مقدمة الملاذ
**21 ماي 2003**
لا ضمان في الحياة هي لحظة وحيدة كفيلة بتغيير مسار، فقدان أشخاص وظهور آخرين.
لحظة فراق هي من أصعب اللحظات، فراق الأحبة وفقدانهم نرثو ذكراهم، نبحث عنهم في الأماكن والصور بين لحظات فارقة غير مصدقة كان بين يدي وتفتت لأشلاء، كان هنا أراه بالعين حتى بات من الماضي.
في أمسية من أمسيات تلعب مجموعة من الأطفال بين أزقة الشارع بالكورة، منهم من هرب لوالدته ليلعب بكل أريحية دون مراقبة، ومنهم من هم دائمين اللعب في هذا الحي كله عمارات شامخة.
وهناك ليس بعيد سيارة سوداء متوقفة تشاهد لعب الأطفال بكل تحفز وجاهزية لتنقض على طفل كان يلعب معهم، يتضاحك ويجري بالكورة يلعب ويراوغ كهداف محترف، يمررها لصديقه في الفريق ويرجعها له ويسدد للمرمى.
وماهي إلا لحظات غيرت مجرى الحياة في هذا الشارع، وماهي إلا ثواني وإذ بزلزال يضرب بقوة غيّر معالم الخريطة كلها وغيّر حياة الكل، كارثة فتكت بكل شيء قائم لتنهار العمارة وتقلب الأرض على بكرة أبيها، الدمار في كل مكان أطفال يلعبون بالكرة أصبحوا تحت الأنقاض، الدماء في كل مكان ورائحة الموت عمت السماء، والأرض غير الأرض.
المصابين كثر والموتى هنا وهناك في كل مكان والناس مغشية عليهم من هول الدمار الذي لحق بهم، والصدمة لما رأوا الخراب والدماء.
استنفار واستعداد سيارات الاسعاف في كل اتجاه، البحر هائج انزاح من مكانه، أناس هناك عالقين دون نجدة، هذا عرس أصبح ميتم لم ينجوا منه أحدا، والكارثة تطول وتتسع والدمار شامل.
العمارات انهارت كجرف هاوي، أسلاك الكهرباء قطعت والأرض انشقت دمار ليس له مثيل.
وتلك السيارة هناك يترجل منها شخص مهرولا لتلك المجموعة من الأطفال كانت تتضاحك وأصبحت تحت الأنقاض في ثواني فقط، يترجل بلباس أسود بقفازه وملامح صلبة متجهمة.
اقترب منهم بوجل مرتبك بسبب الكارثة، ولكن على ما يبدو منهم من فقدوا حياتهم ومنهم من ينازع من الألم، وطفل هناك يلفظ أنفاسه الثقيلة، اقترب منه يحاول اخراجه والناس من حوله تصرخ وتبكي والكل في نفسه ملته، حاول اخراجه ببطء تحسس وظائفه الحيوية، ليجد ضعف في التنفس وأنه سيفقد وعيه لكنه حي، نزع عنه معطفه يغيره بطفل ملقى ميت هناك ويأخذه معه.
حمل الفتى بين يديه مسرعا للسيارة يتخبّط بين الناس التي هرعت للشارع، إلا أن وصل إليها.
وضعه في خلف السيارة على جانبه الأيسر كي لا يتأثر أكثر بجروحه وحالته تلك.
ركب في الأمام منطلقا بأقصى سرعة ممكنة متجها لمستشفى خاص، أدخله ليتلقى العلاج اللازم، والطفل في يد الأطباء بين الحياة والموت ينازع.
أسرع يخرج من العيادة لسيارته التي كانت بمحاذاة باب العيادة نفسها ركبها منطلقا لوجهة قاصدها.
أشلاء الناس في الأرض الكل فقد عائلته، البشر ينتحبون والحزن في كل زاوية من شارع وحي، هذا ينادي عائلته والدته حبيبته وما من مجيب، لا وسيلة اتصال لا خبر مفرح، الوقت يمضي بالسنين والأعصاب مشدوهة والنتيجة واحدة الناس كلها غارقة في بحر من الدماء،
ليلة سوداء تُخلد في الذاكرة، الموت لا يرحم أحد الكل سواسية في الوجع بدرجات متفاوتة.
وصل الشخص لوجهته وجد مقصده خارج قصره في ساحة كبيرة نصفها واقع على الأرض، ترجل من سيارته يتفقد رب عمله، وهو مذعور من قصره الذي تسوى مع الأرض بطريقة مفجعة:
-"سيد ناصر الطفل أصيب وهو في العيادة التابعة لسيادتكم، وهو بين الحياة والموت، فقد تأثر بجروح بالغة في جسده، لقد أخذته على وجه السرعة ليتم انقاذه وهو بيد الله الآن".
-"أحسنت خير ما عملت، هل انتبه لك أي شخص يعرفك أو يعرفه وأنت تأخذه".
-"لا سيدي لا أظن الكل كان مشغول بنفسه ومصابه يحاول انقاذ نفسه وأقربائه، حجم الكارثة كبيرة في كل الأحياء وشوارع المدينة".
-"عد أنت للعيادة وتابع حالة الطفل، لا يغيب عنك ولا لحظة ووافني بكل المستجدات، سيتم احضار المصابين هناك بما أن الجرحى كثر وخذ حذرك من رؤيتهم للطفل"
-"حاضر سيدي سيتم الأمر في سرية تامة كما تأمر".
-"طبعا هذا ما أريده، وبدون ما أقول لك ما يجب عليك فعله في هذه الحالة، تصرف بسرعة دون ترك أي دليل يديننا أو يذكر اسمي".
-"حاضر، حاضر سيدي عن اذنك".
انصرف الرجل على وجه السرعة ينفذ الأوامر بكل طاعة وخنوع، عائدا للعيادة يهتم بالإجراءات اللازمة حول هوية الطفل بما يخدم سيده، وكأن الزلزال أتى ليخدم ناصر في مصالحه الشخصية.
****
الحياة هي لحظات أسفرت عنها محطات الفقد المُر بكل معانيه الأليمة، اخترقت واحرقت القلب والروح.
لحظة وداع تلك اللحظة التي هزمت قوة القلوب الشامخة في نهاية المطاف، بشعور لا يُعرف كنهه ربما يسفر عنه لقاء بعد غياب أم هو وداع أخير.
الفراق هو فقط جزء مبتور من الروح قائم على أشلائها إلى حين.
لحظة انكسار وانهزام لحظة بكاء القلب دون دموع وأنين يحرق ما بين الضلوع، هي تلك الروح السائرة في جنازة تسمع صراخها الكون سوى البشر، كنت قائما فانحنيت في لحظات غادرة.
****
الأم ثكلى تنعي ولدها، هذا الأب ينعي أسرته لم ينجو أحد، هذا الطفل يبحث عن والدته، بكاء وصراخ عم الأرجاء، رباه العالم انهار، المنازل انهارت، الطرقات تغيرت معالمها، زلزال لم يبقي ولا يذر.
وتلك تجري فازعة إلى الشارع والظلام بدأ يسدل أجنحته، تنادي على ولدها الذي تسحّب من ورائها أين يلعب كعادته مع أصدقائه من الأطفال، تصرخ بألم بفجيعة إن صدق حدسها وكان هناك، تصل لوجهتها والدمار من حولها والأرض تهتز من تحتها، وهي على وشك السقوط.
تسقط تصرخ تنتحب ابنها هنا تحت الأنقاض معالم الوجوه مشوهة لباس مهترئة متسخة بالدماء، دوي سيارات الانقاض، رباه.
من هاذا الذي يحاول امساكها لتنهض من الأرض، لا تشعر بنفسها الأصوات تختلط عليها الأصوات تبتعد تقترب تتسرب من باق وعي، دموع الخوف الفجيعة والقهر، فلذة كبدها هنا تحت الركام، ثواني فقط لتغادر عالم الأحياء تسقط بغياب، لعلى الموت أرحم من وجع ولدها مات.
****
بعد أسبوع
بعد أسبوع كارثي بأتم معنى الكلمة، تم الإعلان عن ضحايا الزلزال والمفقودين في حصيلة ما زالت في تزايد من أول يوم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من لم يعثر عليه، وكل صفحات الجرائد مليئة بالمفقودين للبحث عنهم أطفال كبار نساء والقائمة تطول.
كان أسبوع حافل بالأحداث المؤلمة رائحة الفقد والوداع بلون الدم عمت الأرجاء، الكل ملته بمصابه العظيم، في نفس الأسبوع منهم من تلقى العلاج ونجى منها ومنه من غادرته الحياة.
وبفضل الله ومعجزة منه نجى ذاك الطفل وأصبح بأفضل حال، بعد ما كان يلفظ أنفاسه الأخيرة على نهاية وشيكة.
أتى عثمان بالسيارة أوقفها في الحديقة مترجلا منها ليحمل حقائب سيده، الذي قرر أن يغادر البلاد دون رجعة مغادرا إلى فرنسا في طائرة خاصة تحت اشرافه، صفى السيد ناصر أعماله في الجزائر واستثمر رأس ماله في شركة لتصنيع السيارات بفرنسا، أخذ عائلته منهيا علاقاته بالبلاد، الفعل والنية دون عودة.
فاللحظات هي تلك الثواني التي لم تسعفنا للنجاة، فندرك أثرها بعد فوات الأوان، هل انتهى كل شيء أم هناك بارقة أمل للحياة.
سنة 2014
إننا نعيش لنرى أشياء مرعبة من صنع أيادينا، من صنعنا تتخطى قدرتنا على الاستيعاب !
ثم ماذا ؟
ثم نتساءل لما كل هذا؟
لماذا نفعل في بعضنا لماذا نكسر بعضنا؟
لنكتشف أنفسنا !
نعم نكتشف أنفسنا نحن بشر نحب أذية الغير !
حب الأذية متأصل في الجينات، سعادتنا تنبع حين نرى الغير مكسورين يعانون في حياتهم.
بما أننا لسنا سعداء وحقودين ونطمع ما بين يدي غيرنا من نعم نريد أن يصبحوا مثلنا.
حقودين تعساء، نكره الخير لغيرنا.
سوداوية البعض تجعل منا كبشر نرى الدنيا ولا نقطة فيها بيضاء ولا شعاع نور يضيء كلها سوداء..
نعم ظلام دامس أسود قاتم.
تتخبط الخطى، هنا هناك ولا منجد ولا منقض
سواد من سواد بعض البشر
والطعم مرّ
طعمها مرّ كالح.
الدنيا تضيق وتخنق، يضعف الايمان ينهزم أمام قسوة البشر، يُغيّب العقل، الكل يجرح ويجرم ويجلد
أين المفر؟
ولا مجال هناك للهروب فالوجع قابع بداخلنا..
متشبثا بأعماقنا بطاقة رهيبة..
لا يمكن استئصاله ولا بتره.
إلا بحل وحيد لا غير في عرفها، بجرم عظيم..
أين المفر؟
لا مفر
حالة الاكتئاب مسيطرة عليها والسلبية ملتفة من كل اتجاه حولها، وصوت عقلها الباطن ينحرها نحرا بمهاتاراته، ليس هناك يد تمسك بك، ليس هناك داعم، أنت وحدك فقط في حلقة نيران مشتعلة تحرقك من كل اتجاه، أن تحترق فيها أسلم من محاولة القفز للبعيد.
البعيد الذي كان قريب وأصبح يجرمك أيضا.
يتأرجح الإيمان على أرجوحة الحياة بين العودة واللاعودة.
تسرقها أفكارها وتدفعها لنفق عظيم أغلق سراديبه وكبلها بأغلال من جحيم..
تتمنى الموت تتمنى أنها لم تولد من الأساس...
الموت هو الحل لإقصاء هذا الوجع واستئصاله من الجذور ...
الحل هو البتر !
الحل هو الموت !....
وكأن الكل تآمر ضدها..
الكون تآمر ضدها ينعي خسارتها وهي على حافة الهاوية تسقط للقاع...
تسقط دون أن يلتقفها أحدا...
لتهوي دون عودة !..
دون أمل !.
دون حياة !
****
ننعي خسائرنا بأقسى ما في دواخلنا، لا راحة معها ولا حياة.
هل حياتها لا تستحق كل هذا العناء، لتختار البتر أفضل وسيلة وأسوء وسيلة، هل الانتحار حل لتنهي حياتها، لتنهي نفسها بتلك السهولة....
هل الموت هو التحرر من كل الضغوط.....
تعبت من القتال في الحياة، كلما انتهت وجدت حاجز لردعها من الحياة..
وكان أقرب الناس لها...
تسمع الأصوات تتداخل في عقلها الباطن افعليها..
افعليها وانتهي من كل هذا الوجع، افعليها واحرقي ضمائرهم لعلهم يرتاحون من نهايتك في الحياة....
افعليها واحرقي قلوبهم.
افعليها فهم لم يقدروا حضورك، فاجعليهم يقدرون غيابك.
افعليها فقط افعليها....
وهذا الذي كان.
****
لم يعد لها طاقة أن تقف أمام خذلان آخر، تريد أن ترتاح، رغبتها في الاختلاط بالبشر منعدمة، تريد الوحدة والانعزال، الابتعاد من العالم من الحياة من الألم فاختارت أسهل الطرق وأبشعها.
تشعر أنها في أسوأ حالاتها.
تريد هدنة من العالم!.
هدنة أبدية . !
****
أسرعت تأخذ أدوية والدتها للقلب، تبلعهم على نفس واحدة دون تفكير والعقل مغيب بضمير غائب عن الحياة، والهدف راحة أبدية.
راحة من الدنيا.
وهي راحة آنية، وجع يحرق العيون والدموع لقت أخيرا مجراها على الخد.
تبكي وتبكي تنشد تلك الراحة
تلك النشوة بعد الفعل..
تلك النشوة بين الحياة والموت
الخوف الذي تسرب رهبة لقاء الله الخوف ثم الخوف والعودة للفطرة بعد فوات الأوان !
قد فات الأوان !
هل جربت أن تموت؟
لا عفوا في السؤال !
السؤال هو:
هل جربت أن تحيا؟
نشوة وضعف.
فوز وهزيمة.
انتشاء والعيون تغلق أجفانها.
لحظات أخيرة لحظات النهاية
تقترب رويدا ثم مهرولة
ازدادت ضربات القلب، العقل الباطن المقهور ينادي أحسنت فعلتها !...
فعلتها ارتاحي الآن !.
خذي نفس طويل...
خذي آخر نفس بالحياة..
الدنيا سوداء الدنيا ليس لها لون.
الموت أسود
رداء الموت أسود
الغرفة باردة كبرود ساكنيها
والوداع غائب يلتف مغادرا للبعيد..
الموت ينادي بكل طاقته..
ضحكة فبسمة والقلب فأعلن توقفه
ثم سقوط مدوي على الأرض
إنها النهاية وهزائمها بالحياة تنتهي..
وابتعادها عن العالم تحقق
الابتعاد عن الحياة تحققت وتركت العالم بعدها يحترق
هل قدروا غيابك الآن؟
**
وكأن أمها افتقدت شغبها، افتقدت روحها، لكن لما قلبها مقبوض وكأن الألم طالها دون دراية، دون علم.
اتجهت لغرفتها تطرقها بروية، لم تسمع سوى خرير وحشرجة الصوت، انقبض قلبها أكثر، كل الأفكار السوداوية تطفو إلى السطح، بهرولة فتحت الباب لتجدها ممددة على الأرض خائرة القوى.
صرخة هزت أركان البيت ليهرول لها كل من فيها، تقترب تصرخ تنادي تدعوا وتدعوا.
أسرع أخوها يتصل بالإسعاف، وما هي إلا بضع دقائق من جحيم وصلت، ليتم نقلها إلى المستشفى.
****
نسيت تفاصيل الحدث، نسيت ما شعرت به من ألم، ولكن من المستحيل أنى أنسى تفاصيل المتسبب، لا أنسى فاعله أعرفه كما أعرف كف يدي من خطوط الألم وبصمات الوجع.
كنت أبتعد عن أذاها واعتزل العالم بسببها، لكن طالني أذان حتى في نهايتي.
حتى لم تجعل لي سببا للعيش دون أن أتأذى منها في الحياة والموت.
هل ارتاحت الآن !
****
أجبروني على الوقوف وأشاهد أحلامي تموت، وأشاهد كيف يكفنونني ويدفعونني للقبر لأواري مثواي الأخير، على يد كنت أحسبها أمينة على حياتي.
فكانت تلك الأمينة من دفعتني دفعا لنهايتي.
تلك الأمينة ابنة خالتي !
****
بغرفة بيضاء تعبق برائحة الأمصال والأدوية التي تزيد من الغثيان والاشمئزاز، وبقلوب وجفة متضرعة خوفا ورهبة من الموقف من ومن الاحساس الغادر الذي اجتاح الكيان، الكل هنا يترقب يجزع وينتظر، والعديد من المخاوف تنخر الجسد ليصاب ببرودة قاتلة.
الغرفة تفوح بحزن قاتل مدمر، هنا أمرين لا ثالث لهما أن تمد الأنفاس أو تخمد للأبد بمشيئة الله، هنا حياة أو موت.
برهبة وجيوش الخوف الرابضة بالأحشاء والعيون شاخصة الأبصار، ورائحة الموت القاتم ينشر عبقه في الأرجاء.
أخيها والدها أمها، صديقاتها يرتجفن فمحيطهن كله لا يبشر بخير.
صديقاتها حين سمعن بالخبر أتيْن مسرعات غير مصدقات بأن ايمان وصلت لمرحلة لا عودة وأقدمت على محاولة انهاء حياتها، يرتجفن رعبا إن حدسهن أصدقنهن.
فالأمس استيقظت حنان على كابوس قض مضجعها تركنها مرعوبة تنتظر هول القادم المرعب، فأحلامها دائما صادقة الحدوث، والرعب أتى ساعات قليلا بخبر صدمها ولم يخطر على بالها، لتسرع وتخبر آنيا وديهيا والذي لم يكن حالهما أقل منها، فالتقين خارج المشفى خائفات دموعهن على أيل السقوط.
الكل يدعي ويتضرع، يا رب سلم، يا رب، بدموع الخوف والحاجة لا ملجأ إلا إليك.
-" نذرا عليا أن أقدم الغالي والنفيس فلا يصيبها مكروه"
كان دعاء والدتها التي جعلت دموع الحاضرات تنفجر وتنشد الدعم مع بعضهن البعض، اقتربت آنيا تواسي الوالدة المكلومة على ابنتها تعانقها دون كلام.
فالموقف أصعب من الكلام وأي كلام هنا سيدركه العقل الشارد بفكره في هول المجهول القادم، وكأن الوقت أوقف عقاربه لا يريد أن يمضي.
بصبر يائس، وروح واهنة تآكلها الظنون، وألف حساب دون نتيجة، انتظار وانتظار، الجسد في قاعة الانتظار سينهار.
من بعيد هناك قادم بمئزر أبيض وعلامات الحزن وبخطوات واهنة، أنبأت بالجالسين أن النهاية سُطرت.
الموت يغدر بسهم قاتل للبشر ويرديه جثة تغادره الروح لمالكها،
الكل انفجر يبكي ألمه يبكي حسرته، الرؤية مشوشة والصورة سطرت دمغت بالفقد إلى يوم يبعثون.
وأسفاه عليك يا قلب نبض وترك خفقاته ذكرى تحرق النجوى، بحياة تائه مربوطة طوقت حبل مشنقة بنقطتين واحد حطت على نهاية سطر والأخرى كانت تمهيدا لتاء مفتوحة بموت.
فالحياة لم تعد تتسع لأنفاس ايمان لتحتض بكفن الموت، ماتت ايمان، ومات الفرح وخيم الحزن على قلوب احترقت، ماتت من حملت اسم الايمان بغدر بأكذوبة دمرت حياتها وأحرقت قلوب الكثير.
وعلى روحها الطاهرة السلام فقد أسلمت تلك الروح لبارئها.
****
-يتبع-
بقلم فهيمة بوذياب
التعليقات