منذ فترة ليست ببعيدة، تعرفت على سكوت يونج وهو كاتب ومبرمج وصاحب كتاب Ultralearning أو التعلم الفائف. لم أستطع شراء الكتاب لذلك بدأت بالبحث عن ملخص له أو أي مقال يتحدث عن محتواه بشيء من التفصيل، فوجدت هذا المقال للكاتب نفسه والذي يشرح فيه كيف تبدأ رحلة التعلم الفائق بنفسك. سأتحدث بالتفصيل في التدوينة القادمة عن مشروع التعلم الفائق الخاص بي، ولماذا ترجمت هذا المقال، وما تتوقعه من وراء متابعتك لمدونتي. لكن الآن فلتقرأ هذا المقال لعله يغير من مسارك كما فعل معي 🙂

تُرجم هذا المقال بإذن من الكاتب الأصلي. ويمكنك قراءة المقال الأصلي من هنا.

التعلم الفائق أو Ultralearning هو مصطلح يشير إلى التعلم الذاتي العميق والمركَّز لتعلم أشياء صعبة في وقت قليل. وقد كتبت من قبل عن كيفية استخدامي لهذا النوع من التعلم لتعلم منهج معهد MIT الخاص بعلوم الكمبيوتر كاملا في 12 شهرا فقط! كما استخدمته لتعلم العديد من اللغات وعلوم الإدراك.

التعلم الفائق هو استراتيجة تعلم هجومية وموجهة. هجومية بمعنى أنها تهدف إلى القيام بما هو فعّال بغض النظر عن صعوبته. موجهة بمعنى انك أنت المتحكم.

لقد تطرقت إلى بعض جوانب التعلم الفائق في مقالات سابقة. إنه يركز على تعلم المفاهيم الصعبة أولا، تقسيم المُستصعَبات إلى مهام يمكنك تنفيذها خطوة بخطوة، استخدام مصادر التعلم بشكل خلّاق، والموازنة بين النظري والعملي.

في هذا المقال، سأريك كيف تبدأ مشروع التعلم الفائق الخاص بك. ولتبسيط الأمور، فقد قسمت هذا المقال إلى جزئين: الجزء الأول، والذي يشرح لماذا عليك أن تبدأ مشروع تعلم فائق وكيف تصمم هذا المشروع. الجزء الثاني، سيخبرك كيف تجد وقتًا للعمل على هذا المشروع وكيف تزيد قدرتك على التركيز.

لماذا التعلم الفائق؟

مشاريع التعلم الفائق مجهدة. إنها لا تتطلب أن تستقطع وقتًا كبيرًا من يومك فقط، لكنها تتطلب صلابة ذهنية. بمعرفتك لذلك، فبالطبع ستتسائل، لماذا أزعج نفسي بالتعلم الفائق أصلًا؟

يقابل التعلم الفائق التعلم الهاوِ. العبث بشيء ما وتعلمه في فترة طويلة الأمد. لا التزام. لا وقت مخصص للتعلم. وإذا أصبحت الأمور مجهدة أو صعبة تتوقف عن التعلم. هذا هو بالضبط عكس التعلم الفائق، التعلم الهاوِ.

ليست هناك مشكلة مع التعلم الهاوِ؛ فعادة ما يكون هو طريقك لتقرير ما إذا كنت ستتعلم شيئا أو مهارة ما بالتعلم الفائق. ومع ذلك، بغض النظر عن كمية الطاقة والوقت المبذولين، فإن التعلم الفائق يمكنه أن يساعدك في إحراز قفزات في الأشياء التي تحاول تعلمها.

السبب الأول: يمكنك التعلم بسرعة جامحة

كما أخبرتك سابقا فمشاريع التعلم الفائق مجهدة. لكن ميزتها أنها تضمن لك سرعة تقدم خاطفة. الحد من المشتتات، تعلم الأجزاء الصعبة أولا، التركيز على نقاط ضعفك وبذل وقتك في التعلم الفائق يمكِّنونك من اختصار الرحلة التعليمية التي قد تتطلب عدة أعوام إلى عدة أشهر.

مشروعي الخاص بتعلم اللغة كان مثالا جيدًا على ذلك. صحيح أن قاعدة عدم التحدث بالإنجليزية تطلبت الكثير من الجهد، لكن النتيجة أنني وصلت إلى مستوى طلاقة لغوي في ثلاثة أشهر عادة ما يتطلب عامًا أو عامين من التعلم التقليدي.

السبب الثاني: ستصل إلى الجزء الممتع من التعلم بشكل أسرع

كلما تحسنت فيما تتعلمه كلما أصبح التعلم ممتعًا. اللغات أكثر متعة عندما يمكنك خوض محادثات بها. مهارات العمل أكثر إفادة عندما تدعِّم مسارك المهني. الرسم، الرياضة بأنواعها المختلفة والموسيقى كلهم يصبحون أكثر متعة فور أن يتحسن مستواك فيهم.

التعلم الفائق سيسمح لك بالنفاذ السريع عبر الأجزاء المملة والصعبة إلى مستوىً متقدم حيث ستجد أن التعلم أصبح ممتعًا غير ممل.

السبب الثالث: مشاريع التعلم الفائق مناسبة لاهتماماتك

عندما كنت أخبر أحدهم أنني على وشك بدأ تحدي MIT، كانوا دائمًا ما يقولون: “لا بد أنك تعشق الدراسة.” لكن في الحقيقة، أنا لم أحب معظم ما درست في الجامعة. كنت أجد معظم المواد الدراسية مملة إلى حد لا يوصف. كرهت كوني مشغولًا بالدراسة، العمل على المشاريع الدراسية، الفصول التي لم يقل فيها البروفيسور أي شيء مفيد وكان علي أن أعاني حتى أبقى مستيقظًا. التعلم التقليدي يتضمن فترات ممتدة من الملل ممزوجة بالإحباط.

عندما قمت بتحدي MIT، تقريبا كل فصولي كانت ممتعة وغير مملة. أعتقد أن السبب وراء ذلك هو أن التعليم الذاتي يركز على النتيجة النهائية. فلا يهم أي مصدر تستخدمه للتعلم، ما دمت تصل إلى مرادك. كان يمكنني أن أتجاهل المهام التي اعتقدت أنها لن تفيدني بشيء. كما أنه يمكنني زيادة سرعة المحاضرة إذا كانت مملة، ومشاهدتها مرة أخرى إذا لم أستوعب محتواها. التعديل على طريقة التعلم لجعلها أكثر فاعلية بدوره يجعلك منخرطًا تمامًا في التعلم.

التعلم الفائق أكثر متعة لأن كل شيء تتعلمه يكون ذا قيمة.

السبب الرابع: الفرص الموجودة لسريعي التعلم في ازدياد

التعلم الفائق هو مهارة، بمجرد أن تتقنها يمكنك أن تطبقها على أي شيء تريد تعلمه.

إنها أيضا مهارة تزداد قيمتها كثيرًا بمرور الوقت. يُتوقع من الموظفين أن يتأقلموا ويتطوروا بنفس سرعة تطور التكنولوجيا. المتعلم المرن السريع يملك فرصة ذهبية، بينما أولئك الذين يعانون ليواكبوا التطور سيكون من الصعب بالنسبة لهم الحفاظ على وظائفهم.

ببساطة، ممارسة مهارة التعلم الفائق تعطيك أفضلية لا مثيل لها.

كيف تصمم مشروع التعلم الفائق الأول الخاص بك

تصميم مشروع التعلم الفائق الخاص بك يمر بثلاث خطوات:

  1. اكتشاف ما تود تعلمه بعمق، بشكل مكثف وبسرعة.

  2. اختيار أي نوعية من التعلم الفائق تود استخدامها لمشروعك.

  3. التجهيز لبدء التعلم.

الخطوة الأولى: ما الذي تريد أن تتعلمه بشكل فائق؟

ما الذي تود تعلمه؟ يمكن أن يكون موضوعًا معينًا – مثل التاريخ، التجارة أو الرياضيات. يمكن أن يكون مهارة عملية – مثلًا تريد أن تحترف اكسيل أو لغة برمجة معينة. او قد يكون شيئًا لطالما أردت تعلمه من اجل المتعة – تعلم آلة موسيقية، اللغة الفرنسية أو الرسم.

لا يهمني ما تريد تعلمه كما أنني لا يمكنني أن أختاره لك، لكن يمكنني أن أقترح عليك بعض النقاط التي يجب أن تضعها في اعتبارك عند اختيارك لما ستتعلمه:

  1. اختر شيئًا واحدًا. مشاريع التعلم الفائق تتطلب الوضوح. خطتك لتعلم الجيتار، الفرنسية والطبخ في نفس الوقت هي وصفة عظيمة لمشروع تعلم فوضوي. بدلًا من ذلك، اختر شيئًا واحدًا كل مرة وأجل بقية الأشياء لمشاريع أخرى.

  2. المشاريع الأقصر تحتاج إلى قيود أكبر. كلما كانت الفترة المتاحة لمشروعك أقصر كلما توجب عليك التركيز شيء محدد أكثر لتحرز تقدمًا ملحوظًا. إذا كنت ستتعلم لمدة شهر بمعدل ساعة يوميًا فليس من المفترض أن يكون مشروعك هو “تعلم البرمجة” بل اجعله أكثر تحديدا “تعلم لغة بايثون”.

  3. تجنب المبالغة في تحديد الأهداف والمواعيد النهائية. بالنسبة لمن يقومون بخوض مشاريع التعلم الفائق لأول مرة، فلا أنصح بتحديد هدف ولا موعد نهائي معين. والسبب في ذلك هو أنه بمجرد بدأك في التعلم ستدرك بسرعة واقعيةَ هدفك من عدمها. إذا كان المشروع سهلًا جدًا، فلن تركز. وإذا كان صعبًا جدًا، فمن المحتمل أنك ستستسلم. هذا يعني أنك تملك نطاقًا ضيقًا جدًا وفرصة ضئيلة لتنجح في تحديد هدف وموعد نهائي مناسبين لك. أوصيك هنا بمنهاج أفضل ألا وهو أن تختار الاتجاه الذي تود التعلم فيه ثم تحدد هدفًا عندما تكون في منتصف أو ثلث طريقك لإنهاء المشروع. فمثلًا ربما تكون وجهتك هي تعلم منهج MIT في علوم الحاسب، لكن أثناء تعلمك يمكنك أن تقرر مدى واقعية قدرتك على إنجاز مشروعك في الوقت المتوفر لديك.

الخطوة الثانية: اختر نوع المشروع

هناك الكثير من الطرق لتقوم بمشروع تعلم فائق. يعتمد اختيارك لأحدهم على شكل جدولك الزمني ومدى أهمية التحدي بالنسبة لك.

إليك ثلاثة أشكال مختلفة من التعلم الفائق:

  1. مشاريع الدوام الكامل. تلك هي أكثر طرق التعلم كثافة، وأكثرها تطلبًا للجهد وأسرعها. ميزة هذا النوع أنه يمكِّنك من تحقيق هدفك التعليمي في زمن قياسي، وهو مناسب للمتفرغين من الدراسة والعمل.

  2. مشاريع الجدول الزمني الثابت. هذا النوع من المشاريع يملك وقتًا ثابتًا مكرس له أسبوعيًا. مثال على ذلك قد يكون التعلم لمدة ساعة قبل العمل يوميًا، ساعتين قبل النوم، أو عشر ساعات في عطلة نهاية الأسبوع. كمية الوقت المخصصة ليست مهمة جدًا (بالرغم من أنه مع قلة الوقت المخصص للتعلم أسبوعيًا سيصبح التقدم أبطأ) لكني لا أوصيك أبدًا بأن تقسم الوقت إلى جلسات أقل من 30 دقيقة في الجلسة الواحدة؛ فتقسيم الوقت إلى جلسات صغيرة جدًا لا يمكِّنك من التركيز المطلوب للتعلم المكثف.

  3. مشاريع الوقت الثابت. هذه المشاريع لا تمتلك جدولًا زمنيًا محددًا، لكنها ذا عدد ساعات محدد (3، 5، 20) تتعلمها أسبوعيًا متى يسمح لك وقتك بالتعلم. هذا النوع هو أصعب الأنواع من حيث النجاح في تنفيذه، لكنه قد يكون الطريقة الوحيدة المعقولة للقيام بالتعلم المكثف بالنسبة لبعض الناس.

في المجمل، أوصي بأن يكون مشروع التعلم الفائق هو هدفك الأساسي طوال فترة تعلمك. لا بأس بمواصلة العمل على أشياء أخرى والحفاظ على عاداتك، لكن مشاريع التعلم الفائق لا تسير بشكل جيد إذا كانت مجرد شيء من الكثير من الأشياء الأخرى التي تحاول إنجازاها في الوقت نفسه.

بمجرد اختيارك لنوع معين من الأنواع السابقة، ستحتاج إلى اختيار مدة المشروع. إذا كان وقتك الأسبوعي المستثمر في التعلم قليلًا، فستحتاج إما إلى مشروع ذي مدة طويلة أو أن تقلل وتحد من نطاق تعلمك. فمثلًا، إذا أردت تعلم البرمجة، لكني لا أستثمر غير ثلاث ساعات أسبوعيًا في التعلم، فإما أني سأحتاج إلى فترة تعلم طويلة (من 6 إلى 12 شهر) أو سأحد من نطاق تعلمي (تعلم لغة معينة أو نوع معين من البرمجة).

الخطوة الثالثة: وضع خطة للتعلم

في الحقيقة أنا لا أنصح ببدء مشروعك مباشرة؛ والسبب أن صعوبة التعلم ستجعل من السهل عليك أن تتوقف إذا لم تخطط له كما ينبغي.

مشروع التعلم الفائق الجيد يبدأ ببعض الوقت المخصص للتحضير. هذا الوقت يسمح لك بجمع المصادر التعليمية، البحث حول أفضل التقنيات لتعلم المهارة أو الموضوع الذي تريد تعلمه، تنظيم وقتك واختبار مدى جدوى جدولك الزمني.

قاعدتي الأساسية تنص على أن التحضير ينبغي ألا يستغرق أقل من نصف مدة المشروع. فعندما قمت بتحدي MIT (مشروع دوام كامل لمدة سنة) فقد احتجت على الأقل ستة أشهر من التحضير غير المكثف.

إليك ما ينبغي أن تقوم به في فترة التحضير:

  1. ابحث عن الطرق الأكثر فعالية لتعلم ما تود تعلمه. ابحث عن كل طرق التعلم الممكنة، التقنيات والمقترحات. لاحظ الأفكار الشائعة والشكاوى المشتركة بين الناس. لاحظ أيضًا التقنيات البديلة المختلفة. من المفترض أن يعطيك هذا فكرة جيدة عن كيف تريد أن تتعلم، بالإضافة إلى طرق تعلم احتياطية في حال فشل الأساسية.

  2. اجمع المصادر وصمم خطة أولية. اشترِ الكتب التي تحتاجها، سجل في الدورات التدريبية، احصل على الأدوات والمصادر والمعدات إن احتجت أيًا منها. بعد ذلك قم بإنشاء خطة لتعلم كل ذلك. لا ينبغي أن يكون ذلك معقدًا. بالنسبة لتحدي MIT كانت الخطة: (1) اقرأ \ شاهد، (2) حل التطبيقات، (3) تقنية فاينمان.

  3. قم بعمل أسبوع تجريبي للجدول الزمني. قبل أن تبدأ التزامك الكامل بالمشروع، اختبر خطتك. لاحظ كيف يتلائم ذلك مع حياتك ومدى صعوبته. إذا كان صعبًا جدًا، أو غير واقعي، فالآن هو الوقت المناسب لتعديله.

إنه دورك الآن

إذا وصلت إلى هنا، فأنا أفترض أنك مهتم ببدء مشروع التعلم الفائق الخاص بك. لذا لماذا لا تبدأ وحسب؟

اكتب لي في التعليقات ما هو المشروع الذي تود بدأه، ما الذي تريد تعلمه، وأي شكل من أشكال التعلم الفائق ستستخدم. في المقابل، سأحاول الرد على أكبر قدر ممكن مقدمًا النصيحة عن كيفية جعل مشروعك ناجحًا!

يمكنك متابعة مدونتي من هنا فأنا سأحاول أن أتعلم المهارات اللازمة لان أصبح مطور ويب بلغة بايثون في 3 أشهر فقط باستخدام استرتيجة التعلم الفائق