لطالما اعتبر البشر أنهم فريدون من نوعهم ومنفردين بذاتهم لذلك وضعوا قوانين ونظريات تحكم وتفسر كل شيء عن طابعهم الفريد وكل ما هو موجود تابع لهم و يخدم مصالحهم بشكل من الأشكال من المادة والأشياء إلى الكائنات الحية و من الخلية والذرات إلى الكواكب والمجرات..ولطالما اعتبرنا أن العلم هو مفتاح كل الأبواب المغلقة من الاعتبار بالماضي والاستفادة من الأخطاء إلى التقدم والازدهار وخلق حضارات أسمى..كل هذا بواسطة العقل البشري ودماغ معقد لا نستطيع التحكم به سوى بنسبة قليلة لكن بواسطتها حققنا كل هذه الإنجازات وأكثر. خلقنا أسسا نعتمد عليها كالفيزياء الكمية والرياضيات التطبيقية والقدرة الانهائية لنواة الخلية.. لرسم لوحة كاملة عن الحياة وهذا العالم بطريقة واقعية منطقية وإثبات نظريات مع دحظ أخرى ظنا منا أننا تمكنا من الإمساك بالخيط الرفيع لفهم أعمق بطريقة أبسط تتماشى وقدرات تفكيرنا لكن ماذا لو أن كل ما فعلناه مجرد وهم أو اتخذ منحا خاطئ ؟ ماذا لو أن تلك الأنظمة والقواعد والأسس وكل ما ابتكرناه لتسهيل عملية البحث والتفسير والفهم لم تكن مجرد حدود لقدراتنا الانهائية وأن كل شيء ليس كما هو عليه أو على الأقل كما نراه ؟ ماذا لو أن كل ما تعلمناه في المدرسة كل تلك المعلومات والحساب والجبر والهندسة وقوانين الفيزياء والكيمياء وعلم الكم كان خاطئ تماما وأن الطريقة الصحيحة لحل معادلة من الدرجة الأولى لا نعرفها بعد و الزاوية القائمة ليس قياسها هو 90^ وأن 1+1 لم تكن أبداا تساوي 2 بل أعدادا لا حصر لها أو أنها لا تساوي أي شيء على الإطلاق لأنه في الأصل لا وجود لها ؟

ماذا لو أن جمع 1+1=1 لأنه وفي النهاية كل شيء يتحد بل وقد كان كذلك قبل انقسام أول خلية إلى خليتين وهكذا بدأ الانقسام والتكاثر بين وفي كل شيء ؟

ماذا لو أن وحدة القياس لم تكن البشر قط أي أن العالم غير محكوم بتاتا بواسطة قوانين الرياضيات والتي وضعناها بأنفسنا وأنه لا وجود أيضا للأبعاد الثلاثة (الطول-العرض-الارتفاع) أو قوانين الوجود الفيزيائي الأربعة (الجاذبية،القوى النووية الصغرى،القوى النووية الكبرى،القوة الكهرمغانطيسية)؟ ففي النهاية لا شيء كامل أو شامل وأن كل ما تعلمناه بل و ما أنجبه العلم بواسطتنا ليس إلا وسائل بدائية لجعل الحياة مفهومة إلى حد ما أو على الأقل إقناع أنفسنا بأنها كذلك. وما الذي يمكن لكائنات بشرية محدودة الإدراك أن تفعل؟ جنس ضعيف مثلنا بحجم ذرة غبار في الكون لا يملك حتى السيطرة على نفسه وأعضائه الحيوية أو على حياة خلاياه وموتها أو حتى التدخل في شبكة المعلومات الهائلة بينها بل ويولد بفطرة لا يعلم أي فكرة عنها مكونة من غرائز كالقتال من أجل البقاء ومشاعر وأحاسيس من حب وخوف وألم وحزن..تجعل منا بشرا وما نحن عليه وأنها فقط تقودنا لرسم طريق خاص لحتفنا ترسيخا لفكرة أن لكل بداية نهاية ؟ ماذا لو أننا تمكنا بطريقة ما من دفع قدراتنا إلى أقصى ما نتخيل واكتشفنا أن كل ما كنا فيه ليس إلا صندوقا صغيرا تم فتحه لعالم أضخم وأعقد مما كنا نتصور وأن الخيال لم يكن وسيلة كافية لوضع كل تلك النظريات التي مهما كنا نظن عظمتها أو نسبة صحتها فقد كانت نسبة لذلك الصندوق فقط وأنه وحتى مع هذه الخاصية البشرية التي تميزنا بها نحن فقط لم نستطع إثبات بها أي شيء لأنه وفي النهاية ليس للخيال تأثير فأن تتخيل قمرا ثان للأرض لا يعني أنك ستوجده وأن تتخيل أن صديقك اختفى من أمامك لا يعني أنه سيكف عن إزعاجك وبالتالي لم يكن الخيال إلا وسيلة ترفيه وإيهام لنا وأنه لا فرق بينك وبين كلب يشاهد القمر أو دودة ما في باطن الأرض أو نجم من بليارات النجوم في أحد المجرات..ولا فرق بين حجر أو حيوان أو نبته..لأنه وفي نهاية المطاف الكل يسير الى الامعنى إلى الفناء و إلى الزوال وأن الشيء الثابت الوحيد في الوجود هو الزمن هو من يغير كل شيء ويمرر كل شيء ويحسب كل شيء بل ويعطي الأهلية للوجود.من جد إلى جد ومن جيل إلى جيل من مختلف الحضارات والأعراق وبين مختلف قياسات الوقت يمر كل شيء إلى أن ينتهي كل شيء. بنا أو بدوننا؛بعلمنا أوبجهلنا. وربما لم نكن محدودي الإدراك أبدا وإنما فقط قاصري النظر وكل ما يهم هو الربح والسلطة فكانت كل هذه المعرفة لتشكل عدم الاستقرار والفوضى لذلك تم إخفاؤها عنا.

لطالما تطلبت المعرفة تضحيات جمة فكيف إن كان الكشف عن كل هذه التساؤلات وأكثر يستدعي تخريب كل ما بنيناه وتضحيات أسمى؟ وهل حقا يستحق الكشف عن الحقيقة المطلقة حقيقة الكون والحياة والوجود والموت والعدم..حقيقة كل شيء وحتى الاشيء كل هذا العناء أم أننا خلقنا لنكون جزء من كل هذا فقط وأنه ليس بيدنا إلا أن نكون كذلك شئنا أم أبينا.

إلياس؛ قناتي: K.L.G.I