ينتشر بين الناس بشدة مفهوم أن الروايات مضيعة للوقت، ولا يوجد فائدة تُرجى من ورائها. وهذا أمر عجيب بالنسبة لي. فقد ظللت أكثر من 10 سنوات من عمري لا أقرأ أي شيء إلا الروايات ولم يتهمني أحد بالجهل أو حتى قلة الثقافة، بل كانت الروايات مصدرًا ثريًا للغاية بالمعلومات العامة، بل والمتخصصة أحيانًا، كما في سلسلة سافاري للدكتور أحمد خالد توفيق.

على المستوى الشخصي تعلمت من الروايات الكثير من الأشياء. فمثلا من سلسلة رجل المستحيل التي كنت أقرأها في صباي تعلمت ضرورة أن يتحلى الإنسان بأخلاق حميدة أيًا كان ما يتعرض له. تعلمت من هركيول بوارو (أجاثا كريستي) أن تتجاوز توقعاتي المنطق، وضرورة استخدام الورقة والقلم في ترتيب الأفكار. تعلمت من شيرلوك هولمز التفكير التحليلي وضرورة رسم الصورة كاملة أمام عيني.

تعلمت من د. أحمد خالد توفيق في كتاباته كلها، ألا تكتفي بالنظرة السطحية للأمور، بل حاول دائمًا النظر بعمق فيما بين السطور، من أي مشهد تقع عينك عليه، وأن أحاول دائمًا استشفاف وجهات النظر الأخرى التي لم يُصرّح بها الآخرون.

من كل من قرأت لهم تعلمت أن يكون لي أسلوبي الخاص في الكتابة، والذي أتميز به الآن في كل كتاباتي، سواء العلمية أو الأدبية.

ثم الكثير من المعلومات العامة العشوائية، التي لم تفعل معي شيئًا إلا إظهاري بمظهر الشخص المثقف الذي يبدو على دراية علمية واسعة بالكثير من الأمور.

فهل فعلت الروايات معك المثل؟ أم أن لك رؤية أخرى بهذا الأمر؟