منهكُ القوي جلستُ أمام زوجتي كاشفاً لها ظهري، على ضوءِ شعلةِ مصباحِ صغير تُداوي أثارَ السياط الداميةُ التي اعتادت رؤيتها، بللت خرقةً بماءِ البئر الملوث، مرت بها فوقَ جراحي، تألمتُ صامتا، بكيتُ بغيرِ دموع، آلامُ النفسِ لا يجدي معها دواء.
تقاسمتُ ما رزقني الإلهُ مع من أعول، لقيماتٌ قليلةٌ نجوت بها من الجلادين نُغمِسها بالماءِ والملحِ لتتقبلها النفس.
حفرةٌ عميقةٌ من ظلامِ الظلم، جثمت فوق النورِ وجرجرتنا مسحولينَ لقاعها، خمدت مقاومتُنا تحت سيوفِ وسياطِ الطغاة الذين صنعناهم بتأليهنا لهم، في قاعِها معتادونَ غيابَ نورِ العدل.
جن الليلُ وأرخي سدولهُ، أشار الكاهنُ لمرافقيهِ الواقفين ببابِ الغار، لم يحن موعدُ خروجهِ، استداروا عائدينَ من رحلتهِم اليومية.
بين أضواءِ المشاعلِ في محرابِ القرابينِ بالمعبدِ الكبير، اصطف الكهنةُ حالقي الرؤوسِ بثيابهم البيضاءِ الخشنةِ على جانبيِ القاعةِ يتلون التراتيلَ المقدسةَ والمؤمنونَ راكعونَ في خشوع، أنظارُهم معلقةٌ بقدسِ الأقداس، خرج عليهمِ كبيرُ كهنةِ آمون رع، طأطأَ الجميعُ رؤوسهم، جال بينهم ببصره، تناول حفنةً من بخورِ بلادِ بونت، قذفها في النار، غلف الدخانُ المكانَ وتصاعدت رائحةُ البخورِ الذكية.