قطرات مطر كثيفة تتساقط بعشوائية على زجاج النافذة ، غلاف ضباب يزيد الليل سوادا ، رياح خفيفة تراقص بمهارة قطرات المطر ، برد قارس ينقض على جسدي الهزيل فينتفض ويرتعش قليلا، ظلام تسبح فيه الغرفة واسبح فيه ايضا ، برق سريع يشق صفحة الظلام قليلا بنوره ويختفي بسرعة كانه خائف من قوة الظلام ويخشى ان يخنقه بيده السوداء حتى تبرز عروقه وتنتهي انفاسه ، رعد يرتد صوته في كل أرجاء لا يخاف ليلا ولا يردعه مطر ، يضرب بقوة فينتشلني صوته الصاخب من فجوة افكاري التي نسجتها وسط الهدوء وتناغم صوت المطر مع الرياح الخفيفة المتراقصة وكانني كنت اسمع موسيقى طربية تعود الى عهد ام كلثوم ومحمد عبد الوهاب وصباح وغيرهم ، فسار مركب افكاري يبحر الى المدى البعيد لعله وصل الى الازرق الشرقي بسرعة تفوق سرعة الضوء بكثير ، او تجاوزه وربما غير الاتجاه الى مكان اخر ، ياخذ معه شعوري وخيبات املي ، وانكساراتي ونوبات جنوني وسحابة احزاني ، غطاء من الصوف الدافئ يغطي جسدي فيطرد عنه ارتعاشه ، رأسي فوق وسادةطرية ، انظر الى السقف فلا ارى ظلاما ، فاغلق عيني بهدوء ، يبدو المشهد كما لو اقتطف من احد افلام الرعب اليس كذلك ، هل تنتظرون ان يدخل شبح على غفلة بينما انا شاردة في افكاري ، فيسحبني من ساقي فانتفض وارتعب ويخفق قلبي بشدة وتتثاقل انفاسي ، لم يحدث ذلك بالطبع لكن نظم حفل قلق في نفسي ، وقرع قلبي الطبول ، شعرت بقشعريرة تسري في كل عضو من اعضاء جسدي فلم يكن للغطاء الدافئ فائدة فجسمي بارد مثل الثلج وكانني ادخل باب الموت فتلك اللحظة ، ارتمت امام بصري بعض من جهودي التي ضاعت مع هذه الرياح ، واهدافي المعلقة بحبل مشنقة تكاد تقتل ظلما ، وتتزاحم الاسئلة في عقلي الذي يكاد ينفجر مثل فوهة بركان ناشط ، وتنتحر امالي رويدا رويدا ، وتنساب دموعي قطرة قطرة مثلما يهطل المطر خارجا ، وتبكي روحي وجعا ، تتجسد امامي قصص الناجحين واقرا ما خلف اللمعان ومابين السطور ، فارى ان حالهم لم يختلف عن حالي ، لانه كما يقول الدكتور عائص القرني " من اراد المعالي هان عليه كل هم لو لا المشقة ساد الناس كلهم " ، لكن يبقى السؤال المحير هل حقا لا يختلف الامر ؟ ام انني الوحيدة التي تدور في حلقة مفرغة وكل ما يمر سيعود بنفس الشدة ؟ وهل حقا الفشل خطوة من خطوات النجاح كما يقولون ام وهم تلوكه الألسن وتستحبه العقول ؟ تجف دموعي وتنتظم انفاسي ويعود الدفء لجسدي ، تتوقفت الأمطار وهدئت الرياح ، إنحنت جفوني إحتراما لسلطان النوم وبعد هنيهات إستسلم كل ما بي للنوم وترك الاسئلة معلقة ....

#مروة