق اعماقنا، عندما انتزع اسرانا حريتهم حررونا معهم، وكنا نحن بالداخل الفلسطيني خصوصا نحاول ان نكبت ذاك النفس ونقمع تلك الضحكة خوفا وترقبا لقادم لا نعلمه ومفتوح على كل الاحتمالات، لكن سرعان ما تلاشى الخوف ولم نستطع البقاء لساعات مع كاتم صوت واصبحت التهاني ولفرحة معلنة.

شعرنا أننا اخيرا انتقمنا لأبطال سجن عكا، وشهداء ثورة البراق ( محمد جمجوم، عطا الزير، فؤاد حجازي)، بل أننا رددنا الصاع صاعين، فبريطانيا راعية هذا الكيان اعدمت لنا هؤلاء الابطال اللذين حتى لحظة اعدامهم أبوا غير موتة الاسود، فتسابقوا على الاعدام، وعطا الزير الذي كسر قيده عندما رفض طلبه ان يعدم دون قيود، هم اعدموا لنا ثلاثة بسجن عكا، والان حفر ستة من ابطالنا نفقا للحرية، اعدموا بثورة حائط البراق، واذللناهم بحفرةفي الارض.

لقد اطلقوا سراحنا وفكوا وثاقنا جميعا وحررونا بحريتهم، ابهروا العالم بإصرارهم، ومرغوا وجه الاحتلال بتحديهم الذي عجزت عنه دول وحكومات، وأيا كانت نتيجة هذه البطولة الخارقة، و قلناها من البداية حتى لو لا قدر الله قبض على اسرانا، فالعملية قد نجحت منذ اول نفس استنشقوا بعد خروجهم من نفق الحرية، وللحق أخذتنا الفرحة والامل وتناسينا برغبة او دون وعي كل الواقع الصعب حولنا، وقلنا قد عبروا، وربما هم الان في غزة متناسين ان النملة من الداخل الفلسطيني لا يمكنها دخول غزة، قلنا ربما اصبحوا في سوريا او لبنان متناسين كل الحدود المغلقة، ربما ذهبوا للأردن وكأنه لا توجد حدود واسلاك شائكة وحرس حدود، وقلنا برعب ربما بالضفة وكنا نتمنى الا يكونوا كذلك فإننا نخشى عليهم من الاحتلال مرة، ومن سلطة اوسلو الف مرة، كنا نعلم ان كل السبل صعبة ومهلكة والوقت ليس بصالحنا لكنا لم نكن نريد التصديق، وقلنا ان من دبر كل هذا للخروج لا بد انه دبر ما بعده، راهنا على كل شيء والغينا الواقع والمنطق لأجل فرحتنا بالحرية التي نلناها بهم، وحتى اللحظة الاخيرة كذبنا خبر اعتقال اثنين منهم وسخفنا الخبر حتى صفعتنا الصور فانزلتنا تحت النفق مجددا، وبات المحيط كله سواد.

أما عدونا فلا يكفيه ابدا ان نعود للزنازين وتكفهر وجوهنا وترد الضحكة بحناجرنا، ولا يرضيه سوى كسرنا وتفريقنا مجددا فاراد ان يصفعنا بما صفعناه به بالمعركة الاخيرة حين التحم الداخل المحتل مع كل الشعب الفلسطيني، ورأى العالم صموده ومقاومته وعرفه كثير ممن جهلوه، واراد اشعال الفتنة وفتح جبة من كل اطياف الشعب الفلسطيني على فلسطيني الداخل، واكاد اجزم ان اختيار مدينة الناصرة ليقال ان العملاء اللذين اوشوا بالأسرى منها ليس عبثا، فهي كما تسمى القلعة العربية، وعاصمة الجليل، واكبر مدينة عربية بالداخل المحتل، ورغم ان هيئة الاسرى لا توحي بجوع او تعب بل رأيناهم بأبهى صورة الا ان رواية الاحتلال انهم قبض عليهم عند سؤالهم عن طعام، لذلك فان الشيء الوحيد الصحيح انه تم اعتقال اربعة من الاسرى فقط، وما سواه رواية احتلال لا نعلم حقيقتها، وكل الاحتمالات واردة، بل لا نستبعد ان يكن قد قبض عليهم بالضفة بمساعدة سلطة اوسلو، وجيء بهم ليقال مسكوا بالناصرة لسلخ وحدة الداخل عن باقي فلسطين ولتفكيكه وكسر ثقته بوطنيته وعروبته وانتماءه، وشرذمته وطنيا من جديد، وإن لم يشك فعلى الاقل سيرى رفضة من باقي اطياف الشعب ويعود ليكون العربي الجيد بدولة الاحتلال، والشطر الاخر من الخبر ان المبلغ عنهم شرطي درزي يقيم بمدينة الناصرة، وكانهم يلطفون الخبر اي انه درزي فالأمر طبيعي من فئة اندمجت بالكيان بمعظمها، وانه ليس من اهل الناصرة بل مقيم خارجي، وهنا ايضا تقصد الفتنة، فبمعركة غزة الاخيرة رأينا لأول مرة بعض الدروز يهتفون لغزة، واخيرا حتى وإن صحت رواية الاحتلال ولا اظنها تصح فنحن كباقي الشعوب عندنا ايضا من سيتعلق بالطائرة لحظة إقلاعها المقدرة حتما.

اخيرا فلأسرانا الخوارق كل التحية والاجلال لقد صنعتم اسطورة سنتناقلها اجيال، ولقد اخزيتهم كيان هذا الاحتلال الهش، ومثلكم من يستحق الحرية، وقد قيل بالحرية" ان الحرية التي تنتزع انتزاعا هي ابهى حرية، وان الوطن الذي يسترد انتزاعا هو احلى وطن"، وانتم النتم الصخر لأجلها وانتم اهلها، ومؤكد انكم بأيام حريتكم رأيتم بالوطن ما لم نلحظه عمرنا كله، فنحن الطلقاء وانتم الاحرار، ولنا موعد مع الحرية لن نخلفه نحن ولا انتم