تعلمنا من الفلسفة ان الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، إلا أننا نرى أن الشخصيات تختلف اختلافا دقيقا عن الوصف الموحد الذي جاء به عدد من الفلاسفة. فنجد أن فكرة الانفتاح تسيطر اليوم على المجتمعات والخروج عن المألوف أصبح فكرة جذابة تستهوي الأفراد على حد سواء. 

يحتضن كتاب " فن الإصغاء للذات" للكاتب جمال الحلاق، جوهر الشخصية المنفتحة التي يكشف لنا الكاتب من خلاله " معضلة المنفتح في امتلاكه لفكر مخالفا لوعي المجتمع!" لذلك طرأ في ذهني تساؤل " هل المنفتح يلتهم نفسه في العزلة أم أنه يملأ ذاته في خلوته؟ "

يشرح لنا الكاتب، الانفتاح العقلي والفكري بأنه ليس ميلا فكريا عند الإنسان لكنه أمر اكتسابي، يستحوذ المتلقي ويمتلك من خلاله القدرة على التفرد والتميز عبر رؤى لا تتطابق مع وسطه الاجتماعي والثقافي. وقد تكون أولى نتائج تفتحه "العزلة" لكنه في نفس الوقت تمنحه القدرة على التأقلم مع الآخرين أفكاراً وأشياءاً دون الإنزواء تحت شعار أي من التيارات أو الأفكار لأنه لا يمتلك مبادئ تنافي سلوكه ووعيه. فلديه القدرة على التأقلم دون تبني مسلمات خارجة عن تجربته الحياتية. ومايميزه أنه لديه السعة على احتواء الجميع، فيجعل قاعدة الأضداد ممكنة دون تناحر. 

 من تجاربي أشعر أن الخروج عن المألوف والتقاليد يحتاج شخصية قوية ذات فراسة عقلية وصلابة في الإرادة وحسب القاعدة "ليس كل مألوف ومشاع اجتماعيا صحيحا وليس كل تقليدي يحمل في طياته الحقيقة" ففي مجتمعاتنا، نجد بعض الأفكار التي تتجمد عند نقطة الصفر دون حراك كما أوردها الكاتب في كتابه فتنسكب في المجتمع وتبدد تطوره وتثبط جودة فكر الأشخاص فيه. في حين أن الانفتاح كقاعدة فكرية تمثل رابطة الإنسان بذاته وفكره ولايشكل تمرد على الأشخاص ولا المجتمعات وانما التمرد على الفكر الذي لاهدف له ولا مغزى. 

المنفتح في سياق فن الإصغاء للذات، نجده متميز بأنه باحث عن معنى الأشياء والأفكار، إلا أن هذا يطرح مسألتين بين القول أن من نتائج تفتحه "العزلة" ومن وجهة نظر أخرى أن اقامته خارج الواقع الاجتماعي يطرح ذاته كمركز يتيح له إمكانية الانتقاء! للذلك نتساءل:

 كيف ترى الشخص المنفتح في المجتمع العربي من ناحية فكرية؟ وهل تعتقد أن الانفتاح واجب للقضاء على اضمحلال الفكر التطويري في الوقت الحالي؟