إني راحلة.

"اللهم أغفر لي كفري وإلحادي، اللهم أغفر لي فراري من الدار الفانية إلى الدار الباقية، اللهم أغفر لي صعودي إليك دون إذنك".

ولكن... لا... أن كل شيء في الحياة لا يحدث إلا بإذنك... إنك غفور كريم رحيم....

تلك الكلمات هي آخر ما كتبت به عايدة بطلة رواية فارس الرومانسية يوسف السباعي، عايدة الفتاة التي حاولت أن تتخذ من تجارب من سبقوها في الحب عظةً ودرسًا حتى لا تقع فيما وقعوا فيه، وخاضت التجربة الأولى في الحب أبية النفس، رافعة الرأس، لكنها لم تكن تدرك بأنها في مرحلة ميلاد جديد لقلبها عندما بدأ يدق إيذانًا بخطر ، خطر الحب والتعلق بالضابط أحمد ابن خالتها، لكنها كانت تنكر ذلك، وتدعي أنها تحب حديثه عن نفسه، وهي تعلم في قرارة نفسها أنها كاذبة، فمنذ متى وهي تهتم بالضباط، والخيل، والجنود؟ لكنها كانت تتخذ من حديثه سبيلًا للبقاء بجانبه، وكانت تلك أمنية مشتركة، وبدأ القدر يؤلف بين قلبيهما، حتى شعرت بأنها تنزلق نحو الهاوية، بينما قلبها كان يهتف في غيظ وهو يكذب قولها، ويعترف لها أن الهاوية التي حسبتها هاوية هي الحياة الحقة النضرة المزدهرة... و أن الحب قد شدها من البيداء المقفرة حيث العدم، وألقى بها في الرياض المزدهرة.

ولم يدم الحال حينما انزلقت نحو الطبقة السفلى، طبقة توتو العريس المنتظر، عندما بدأ القدر يحول بينها وبين أحمد رويدًا رويدًا، ولم تفهم حينها حديث جدتها عندما كانت تخبرها عن الآمال الخائبة والقدر الشامت، كيف ذلك بعدما حسبت أن ما تسعى إليه بات يتحقق؟، وسرعان ما تبددت أحلامها وأضحت على حافة الهاوية وسط عصبة من الذئاب، في حياة لا معنى لها، مليئة باللهو و الحفلات، حياة قريبة إلى غنى المادة وفقر الأخلاق، كادت تنزلق في تلك الحياة، حتى وجدت أحمد من جديد وظنت أن بإمكانها الإمساك بما ضاع من قبل، ولم تعلم أن آخر العمر... البعيد... الموهوم... المزعوم... قد بلغوه في غمضة عين...

حينما اتشح الكون السواد في بهمة الليل.... و انكفأت على كتابة قصتها طوال الليلة دون أن تمل ودون الحاجة إلى الراحة ، ثم ألقت بها بعيدًا كي تعصف بها الريح أينما شاءت.. 

وفي الأخير، من قرأ الرواية؟