هُناك قصص كبيرة، قضايا صعبة، لا يمكن برأيي أن يُعبّر عنها بالكلام أو بالقصص الواقعية، تلك التي مملوءة بالأحداث، بالفعل، بـ قال و فعل، إنّما على الكاتب ليستطيع معالجتها أن ينتقل إلى بُعد آخر، بُعد أعمق وأهم: الرمز. وهذه الرمزية أحياناً تكون صعبة الفهم بالنسبة للقارئ، صعبة التحليل ولكن لإنّها مفتوحة على التأويلات، تصبح أكثر أماناً في المعالجة. 

هل فهمت مثلاً كل قصص جورج أورويل الشهيرة؟ 

عن نفسي أنا مثلاً أرى بأنّ رواية 1984 كانت معقّدة بأكثر من رواية مزرعة الحيوان ولكن مع كل هذا التعقيد تبقى أفضل وأسهل بكثير مما لو تمّ تشريح المجتمعات بطريقة مباشرة، بقصّة مباشرة، هذا سيصعب في معالجة قضية سياسية كبيرة بحجم رواية أورويل. 

منذ فترة قصيرة قرأت رواية المئذنة البيضاء للكاتب السوري يعرب العيسى، وكانت بالضبط كما أحكي الأن، رأى يعرب العيسى بأنّ القضية التي يطرحها كبيرة جداً وتوازي حجم بلدين، حجم مشاكل بلدين كاملين: سوريا ولبنان، حيث أن الشخصية الرئيسيّة جالت العالم تقريباً وبالأخص كان تموضعها في هذين البلدين، كيف السبيل إذاً لتلخيص قصّة كبيرة بحجم كبير فلسفياً وجغرافياً؟ الأمر يحتاج فقط إلى الرمز وهذا ما ذكره أيضاً في الرواية الكاتب، حيث عبّر عن قوّة الرمز بإيجاد حلول ورؤئ حلول وبيئة إبداعية ينطلق منها القارئ على الاقل. 

أعود مثلاً إلى رواية جورج أورويل، 1984، ألم تشعر بأنّك كقارئ صرت أكثر قرباً وخوفاً من كل شخص سوف يتدخّل بمصيرك وقرارك وخياراتك بعد أن مررت فيها على مصطلح القارئ الأكبر؟ والأخ الأكبر؟ 

بالنسبة لي مثلاً، طبعاً، مصطلح رمزي واحد كان كفيل بفهمي للقضية وحكم طريقة تفكيري في الأمر، وحين دُمج الامر بالقصة صارت عندي الرواية دليل أستدلّ به حين ألمح بعضاً من أوجهها في الحياة، هل لو كتب أورويل أو يعرب العيسى مثلاً أعمالهم بطريقة غير رمزية كان سيتحقق ذات الأمر؟ من المستحيل ذلك.

دائماً الرمز والشعر والماوراء والاستعارات والتشابيه تُحقق لصاحبها إصابة أدق في الموضوع، وأنت ما رأيك، هل تفضّل استعراض القضايا المعقّدة الكبيرة والحساسة وخاصّة المثيرة للجدل بطريقة رمزيّة أو عبر قصص بأحداث مُركّبة؟