في هذا الكتاب يطرح اجنر فوج نظرية جديدة تحت مسمى الانتخاب الثقافي.
نظرية الانتخاب الثقافي هي نظرية يمكن ان تنتشر داخل مجتمع مثل الشعائر والفن ... وتشتمل ثلات عمليات اساسية اولا ان تنشأ الظاهرة وتسمى التجديد او الابداع او الابتكار ، ثانيا يمكن ان تنتشر الظاهرة من فرد الى فرد او جماعة لجماعة تسمى التكاثر او النقل او المحاكاة او الانتشار ثالتا الانتخاب اي آلية او عامل يؤثر في مدى انتشار الظاهرة ويكون اما بطريقة عقلانية واعية او طريقة لاشعورية ، نأخد مثلا الزراعة كمثال (الابتكار) ظهور شخص ذكي ليخترع طريقة لاستنبات الحبوب (تكاثر) من اب الى ابن ، فرد الى فرد او من جماعة الى جماعة ، وياتي الانتخاب والذي يتطلب توفر شروط مثلا توفر شروط لتنتشر الممارسة ان يكون المزارعين راغبين في نشر معارفهم الى الاخرين ، ان يكون غير العاملين بالزراعة على اتصال بالمزارعين وان يكونو راغبين في تغيير اسلوب حياتهم ، وان يكون المزارعين قادرين عل توفير الغداء والتنشئة ، هذا الابتكار جرى تطبيقه مرات كثيرة دون ان ينتشر فقد كان جني الثمار اسهل من استنباتها ، ولعل هذا الابتكار انتشر لاحقا بسبب زيادة السكان مما تسبب في قلة الموارد
واي فكرة منتقلة تسمى ميم meme وهي النظير لكلمة جينات في الانتخاب الجيني و الميمة لايمكن ان تعيد انتاج ذاتها وانما تستطيع فقط ان تؤثر في الناس لاستنساخها وعلى المستوى الديني توفر الميمات ميمات اخرى توفر للعائل مناعة تحول دون العدوى بتأثير معتقدات منافسة و احد اسباب امكانية انتشار الميمات هو قابلية الناس للانخداع ويؤكد بول ان هذه القابلية يمكن عمليا ان تكون ميزة ملائمة فالاعتقاد فيما يعتقد فيه الاخرون له ميزة ضمان تعاون افضل وانتماء للجماعة وقد قسم قسم ريتشارد برودي الميمات لثلات ،ميمات التمايز (الاسماء والفئات) ميمات الاستراتيجية (السلوك والنظريات عن العلة والمعلول) ميمات الترابط(تجعل من وجود شيئ مثيرا للفكر ) ومن الملاحظ ان الميمات التي تنطوي على خطر وطعام وجنس تنتشر اسرع من غيرها لأنها تستتير اكبر قدر من الاهتمام إن لنا ازرار استثارة خاصة بهذه الموضوعات " واضاف من الازرار ايضا الانتماء لجماعة ، تمييز النفس عن الاخرين ، الطاعة للسلطة ، القوة، التأمين الزهيد، فرصة الاستتمار باقل قدر من المخاطر مع اكبر فائدة ، حماية الاطفال .
رغم ان الانتخاب الثقافي نظير للانتخاب الجيني غير ان بعض الثقافات غير صالحة جينيا ، نعرف مثلا ان عادة التبغ انتشرت في العالم لانها تعطي احساسا ذاتيا للمتعة رغم انه يدمر الصحة الانجابية من شأنها ان تقلل من احتمال انجاب اطفال اصحاء لذا الانتخاب الثقافي يدعم التدخين في حين الانتخاب الجيني لايدعمه .
دعونا نتطرق لنمادج الانتخاب الجيني
_الانتخاب الفردي : صراع كل فرد من اجل حياته وتكاتره دون اعتبار لاثر استراتيجيته على غيره
_الانتخاب القرابي : يفيد هذا النمودج ان الجينة التي تجعل حاملها يساعد اقربائه على البقاء سيكون لها الغلبة نظرا لزيادة احتمال ان يحمل الاقارب الجينة نفسها ، ولافارق بالنسبة للجينة الانانية فيما كان حاملها هو من يبقى ام شخص اخر يحمل جينة مطابقة ، وافاد هدا النمودج في تفسير سلوك النمل والنحل ،واستخدم ايضا في تفسير العواطف والانحيازات الاسرية
_الانتخاب الجماعي: يمكن توسيع حجة الانتخاب القرابي لتشمل الجماعات داخلية التزاوج الاكبر حجما ، وان كان الانتخاب الجماعي قويا بما فيه الكفاية فانه سيقود لسلوكيات تقلل الصلاحية الفردية ولكنها تزيد من صلاحية الجماعة وتسمى هذه الظاهرة الغيرية ، مثال ذلك التضحية بالنفس من اجل الجماعة
_الانتخاب التبادلي : ان كان التعاون من مصلحة الطرفين فإن اي جينة ناتجة عن مثل هذا التعاون يمكنها ان تنتشر في ظل ملابسات بعينها ، فالافراد المتعاونون يزيدون من احتمال بقاء كل نوع منهم
_الانتخاب التزاوجي : اختيار افضل قرين ، فتبدو للشخص ان القرين المختار لديه جينات جيدة ، كما ان الطرف الذي يقع عليه الاختيار يمكن ان تنشأ وتتطور لديه سمات تحسن من جادبيته في عيون الطرف الاخر .
للنظر الان الى تصنيف مغاير للعمليات التطورية ولنميز بين الانتخاب الجيني Rو الانتخاب الجيني K
الانتخاب R : ان كان النوع يعيش في ظروف وافرة الموارد مع وجود اخطار كوحوش ضارية ، فإن من المفيد لهذا النوع ان يستغل القسط الاكبر من موارده على التناسل باسرع مايمكن ، كالفئران والحشرات
الانتخاب K : نقيض الانتخاب R وهو عندما يعيش نوع ما في بيئة مزدحمة حيت تحد الموارد المتاحة من عدد افراد النوع ويفضي الانتخاب k الى تطور حيوانات ضخمة تتناسل ببطئ ، ونجد الانتخاب k عند الحيوانات التي تحتل المرتبة الاخيرة في سلسلة الغداء كالحيتان والبشر والافيال
طبق اجنر فوغ هذا التصنيف الى الانتخاب الثقافي وقسمه ل R وK وهو مايحدد اي نوع من الثقافات ستنتخب :
_ الانتخاب الثقافي R (الريجالية) :عندما تتوفر لجماعة فرصة للتوسع ثقافيا وسياسيا بمعنى هزيمة جماعات اخرى وفرض ايديولوجيا الجماعة المنتصرة وفي الوقت نفسه تواجه مخاطر توسع جماعة اخرى ، ويفضي هذا الانتخاب الى تخصيص نسبة عالية من موارد الجماعة لصد الحروب او النزاعات الخارجية ، ومنه فان هذا الانتخاب يفضي الى التسلح ليس تقنيا وحسب بل الى تسلح اديولوجي يفيد ان الفرد موجود لصالح الجماعة ، ومنه فعلى الغرد ان يضحي من اجل المجتمع .
الانتخاب الثقافي K (الكاليبتية) : عندما تنتفي فرصة التوسع الثقافي ولا يهددها عدوان من الجماعات الاخرى ، وتتمتل عندما تكون الجماعة معزولة جغرافيا ، وبالتالي عند غياب نزاعات خارجية يكون تشكيل قوة عسكرية تبديدا للموارد ، ولن يقبل السكان نظام حكم استبدادي مما يفضي لمجتمع قائم لخدمة الفرد .
_ما ان تبلغ امبراطورية ما اقصى حدودها حتى يسود الطابع الكلبتي وتضعف معه الامبراطورية مما يؤدي بها اما ان تغزوها امبراطورية جديدة اما ان تتحول لدويلات صغيرة
والملاحظ ان الطابع الريجالي هو من ساد منذ العصر الحجري وبلغ ذروته مع نهاية القرن 19 حيت تم استعمار كل القارات كما تم استنفاد اي مكان جديد للتوسع ، وفيما يتعلق بالدين فتعدد الالهة دو طابع كاليبتي عكس التوحيد الريجالي فهو لا يتسامح مع الاديان الاخرى .
_في المجتمع الكلبتي يتم الحد من عدد السكان طوعيا عبر موانع الحمل الاجهاض ، الهجرة او الانتحار ويقسم ايميل دوركايم هذا الاخير الى اربعة
حسب نظرييته الاجتماعية
_الانتحار بدافع غيري(الموت في سبيل الوطن)
_الانتحار قضاء وقدرا (المسجونين والعبيد)
_الانتحار بدافع اناني(شخص لايعطي اعتبار سوى لنفسه)
_الانتحار بدافع الاغتراب anomic حيت يتعذر على شخص ما التكيف مع التغيرات الاجتماعية
_ الاولى والثانية في مجتمع منظم اجتماعيا(الريجالي)"الشخص لايعيش لنفسه لكن لصالح دولته واسرته" ، والثالة والرابعة في مجتمع يضعف فيه التكامل والتنظيم (الكاليبتي) فالشخص لايجد من يوليه اعتبارا سوى نفسه في هكذا مجتمع .
ناقش اجنر فوج ايضا تاثير الطبيعة RاوK على السلوك الجنسي ، الفن واللعب والالعاب والرياضة... ، ففي المجتمع الريجالي ، الدين توحيدي السياسة امبريالية ، حكومة مركزية ، الفن مثقل بالتفاصيل ، تصوير رموز السلطة مثل الالهة او الحكام او ابطال الحرب .... ، الموسيقى والغناء غرور وتفاخر بالنزعة الريجالية العدوانية ، قواعد صارمة للايقاع والوزن ، والرقص منظم ومقيد وكذا الملابس محتشمة ومتباينة حسب الجنس ، اما عن السلوك الجنسي فهو يتعرض لصرامة فالجنس هدفه فقط التناسل النظر للاطفال على انهم بريؤون وجهلة .
اما في المجتمع الكاليبتي فالدين يغلب عليه طابع التعددية وحكم ديمقراطي سياسيا اما الفن غير مقيد وارتجالي يصور اللذة ، والموسيقى والغناء يمتاز بالتنوع النغمي والايقاعي والرقص غير منظم ومرح اما عن الملابس فهي زاخرة بالالوان وجنسية تعكس الذوق الشخصي والاخلاقيات الجنسية متحررة ولها اغراض عديدة ويمتاز بالتربية الجنسية للطفال
واختتم الكلام بانه يمكن ان يتحول مجتمع الى رجالي ان توفرت له امكانية الاستيلاء على اراضي من مجتمع مجاور اضعف
حاولت ان اقدم مافهمته من الكتاب وللمزيد من الاستزادة المرجو قراءة هذا الكتاب