بسم الله الرحمن الرحيم
مُقتطَف من كتاب ( حقيقتُنا المُطلَقة ( الحياةُ والكونُ وقَدَرُ الإنسان ) ) ( 4 )
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد،،،
كتاب ( حقيقتُنا المُطلَقة ( الحياةُ والكونُ وقَدَرُ الإنسان ) )، تأليف: إدريان كوبر، نقله إلى العربية: أ.د. منذر محمود محمد، الناشر: دار الفرقد، الطبعة الأولى: 2019م.
( أنت جالس على مقعد في منتزهك المفضل حيث اعتاد جدّاك اصطحاب العائلة عندما كنت طفلاً يافعاً. إنه يوم صيفي دافئ ومثالي وجميل جداً، والشمس فيه تسطع بضيائها البرّاق، كما أن العصافير ترفرف بأجنحتها في السماء، أو تقف على أغصان الأشجار وهي تزقزق بفرح وسعادة؛ وفي هذه اللحظة، يهب نسيم عليل منعش يتموّج فوق البركة في ذلك المنتزه حيث تتمايل براعم أزهار الزنبق بفعل ذلك النسيم نحو الأعلى والأسفل حتى تلامس سطح مياه البركة. تتناثر روائح عطور الأزهار في المكان قادمة من حديقة الزهور المجاورة، كما تنتصب الأشجار من ورائك جميلةً وخضراءَ وهي تصدر حفيفاً بفعل النسيم اللطيف. تستطيع أن ترى وتسمع من بعيد الأولاد وهم يلعبون بسعادة مع أصدقائهم وعائلاتهم.
ملاحظة: استخدم كل الحواس الموجودة في مخيلتك بأقصى ما تستطيع من تكثيف وذلك كي ترى وتحس وتسمع وتشمّ وتلمس وتختبر هذا المشهد بأقصى ما يمكن من الوضوح. يجب أن تحسَّ كما لو أنك جزء لا يتجزأ من المشهد من دون أن ينتاب عقلك أي شك على الإطلاق.
فجأةً، يتراءى لك شخص يسير باتجاهك؛ إنه جدك العزيز الذي توفي منذ عدة سنوات. يسير الهوينا باتجاهك، وبنظرة ملؤها السعادة على وجهه يقول لك: "مرحباً يا جون"، أو مهما كان اسمك، "كيف حالك؟" وأنت تجيب: "أنا بخير"، وتتابع "تفضل بالجلوس، كي يمكننا أن نُجري حديثاً لطيفاً". بعدها، سيجلس جدك إلى جوارك. تخيلْ جدك تماماً كما كنت تتذكره عندما كنتَ أصغرَ سناً بينما تستمر في التحدث إليه. تابع تخيلك جانبيْ الحديث الآن.
يسألك جدك: "هل تتذكر الأوقات السعيدة التي اعتدنا أن نقضيها جميعاً هنا؟" فتجيب: "أجل"، "اعتدنا أن نأتي إلى هنا كل أسبوع في الصيف، وفي أيام الحر الشديد أيضاً، كنت أتطلع إلى تناول الآيس كريم". ملاحظة: تابع هذه المحادثة بالاتجاهين لبعض الوقت وسوف تجد أن الأجوبة الصادرة عن جدك قد أصبحت أكثر تلقائية، وأنها ليست من بنات مخيلتك على الإطلاق؛ عندما يحدث هذا، فإنك ستعرف أنك أسستَ لتواصل يتضمن حضوراً طيفياً حقيقياً لجدك، وأن وعيك الشعوري قد عبر من عالم المادة إلى العالم الطيفي. المشهد حقيقي جداً لأنك أنت من خلقه في العالم الطيفي بواسطة مخيلتك مستنداً في ذلك إلى مشهد استنبطتَه أنت من العالم المادي. هذه عملية خلّاقة استطعت بواسطتها خلق بيئة طيفية، ثم دعوة جدك للقائك ضمن تلك البيئة؛ هذا اللقاء هو لقاء بين جسديكما الطيفين أو نفسيكما الطيفيتين. إن إحساسك بالموقع يمكن أن يكون مختلفاً عما يمكن أن يكون عليه جدك بالموقع نفسه. لقد تم خلق هذا الموقع، مثل أي شيء آخر، من الطاقة الصِّرْفة؛ أما كيف يمكن الإحساس به فيعتمد كلياً على كيفية الطريقة التي يمكن من خلالها فك شيفرة الطاقة، وكيفية تفسيرها بواسطة الحواس الطيفية. من المهم جداً التأكيد على عدم جواز التفكير بهذه الأشياء، بل التركيز كلياً على متابعة الحوار المستمر مع الجد. إذا كنت تشكك في مصداقية حقيقة هذا الوضع، فإنك سوف تفقد بصورة شبه مؤكدة التواصل الطيفي، وتقفل عائداً إلى مستوى وعيك المادي ). الصفحة ( 364 - 365 - 366 ).
{ ماذا يعني أنها لم تعُد من بنات مخيلتك على الإطلاق؟ هل هذا يعني أن أي فرد يمكنه أن يتخيّل حديثٌ خيالي مع شخصية خيالية أو شخصية مُتوفاة، ثم يُصبح حديث الشخصية الخيالية أو شخصية المُتوفي تلقائي من دون أن يتحكَّم فيه المرء؟ فهل هذا يعني إنَّه يفقد السيطرة على خياله، أم إنَّه يبثّ الحياة في خياله ويجعله واقعاً؟ فكيف يكون ذلك؟ فهل المرء بمواصلة الحديث الخيالي مع الشخصية الخيالية أو شخصية المُتوفي بالاتجاهين، فيتحدث بلسانه ولسان الشخصية الخيالية أو بلسان شخصية المُتوفي، سيخلق هذه الشخصية الخيالية أو سيستحضر شخصية المُتوفي، وبالتالي تُصبح المُحادثة حُرَّة من تحكُّم المرء، وتُصبح الشخصية الخياليَّة تتحدَّث عن نفسها وتُصبح شخصيَّة المُتوفي تتحدَّث عن نفسها بحريَّة؟ }.
كتاب ( حقيقتُنا المُطلَقة ( الحياةُ والكونُ وقَدَرُ الإنسان ) )، تأليف: إدريان كوبر، نقله إلى العربية: أ.د. منذر محمود محمد، الناشر: دار الفرقد، الطبعة الأولى: 2019م.
التعليقات