يوتوبيا هي مدينة الأغنياء وأصحاب السلطة المحاطة بأسوار، فيها كل طرق الرفاهية ومع ذلك يشعر شبابها بالملل فيفعلون أي شيء من أجل المتعة واللذة ولا يوجد أي اعتبار لدين أو أخلاق.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل لهم طقوسًا خاصة بإثبات الرجولة تتمثل في مغامرة يذهبون خلالها خارج أسوار المدينة لاصطياد الفقراء! ثم يعودون بتذكارات على هيئة رجل أو ذراع أحد فقراء خارج الأسوار.
عند تأمل حال هؤلاء نجد أن لديهم كل ما قد يحتاجه أي إنسان ليشعر بالراحة والسعادة والأمان، فلديهم أفضل طعام وشراب ويلبسون أفخر الثياب ويعيشون في أرقى الأماكن ولديهم كل سبل الراحة والرفاهية، ومع ذلك يتصرفون بهمجية حيوانية!
وبنظرة تأملية أخرى لأرض الواقع من خلال التعامل مع عدد من رقيقي الحال أو الفقراء وجدت أنهم في الغالب يكونون لطفاء، وبالرغم من قلة ما لديهم كرماء ويساعدون المحتاج بالرغم من احتياجهم، ودائمًا على لسانهم الحمد وحالهم الرضا، ربما يكون السبب وراء هذه الطباع هو أن الظروف الصعبة مثل الفقر تهذب النفس، أو ربما لأنهم يصبرون أنفسهم وعلى أمنية بصلاح الحال.
بالطبع لا أدعي أن كل الفقراء والمساكين طيبي القلب وخيرين، ولكن هذا هو حال كثير ممن تعاملت معهم شخصيًا، وعند المقارنة بينهم وبين سكان يوتوبيا الذين يتصرفون كالبهائم ويرتكبون كل الرزائل ولا يشعرون بالرضا أو السعادة بالرغم من امتلاكهم كل شيء، وجدت نفسي أفكر : هل المال والسلطة قد يكونا لهما سطوة على النفس، وربما هذا الفقير الطيب حينما يمتلك المال والسلطة قد يتجبر مثل هؤلاء الأغنياء داخل أسوار يوتوبيا؟... ربما يحدث ذلك، وربما المال يحول هذا الطيب الراضي إلى بهيمة تجري وراء لذاتها وتدوس كل من في طريقها من أجل لذة وراء لذة بعد إيلافهم النعم التي لديهم كسكان يوتوبيا.
فما رأيك هل المال والسلطة لهما سطوة قد تغير النفوس لهذه الدرجة؟
التعليقات