بسم الله الرحمن الرحيم
مقتطفات من كتاب (قواعد السطوة)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
كتاب (قواعد السطوة)، تأليف: روبرت جرين، المترجم: د. هشام الحناوي، الطبعة الأولى 1432هـ - 2011، الناشر: إيلاف معات لعلوم النفس والشخصية.
1- ( القاعدة 10-141
احذر من البائسين حتى لا تنتقل إليك عدواهم
بؤس الآخرين قد يقتلك – فالمشاعر معدية كالمرض. قد تظن أنهم غرقى وأنك تساعدهم بينما أنت بذلك لا تفعل سوى أن تدفع بنفسك إلى الكارثة. البائسون أحياناً يجلبون العسر لأنفسهم وقد يجلبونه لك أيضاً. دعك منهم وخالط السعداء والمحظوظين حتى ينتقل إليك حظهم). الصفحة (9).
{ (ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قمت على باب الجنة، فكان عامة من دخلها المساكين، وأصاحب الجَدّ محبوسون... ).
( وفي الصحيحين أيضاً: "اطلعت في الجنة، فرأيت أكثر أهلها الفقراء".(
(وقد جاء في شأن التواضع وفضل المتواضعين ما رواه البخاري ومسلم من حديث حارثة بن وهب قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا أخبركم بأهل الجنة: كل ضعيف متضعِّف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار: كل عتل جواظ مستكبر".
قال النووي -رحمه الله-: ضبطوا قوله متضعف بفتح العين وكسرها. المهشور الفتح، ولم يذكر الأكثرون غيره، ومعناه: يستضعفه الناس ويحتقرونه، ويتجبرون عليه لضعف حاله في الدنيا، يقال: تضعّفه واستضعفه، وأما رواية الكسر فمعناها: متواضع متذلل خامل واضع من نفسه. ) }. (موقع إسلام ويب).
2- ( القاعدة 14-177
تودد كصديق لتراقب كجاسوس
من الأمور المصيرية أن تكتشف أسرار منافسيك، وعليك أن تخصص لهم جواسيس يأتونك بأخبارهم حتى تكون لك الأسبقية عليهم. والأفضل أن تتجسس أنت لنفسك. في المناسبات الاجتماعية تصرف كمحقق سري واطرح الأسئلة بطرق لبقة وخفية حتى يكشف لك الناس عن نواياهم ونقاط ضعفهم. انتهز كل فرصة لتكتشف أسرار من حولك). الصفحة (10).
{ قال تعالى: (( وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12) )). (سورة الحجرات) آية (12). }.
3- (القاعدة 20-236
لا تلزم نفسك بالولاء لأحد
الأغبياء وحدهم هم من يتسرعون في الانحياز لأحد أطراف الصراع. اجعل ولاءك لنفسك فقط ولا تلزم نفسك بمناصرة أحد. حفاظك على استقلالك يجعلك تتسيد الآخرين، فتأليبك للصراع بينهم يجعلهم جميعاً يطلبون دعمك وتأييدك). الصفحة (12).
{ قال تعالى: (( كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) )). (سورة المائدة) آية (64). }.
4- (أخيراً؛ عليك أن تعلم أن لا شيء في السطوة يتطلب منك أن تكون دنيئاً؛ بل أن البراعة تساعد حتى التافه الحقير على إخفاء ضعفه ودناءته لأنها تقدم له الوسائل للتحايل حتى لا يكشف الواقع جوهره الحقيقي؛ تماما كما يساعد الطلاء البراق على إخفاء حقيقة المعادن الرخيصة. لكن الزيف ينكشف بعد حين ولا تكفي كل براعة العالم في إخفاء الأنفس الدنيئة للأبد. وإن رأيت شخصا يتبجح بدنائته حتى ولو كان في أعلى مقامات السطوة فلتتوقع سقوطه سريعا لأن ذلك يعني أنه قد فقد براعته وسيطرت عليه نفسه الخائرة والمغرورة). الصفحة (27).
5- (من الاستراتيجيات الأخرى التي يستخدمها من ينكرون سعيهم للسطوة الدفاع بحماس عن المساواة بين الناس في كل شئون الحياة مهما كانت إمكاناتهم وقدراتهم؛ لكن المساواة لا تحل فساد السطوة بل تزيده سوءا لأنها تعني تجاهل حقيقة أن الله رفع الناس بعضهم فوق بعض درجات حسب قدراتهم، وأن فرض المساواة يعني الرفع من شأن الأقل مهارة والحط من شأن المتميزين... ). الصفحة (31).
{ قال تعالى: (( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165) )). (سورة الأنعام) آية (165).
وقال تعالى: (( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (32))). (سورة الزخرف) آية (32).
6- (يمكنك أن تتعرف بسهولة على من يتبرأون من اللعب للسطوة من تباهيهم بالتقوى والورع والفضيلة، لكن لو تأملتهم جيدا لوجدتهم مثلنا جميعا متعطشين للسطوة بل أنهم من أمهر اللاعبين من أجلها، وما استعراضهم المسرحي للتقوى إلا وسيلة لذر الرماد في العيون حتى لا يكتشف الآخرون حيّلهم. بعض هؤلاء لا يشعرون بالفعل أنهم يتلاعبون من أجل السطوة، وإن واجهتهم بالألاعيب والحيل الواضحة التي يمارسونها طوال الوقت يفزعون ويعترضون ويتهمونك بالافتراء). الصفحة (32).
{ قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ )). (سورة الحجرات) آية (12).
وقال تعالى: (( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) )). (سورة التوبة) آية (79).
(قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الذين يلمزون المطوّعين في الصدقة على أهل المسكنة والحاجة, بما لم يوجبه الله عليهم في أموالهم, ويطعنون فيها عليهم بقولهم: " إنما تصدقوا به رياءً وسُمْعة, ولم يريدوا وجه الله " (54) = ويلمزون الذين لا يجدون ما يتصدَّقون به إلا جهدهم, وذلك طاقتهم, فينتقصونهم ويقولون: " لقد كان الله عن صدقة هؤلاء غنيًّا!" سخريةً منهم بهم =(فيسخرون منهم سخر الله منهم.() }.
7- (لا يمكن إتقان استراتيجيات السطوة تلقائيا ولا أحد يولد وهو يملكها؛ فهي تتطلب طريقة معينة للنظر للعالم والتدرب لسنوات لاكتساب المهارات التي تمكنك من تطبيق هذه القواعد بسهولة.
أول هذه المهارات وأهمها أن تتحكم بانفعالاتك، فالتعامل مع المواقف بانفعال هو أكبر ما يعيقك عن اكتساب السطوة. ربما يشعرك التعبير بحرية عن انفعالاتك بالراحة اللحظية لكنه يخسرك الكثير على المدى الطويل. المشاعر تشوش العقل وتفقدك الرؤية الواضحة وهذا يمنعك من التأهب والاستجابة باقتدار لما يواجهك من تحديات). الصفحة (33).
8- (انتهاك القاعدة:
كان نيقولاس فوكويه وزير خزانة لويس الرابع عشر رجلا سخيا يحب الحفلات والنساء والشعر، كما كان يحب المال وكان ينفقه ببذخ على حياته المسرفة. كان ماهراً في عمله ولم يكن الملك يستغني عنه، ولذلك حين مات رئيس الوزراء جول مازارين سنة 1661 توقع فوكويه أن يخلفه لكن الملك قرر إلغاء المنصب. لذلك ولأسباب أخرى اعتقد فوكويه أنه يخسر الحظوة لدى الملك فقرر أن يستعيد تقدير الملك له بإقامة حفل لم يشهد له العالم مثيلا من قبل. كان السبب المزعوم للاحتفال هو انتهاء فوكويه من تشييد قصره الذي أسماه فو لو فيكونت؛ لكن الغرض الحقيقي كان إظهار الإجلال للملك الذي حضر كضيف شرف للحفل.
ضم الحفل أشهر النبلاء في أوروبا وبعضا من أعظم مفكريها من أمثال لا فونتين ولا روشفوكو ومدام سفينييه، وكتب موليير مسرحية لهذا المناسبة مثّل فيها بنفسه في نهاية السهرة. بدأ الحفل بعشاء من سبع أطباق متتابعة تضم أطباق من الشرق لم يتذوقها الفرنسيون من قبل إضافة لأطباق تم إبداعها خصيصا من أجل هذه الليلة، وقد صاحب العشاء موسيقى أوصى فوكويه بتأليفها تكريما للملك.
بعد العشاء بدأت جولة في حدائق القصر، كانت أرضيات ونافورات القصر إلهاما فنيا رائعا لقصر الفرساي الذي بُني فيما بعد.
اصطحب فوكويه الملك الشاب شخصيا في جولة بين الشجيرات ومزاهر الورود الموّزعة في تشكيلات هندسية جميلة. عند وصولهما لقنوات الحديقة كان عرض الألعاب النارية قد بدأ ثم تلاه عرض لمسرحية موليير. انتهى الحفل في وقت متأخر من الليل وشهد الجميع بأنه أروع ما حضروه من حفلات.
في اليوم التالي قام دارتينيان أحد فرسان الملك بالقبض على فوكويه، وبعد أشهر تمت محاكمته بتهمة السرقة من خزانة الدولة (رغم أن معظم السرقات التي اتُهم بها كانت لصالح الملك وبأمر منه). أدين فوكويه بالتهم المنسوبة إليه وأرسل إلى أكثر السجون عزلة في فرنسا في أعالي جبال بيريني حيث قضى العشرين عاما الأخيرة من عمره في حبس انفرادي.
التعليق:
كان الملك لويس الرابع عشر "الملك الشمس" مغرورا ومتكبرا وراغبا في أن يكون دائما في بؤرة الضوء ولم يكن ليسمح بأن يفوقه شخص آخر في المجد والتألق خاصة إن كان هذا الشخص يعمل تحت إمرته. اختار لويس خلفا لفوكويه جان بابتيست كولبير على أن يذهب أي مال يخرج من الخزانة مباشرة ليد لويس. بهذه الأموال بنى لويس قصر الفرساي وهو أعظم حتى بكثير من قصر فوكويه؛ وقد استخدم في بنائه نفس المهندسين ومصممي الزخارف والحدائق. وفي الفرساي أقام لويس حفلات أكثر بذخا من الحفل الذي أفقد فوكويه حريته.
دعونا نتفحص الموقف، ليلة الحفل كان فوكويه يعرض على الملك مشاهد يتفوق كل منها على سابقه ظنا منه أن ذلك يظهر ولاءه وتقديره للملك. كان يحسب أن ذلك يعيد إليه الحظوة ويبين للملك رقي ذوقه وعلاقات وشعبيته ليعرف كم سيكون رئيس وزراء متميز إن عيّنه في هذا المنصب. لكن على العكس كان كل مشهد يُعرض وفي كل مرة كان فوكويه يتلقى إعجاب الحاضرين كان لويس يشعر بالغيظ من أن فوكويه يأخذ منه إعجاب أصدقائه وأتباعه ومن أنه يتباهى أمامه بثروته وسطوته. كان الحفل إهانة لكبرياء الملك. لم يبح لويس لأحد بمشاعره بل انتهز عذرا ملائما ليتخلص من الرجل الذي عن غير قصد أشعره بالخور والتهديد.
يتلقى ما يشبه هذا المصير كل من يربك إحساس أوليائه بذاتهم أو يهدد كبرياءهم أو يقلل من تألقهم). الصفحة (40-41).
9- (العلماء ليسوا مستثنين من تقلبات حياة الحاشية ومحسوبيتها، فهم أيضاً يخدمون أولياء لديهم حافظات نقود، وقد تسبب قدراتهم الفكرية الكبيرة بعض القلق لأوليائهم والذين قد يشعرون بأن دورهم الوحيد هو دفع النفقات – وهو عمل قبيح ومهين. منتج أي عمل عظيم يرغب في أن يظهر أكثر من مجرد ممول، يريد أن يبدو خلاقا ومبدعا بل حتى أن يبدو أكبر من العمل الذي يُنتج باسمه. امنح وليّك الإحساس بالمجد وليس بالتهديد). الصفحة (43).
{ فإن إعانة طالب العلم على مواصلة الطلب من أهم ما ينبغي أن ينفق عليه، ولو أن شخصًا وفقه الله فقام بكفالة طالب علم، فنرجو أن ينال مثل أجره بسبب دلالته، وتجهيزه له وإعانته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدال على الخير كفاعله. رواه الترمذي، وقال أيضًا: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا. رواه مسلم. }.
10- (مفاتيح للسطوة:
لا أحد يثق بنفسه ثقة تامة فلدينا جميعا نقائص تجعلنا نشعر بالخور والتهديد، وحين تُظهر نفسك وتستعرض مواهبك تحرك لدى الآخرين الأحقاد والحسد والمشاعر الأخرى التي يولّدها الخور. عليك أن تتوقع ذلك. ليس عليك أن تخشى إثارة هذا الشعور بالدونية لدى الجميع، لكن يختلف الأمر حين تتعامل مع رؤسائك: لأكبر الأخطاء في لعبة السطوة هو أن تظهر تفوقك على وليك). الصفحة (43).
11- (اقتباس من معلم: لا تظهر أبدا تفوقك وتألقك على وليك. التعالي مكروه دائما ولكن تألقك على رئيسك ليس غباء فحسب لكنه قاتل. تعلم من نجوم السماء فهي لا تقل عن الشمس في جوهرها أو إشعاعها ولكنها تخفت ولا تُظهر نفسها أبدا حين تشرق الشمس في السماء. (بالتسار جراتسيان، 1601_ 1658) ). الصفحة (47).
12- (في خطاب لإبراهام لنكولن في ذروة الحرب الأهلية ورد وصفه للجنوبيين بأنهم "إخواننا من البشر أخطأوا". وبّخته عجوز لعدم وصفهم بالأعداء الذين لا يمكن الصلح معهم والذين عليه أن يمحقهم، فأجابها "لم سيدتي، أوليس جعل الأعداء أصدقاء هو محق لأعدائي؟"). الصفحة (54).
13- (حين تقوم بتوظيف صديق تكتشف تدريجيا الخصال التي كان يخفيها، وستعجب حين تجد أن عطفك وأفضالك عليه هي أكثر ما تفسد الأمور بينكما، فكل إنسان يحب أن يفتخر بأنه حقق نجاحه بجدارته ولا أحد يحب من داخله أن يمن عليه صديقه بمركزه ومكانته. هناك مسحة من التعالي في توظيف صديقك تجعله يشعر في أعماقه بالتجريح والمرارة، وسيزداد بالتدريج تعبيره عن هذه المرارة في تصرفات تتسم بالصراحة الفجة أو بالاستياء أو حتى الحسد وكراهية نجاحك، وقبل أن تدرك حقيقة ما يحدث ستكون صداقتكما قد انتهت... ). الصفحة (54).
{ قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) )). (سورة البقرة) آية (264).
وقال تعالى: (( وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ۚ )). (سورة التوبة) آية (74).
14- (كان ماو تسي تونج يرى في الصراع وسيلته لاكتساب السطوة. في عام 1937 حين احتل اليابانيون الصين توقفت الحرب الأهلية التي كانت تدور بين الشيوعيين بقيادة ماو وأعدائهم من القوميين.
اقترح بعض القادة الشيوعيين أن يتركوا القوميين يحاربون اليابانيين الأقوياء وأن يستفيدوا هم من الوقت في التعافي وحشد الأنصار. رفض ماو هذا الرأي لأنه كان يعرف أن اليابانيين سينهزموا في النهاية لأنهم لن يستطيعوا أن يحتلوا بلدا متسعا كالصين لفترة طويلة، وإن ظل الشيوعيين خاملين بلا قتال لهذه السنوات سيصيبهم الفتور والتراخي ولن يتمكنوا من استئناف الصراع مع القوميين. كانت مواجهة عدو قوي كاليابان ستوّحد الجيش المهلهل للشيوعيين وتدربهم على تركيز ضرباتهم. وافق القادة على خطة ماو، وحين انسحب اليابانيون لاحقا كانت لدى الشيوعيين الخبرة القتالية الكافية لهزيمة القوميين.
في مرحلة متأخرة تقدم دبلوماسي ياباني باعتذار لماو عن غزو بلاده للصين، فقاطعه ماو "أو ليس لي أن أشكرك؟" وشرح للزائر أنه بدون عدو كفؤ لا يمكن لأي كيان سواء فرد أو جماعة أن يقوى ويرسخ مكانته). الصفحة (57).
15- ( اقتباس من معلم: تعلّم كيف تجعل أعداءك يعملون لصالحك تماما كما تسخّر السيف للدفاع عنك بإمساكه من مقبضه وليس من نصله الجارح. الحكيم يستفيد من أعدائه أكثر مما يستفيد الأحمق من أصدقائه (بالتسار جراتسيان، 1601_1658) ). الصفحة (58).
16- (لا تستهن بقدرة تافاري [هيلا سيلاسي] فهو يتسلل كالفأر ويضرب كالأسد
كلمات بالشا الأخيرة قبل أن يلتحق بالدير). الصفحة (74).
17- (كان في بلاط مملكة واي الصينية القديمة رجل اسمه مي تسو هسيا عُرف بالتحضر والكرم وكان مقرّبا من الحاكم. وكان من قوانين المملكة أن "أي رجل يستخدم سرا عربة الملك تقطع قدماه" لكن حين مرضت والدة تسو هسيا أخذ عربة الملك ليزورها مدّعيا أن الملك سمح له بذلك. حين عرف الحاكم بهذا الأمر قال "كم يتفانى تسو هسيا في حب أمه إلى حد ارتكاب جريمة قد تعرضه لقطع قدميه".
مرة أخرى كان الرجلان يجولان معا في البستان، أكل تسو هسيا ثمرة كمثرى ولم يكملها فأعطى النصف الآخر للحاكم ليأكله، فعلّق الحاكم "أنت تحبني لدرجة تنسيك أن طعم لعابك على الثمرة فتعطيني لآكلها".
إلا أن الحاقدين على مي تسو هسيا استطاعوا تدمير سمعته وترويج أنه في حقيقته شخص متغطرس ومراوغ، فأعاد الحاكم رؤية أفعاله في هذا الضوء الجديد. قال لحاشيته في غضب "لقد استخدم عربتي مدعيا أني سمحت له، وفي مرة أخرى أعطاني ما تبقى من ثمرة أكلها". نفس الأفعال التي أعجبت الحاكم حين كانت لمي تسو هسيا الحظوة هي التي يُعاقب عليها الآن، وكان مصير قدميه معتمدا فقط على قوة سمعته). الصفحة (93).
18- (يحتاج المجتمع إلى رموز تتجاوز قصر الحياة؛ إلى أشخاص يبرزون فوق المعتاد والشائع، لذلك لا تخشى من خصالك التي تفرقك عن الآخرين وتجذب إليك الانتباه، ولا من اختلاف الناس في آرائهم حولك أو حتى من الفضائح. فالأفضل لك أن تُهاجم أو حتى تُشوه سمعتك عن أن يتجاهلك الناس. كل المهن تحكمها هذه القاعدة، فكل مهنة تحتاج إلى مسحة من الاستعراض). الصفحة (103).
{ عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَمْ مِنْ أشعثَ أغبرَ ذي طِمْرَينِ لا يُؤْبَهُ له لو أقسم على الله لأَبَرَّهُ، منهم البراء بن مالك".
[حسن] - [رواه الترمذي].
(موسوعة الأحاديث النبوية)}.
19- (حين تعرف إديسون على تسلا عينه فورا، وأخذ تسلا يعمل ثمان عشرة ساعة يوميا لابتكار طرق لتطوير مولد كهرباء إديسون البدائي، وفي النهاية قرر أن يعيد تصميمه كليا، وقد رأى إديسون أن ذلك عمل ضخم يمكن أن يستمر لسنوات قد تضيع دون فائدة، لكنه أخبر تسلا "سأمنحك خمسين ألف دولارا إن نجحت في هذا الابتكار". عمل تسلا ليلا ونهارا وبعد عام واحد فقط استطاع تحسين المولد تحسينا كبيرا وجعله يعمل بتحكم آلي، فذهب إلى إديسون يزف إليه الأخبار ويطالبه بالخمسين ألف دولار. فرح إديسون بالتطوير لأن الفضل كان سيعود عليه وعلى شركته أما فيما يختص بالمال فقد للعالم الشاب "تسلا. أنت لم تفهم بعد الدعابة الأمريكية" ومنحه بدلا من ذلك علاوة صغيرة). الصفحة (116).
20- (في عام 1917 وكانت خاتمة لسنوات من الفقر والمعاناة لتسلا، أخبروه أنه سيحصل على ميدالية إديسون من الجمعية الأمريكية لمهندسي الإلكترونيات، فرفض الميدالية قائلا "تقدمون لي ميدالية أثبتها في معطفي وأتخايل بها هزلا أمام أعضاء جمعيتكم، تزينون جسدي وتتركونه يموت جوعا لأنكم رفضتم الاعتراف بما أنتج عقلي من اختراعات شكلت أساسا لمعظم ما تقوم عليه جمعيتكم"). الصفحة (117).
21- (في التجارة والصناعة الجميع يسرقون. كثيرا ما سرقت أنا نفسي ولكنني أعرف كيف أجيد السرقة. (توماس إديسون، 1874- 1931) ). الصفحة (118).
22- (التعليق:
لم تُعرف تفاصيل هرب نابليون الدرامي من جزيرة إلبا إلا بعد ذلك بسنوات. قبل أن يقدم نابليون على هذه الخطوة الكبيرة كان زواره يخبرونه بأن شعبيته في فرنسا أعلى من أي وقت مضى وأن الناس سيتضامنون معه مرة أخرى. أحد هؤلاء الزوار كان قائد جيوش النمسا الجنرال كولر والذ أقنع نابليون أنه لو هرب سترحب سلطات أوروبا ومنها بريطانيا بعودته للعرش، واستنتج نابليون أن الأسطول الإنجليزي سيسمح له بالفرار، والحقيقة أن هروبه قد تم في وضح النهار على مرأى من عدسات المراقبة لدى الإنجليز.
ما لم يعلمه نابليون هو أن رجلا واحدا كان وراء كل هذه الأحداث ويمسك بكل خيوطها، وأن هذا الرجل هو وزير خارجيته السابق تاليران، وأنه لم يفعل ذلك لاسترجاع أيام المجد السابق بل لسحق نابليون نهائيا. كان تاليران يعارض قبل ذلك بفترة طويلة تهديد طموح نابليون لاستقرار أوروبا واعترض حين حكموا عليه بالنفي إلى جزيرة إلبا، وكان يؤمن بأن أوروبا لن تنعم بالسلام ما لم يتم نفي نابليون إلى مكان بعيد، لكن أحدا لم ينصت إليه.
بدلا من محاولة فرض رأيه قام تاليران بالانتظار والترقب والعمل بهدوء وفي النهاية كسب إلى صفه كاسلراي ومترينيخ وزيري خارجية إنجلترا والنمسا.
عمل الرجال الثلاثة معا على إغراء نابليون بالهرب، بل أن وسوسة كولر له بالمجد الذي سوف يلقاه كانت جزءا من الخطة. تصرف تاليران كمقامر محترف وأعد لكل شيء مسبقا وكان على ثقة من أن نابليون سيقع في الفخ الذي نصبه له، وكان واثقا أيضاً أن نابليون سيقود فرنسا لحرب لن تستمر – نتيجة ضعف البلاد – لأكثر من أشهر قليلة. قال أحد الدبلوماسيين في مؤتمر فيينا كان يعلم أن تاليران هو مخطط هذه الأحداث أنه "أشعل النيران في المنزل ليخلصه من الطاعون"). الصفحة (125- 126).
23- (في وقت ما من العصور الوسطى قام جندي مرتزقة لم يذكر التاريخ اسمه بإنقاذ مدينة سيينا من معند خارجي، فتحيّر المواطنون كيف يكافئونه؟. لم يكن أي مال أو منصب يكافئ حفاظه للمدينة على حريتها، فكروا أن يجعلوه حاكما ولكنهم لم يروا في ذلك تعويضا كافيا. قام أحدهم وخاطب الجمع المحتشد لمناقشة هذا الموضوع وقال "فلنقتله إذن ونعبده كقديس يرعى المدينة" وفعلوا ما أشار به عليهم.
كان الكونت كارمانيولا من أنجح الجنود المرتزقة وأكثرهم شجاعة. في عام 1442 كان مجندا لصالح مدينة البندقية في حربها الطويلة مع فلورنسا. تم استدعاء الكونت فجأة إلى البندقية ولأنه كان محبوبا من شعب المدينة لذلك استقبله الناس بكل مظاهر التكريم والحفاوة، وكان مقررا أن يحضر مأدبة عشاء مع القاضي في قصره. لكن في طريقه إلى المأدبة لاحظ أن الحراس يأخذونه إلى طريق غير الطريق المعتاد، وحين عبر جسر التنهدات الشهير عرف فجأة إلى أين يأخذونه، إلى السجن حيث تمت إدانته بتهمة ملفقة وفي اليوم التالي وفي ميدانبيازا سان ماركو وأمام جمع مرتعب لا يعلم سر هذا التغير في الأحوال، تم قطع رأسه). الصفحة (151).
24- (في عصر النهضة كانت العقبة الأساسية التي تواجه أي فنان هي أن يجد راعيا مناسبا، وكان مايكل أنجلو أفضل من يفعل ذلك: كان راعيه هو البابا يوليوس الثاني، إلا أنهما تشاجرا معا بشأن بناء القبر الرخامي للبابا وغادر مايكل أنجلو روما غاضبا. اندهش رجال الكنيسة من أن البابا لم يمتنع عن طرد مايكل أنجلو فحسب بل بحث عنه وتوسل إليه – ولكن بكبرياء – أن يبقى. كان البابا يعلم أن مايكل أنجلو سيجد قطعا راعيا آخر لكنه لن يجد أبدا مايكل أنجلو آخر). الصفحة (156).
25- (اقتباس من معلم: احتفظ باعتماد الناس عليك فسوف تجني من اعتمادهم عليك أكثر مما تجنيه من لطفهم معك. من يروي عطشه يدير ظهره فورا للنبع لأنه يكتفي منه. وحين يزول اعتماد الناس عليك ينتهي تلطفهم وأدبهم معك وبعدهما يزول احترامهم لك. الدرس الأول الذي تعلمه لك الخبرة هو أن تجعل من حولك يتوقعون منك الكثير دون أن تروي ظمأهم أبدا حتى لا يستطيع الملك نفسه أن يستغني عنك. (بالتسار جراستيان 1601-1658) ). الصفحة (158).
26- (حين كان رجل الدولة والقائد العسكري رومون ماريا نارفاينر (1800-1868) على فراش الموت سأله الواعظ "هلا عفوتم عن أعدائكم جميعا يا صاحب السعادة؟" فأجابه نارفاينر "ليس علي أن أعفو عنهم لأنني قتلتهم جميعا"). الصفحة (191).
27- (انتهاك القاعدة:
كان شين شه هوانج تي – أول إمبراطور للصين (220-210 ق.م) – أقوى رجل في عصره، وكانت إمبراطوريته أكبر وأقوى من إمبراطورية الإسكندر الأكبر، فقد استطاع أن يستولي على كل ما حوله من الممالك ووحدها جميعا في مملكة واحدة كبيرة هي الصين التي سميت تيمنا باسمه، لكن في السنوات الأخيرة من حياته كان من الصعب أو المستحيل لأحد أن يراه.
كان الإمبراطور يعيش في أروع قصر بُني حتى حينه في العاصمة هسين يانج، وكان بالقصر 200 جناح تتصل مع بعضها البعض بممرات سرية تحت الأرض وتسمح للإمبراطور بأن يتجول بأرجاء القصر دون أن يراه أحد، وكان ينام في غرفة مختلفة كل ليلة، وكل من يراه ولو غير عامد تقطع رأسه. لم يعرف إلا القليلون عن أحواله، وحتى هؤلاء إن أفشوا بما يعرفون كانوا يعاقبون أيضاً بالموت). الصفحة (216).
التعليقات