عندما نقرأ في سير الناجحين، فإننا غالبا ما نجدهم قد عاشوا  ماضي مليئ بالتعاسة والحرمان، ثم نجد بعضهم انتقل من أدنى درجات الفقر والحاجة إلى أعلى مراتب الغنى. 

ونجد ذلك حاصلا للأوطان كذلك، فالحضارة الإسلامية كانت أكبر وأفضل من نظيرتها الغربية، ثم انقلبت الموازين وارتقت الدول الغربية من الحضيض، وعلت وكادت تلامس أعنان السماء. 

 ثم إننا بالاطلاع على تاريخ الأمم والأوطان، نجد هذا الانقلاب من الازدهار إلى الانحطاط، ومن الانحطاط إلى الازدهار قائما على مر الأزمنة والعصور، ولا يمكن أن نقول أن ذلك تلاعبات قدر أو محض صدف؛ فقد سبق وأكد ابن خلدون في مقدمته أن هذا هو حال الحضارة؛ وأن كل حضارة قامت، لا بد أن تعلو وتصل إلى أعلى الدرجات، ثم تنحط وتسقط إلى أسفلها، فهذا قانون الحضارة الثابت. 

ولعلنا حين الحديث عن هذا في وقتنا الحالي، يخطر ببالنا أكثر شيء كنموذج: دولة الإمارات العربية؛ فالإمارات استطاعت النهوض والتطور ومنافسة أكبر الأوطان، وهي التي كانت في وقت قريب جدا توصف وينظر إليها على أنها مجرد صحراء. 

نحن دائمي التساؤل عن كيفية حدوث هذا التغيير؛ وأنا شخصيا أعتقد أن التغيير مرهون بالدافع أكثر مما هو مرهون بالكفاءات أو الإمكانيات؛ فقدرتك على التغيير وتجاوز الصعاب وأنت تحت الضغط أو في قلب المعاناة، تكون أكبر من قدرتك على التغيير وأنت مسترخي ومستمتع بما لديك من نِعَم؛ والحرمان يصبح نعمة والنِعم نقمة إذا ما دفعنا امتلاكها للكسل والاستسلام لحالنا. 

ونتساءل أيضا لماذا لم تتطور بعض الأوطان مع أنها تزخر بالخيرات والكفاءات؟ وبرأيي فالأمر عائد لعدم فاعلية الفرد في وطنه؛ فنجد الشخص الذي يسبق مصلحته الفردية على المصلحة الجماعية، ومن ينهب ثروات بلده دون حساب، ونجد قليلي الوعي الذين لا ينفعون أوطانهم في شيء؛ بل ويدفعونه للهاوية بتصرفاتهم غير الحضارية، ومنه فالتطور مرهون بالوعي، الثقافة، التعليم، الدين، وحتى حب الوطن له أهمية كبيرة، أما الخيرات فتأتي في المرتبة الثانية. 

ما رأيكم أنتم؛ كيف يحدث التغيير؟ ولماذا لم تتطور بعض الأوطان مع أنها تزخر بالخيرات والكفاءات؟