رواية ليكن الرب في عون الطفلة

  • للروائية توني موريسون

  • ترجمة / بثينة الإبراهيم

  • عدد الصفحات / 174 ص

فيها حرق للأحداث

حكاية عن طفلة ببشرة سوداء داكنة تولد لأبوين أبيضين في زمن التمييز العنصري، تنهي ولادتها علاقة استمرت بين والديها ثلاث سنوات، إذ يملئ الشك نفس والدها، و يتهم زوجته بالخيانة ..

"إنه ليس خطئي، لذا لا يمكنك لومي. لم أفعلها ولا أعرف كيف حدث ذلك. لم يستغرق الأمر أكثر من ساعة بعد أن سحبوا الطفلة من بين رجليّ لأعرف أن هناك خطأ ما، خطأ جداً. كانت سوداء جداً لدرجة أرعبتني، سوداء مثل منتصف الليل، سوداء مثل سودانية"

تنشأ الطفلة متلهفة للحب و القبول بسبب معاملة امها لها بصرامة و شدة، كانت تعلمها الخضوع كي تتجنب المشاكل و تطلب منها أن تدعوها سويتنس (Sweetness) بدلا من أمي او ماما ..

"اعتدت أن أدعو لتلطم وجهي أو تصفعني لأشعر بلمستها فقط، كنت أتعمد ارتكاب الأخطاء لكن كان دوما لديها طرق لمعاقبتي دون أن تمس بشرتي التي تكرهها، النوم دون عشاء، حبسي في الغرفة، لكن صراخها كان الأسوء"

"لم أكن اماً سيئة، عليك أن تعرف ذلك، لكن ربما فعلت أمورا مسيئة لطفلتي الوحيدة لأنه تعين علي حمايتها، كنت مضطرة، و كل ذلك بسبب امتيازات لون البشرة. في البداية لم استطع النظر إلى ما وراء السواد لأعرف من كانت و احبها ببساطة، لكني أحبها، انا احبها حقاً، و أظنها تفهم الآن، أظن ذلك." "لقد علمتني درساً كان علي أن اعرفه منذ زمن، ما تفعله للأطفال يؤثر بهم، و قد لا ينسونه ابداً"

لأجل أن تحظى لولا ان (Lula Ann) بالإهتمام و العطف من امها تتهم امرأة بريئة تدعى (Sofia Huxley) بجريمة اعتداء جنسي على الأطفال، و بعد خمسة عشر سنة تقضيها المرأة في السجن تحاول برايد هو الاسم الذي اطلقته لولا ان على نفسها أن تريح ضميرها و تصحح خطأها بمساعدتها للمرأة بالامور المادية، لكن معلمة الاطفال الطيبة و الوديعة تلك تحولت إلى وحش هاجم برايد فور معرفتها أنها كانت ممن شهدوا ضدها و حولوا حياتها إلى جحيم. "إن الذاكرة هي الأسوء فيما يتعلق بالتعافي"

"حين أفكر بالأمر الآن أرى أن تلك الفتاة السوداء أسدت إلي معروفاً، ليس ذلك الغباء الذي كان في ذهنها، ليس المال الذي عرضته بل الهدية الي لم تخطط لها كلتانا، ذرف الدموع الحبيسة لخمسة عشر عاما. لا مزيد من الكبت، لا مزيد من البذاءة، أنا نقية و قادرة الآن. "

لم يكن لبرايد (Bride) صداقات حقيقية غير صداقتها مع بروكلين ، غير أن علاقتها ببوكر (Booker) اضفت الكثير لحياتها كونها وجدت القبول عنده.

بوكر هو الآخر عاش المأساة بعد أن وجد اخوه المخطوف آدم ميتاً و كانت الآثار تدل على أنه و الأطفال معه تعرضوا للاعتداء الجسدي ثم القتل.

حمل بوكر تلك الذكريات المؤلمة معه دائماً. حتى دفعه هذا إلى ترك عائلته حين قررت المضي قدما و رفضت طلبته بأن يجعلو لأخوه تذكارا، كمنحة دراسية بأسمه أو ما شابه...

و لنفس السبب، تعلقه بالماضي و استذكاره لعلاقته بأخيه و عواطفه تجاهه و الغضب ممن حرمه منه، هجر براند حين علم انها كانت تريد مساعدة صوفيا بعد خروجها من السجن. لتبدأ هي الأخرى برحلة للبحث عنه تكتشف منذ بدايتها أنها لا تعرف عنه شيئا. بعد العثور على عنوانه و في طريقها إليه تتعرض لحادث سيارة، تعتني بها عائلة فقيرة لستة أسابيع إلى أن تتعافى. و هناك تتعرف على راين (Rain) الطفلة الي أسيئت معاملتها هي ايضا من امها.

/بربكم الأ يوجد شخص واحد قضى طفولة سعيده! *./*

تنشأ بينهما علاقة من نوع غريب، اشبه بصداقة خالية من الحسد.

اخيرا تدلها كوين (Queen) و هي صديقة لبوكر على مكانه فتذهب لتوضيح سوء الفهم او بطريقة اخرى للاعتراف بكذبتها عن صوفيا..

تنتهي الحكاية بموت كوين و حمل برايد بطفل "طفل. حياة جديدة. محصن من الشر و المرض، محمي من الاختطاف و الضرب و الاغتصاب و العنصرية و الإهانة و الأذى و كراهية الذات و الهجر. خال من الاخطاء. كل الصلاح. بلا نقمة." لتؤكد الكاتبة بهذا الرؤية السائدة /و الساذجة بكل تأكيد/ للولادة على أنها حياة جديدة مليئة بالخير و الصلاح دوماً.

/ لا اجد امرا يدعو للسخرية اكثر من هذا :) /

تحكي الكاتبة القصة على ألسنة شخصياتها فكل يحكيها حسبما يراه بأسلوب لا يخلو من تشويق، لتتيح للقارئ إمكانية الحكم و التفكر بالقضايا المطروحة بأكبر حيادية ممكنة. أحببت هذا الأسلوب بالإضافة إلى ما قامت به من عرض الأحداث المؤثرة في تشكيل البنية النفسية لكل شخصية في الرواية.

و لا شك أن من يقرأها بتأني سيلاحظ الترابط بين اسماء الشخصية و ذواتها فمثلا لولا آن التي اسمت نفسها Bride لم تكن ترتدِ غير الأبيض.

Booker كان دودة كتب و Rain وجدها الزوجان الفقيران في الشارع في يوم ممطر...

رغم هذا فمعالجة القضايا المطروحة كالعنصرية و تأثير العنف في الطفولة لم يكن بالمستوى الذي توقعته.

كما هو المعتاد اظن اني نسيت الكثير لكن هذا يكفي XD

3/5 تستحق القراءة رغم ذلك :)