• اجلس في المكان ذاته ، بعد خمسة سنوات ، انا ونفسي وسيجارتي ، أأصبحت من المدخنين ؟ كنت لا تطيقين شمّ رائحتها وتبتعدين اينما حلّ دخانها! لا اعلم ما الذي دفعني الى ان اشعل اول سيجارة لي ، كيف لشيئ كنت تبغضه تصبح معشوقاً له ، مدمناً وجوده ، كيف لذلك ان يحدث بين ليلة وليلة ؟ الم يلفت انتباهك شيئ ما ؟ انني اصبحت اعشق ساعة خلوتي مع سيجارتي وتأقلمت مع رائحتها حتى اصبحت جزءاً مني تدخل رئتي واستقبلها انا بصدر رحب, فأنا من دعوتها وعلى اشدّ يقين انها ستقتلني! وان كل ذلك قد حدث بعد ان ذهبْتَ! الم اكن من اشد كارهينك حين التقينا لأول مرّة "ثقيل الدم لا يطاق", حتى اصبحت خفيفاً كريشة حلّقت ووقعت على حافة قلبٍ من فرط تصنّعه للقساوة رقّ لريشة وادخلها مسكنه، اصبحوا اصدقاء، جالست وحدته ، حزنت لحزنه, فرحت لفرحه ، فكانت ونساً رقيقاً جميلاً ، حتى باتت ترفّ داخله ليخفق بسرعة هائلة كلّما نظر اليها، اصبح معشوقها.. ادمنها.. حتّى هبّت رياح مصدرها الغرور ، عصفتها بعيداً ، غروره الذي جعله يظن ان على رأسه ريشة! وغرورها الذي جعلها تظن ان لولاها لا كيان ولا وجود له! لم يقتله انها ذهبت بقدر ما قتله انها اعتبرت الرياح سبيل لتحررها من قيده ، وهو قد اعتبرها لعنة الهيّة اعادته لما كان عليه سابقاً، بل اسوأ، فهو الآن عاشقاً ، محطماً, مدمناً, دون علاج . كم انه مسكين! لا يعلم انها ذهبت مع الريح ملتصقة به ، وان من اصابته اللعنة هو أنا ! جالسة هنا ، بإنتظار عاصفة عكسية ترد لي قلبي. لحين ذلك الوقت ، سأظل جالسة على حافة لقائنا ، معك ، اشعلك ، ادمنك.. فإمّا ان تعود وارمي ما بيدي، وامّا سأظل هنا ، متشبثتاً بك ، لتقتلني !