إنني كارل غوستاف يونج، ابن عائلة سويسرية، كنت الابن الوحيد لوالدين متدينين، حيث أنّ عائلة والدي كانوا من القساوسة، وكنت أشهد معهم جلسات إخراج الأرواح ومطاردة الأشباح، الأمر الذي انعكس على طفولتي.
عفواً، هل يبدو الأمر غريباً؟، إذاً أنتم لا تؤمنون بوجود الأرواح والأشباح؟
إنها الحقيقة سادتي، إنني شخص أثّر أسلوب وأفكار عائلتي في تشكيل أفكاري منذ كنتُ صغيراً، فانعكس الأمر لاحقاً على قناعاتي حتى أنني تصالحت مع فكرة أنني أملك شخصيتين، الشخصية (1)الطبيعية مثلكم تماماً، تلك التي تعيش حياتها بشكل إنساني، والشخصية (2)المؤمنة يقيناً بالماورائيات وبكائنات العالم الآخر، كان الأمر مرهقاً في البداية، لكنني تمكنت أخيراً من التوفيق بين الشخصيتين والملائمة بينهما.
هل تسألون عن ثقافتي العلمية؟ حسناً; إنني طبيب نفسي، وقد كنتُ مؤسس علم النفس التحليلي، درست الطبّ في جامعة بازل، وكنت قارئاً نهماً في الفلسفة والبيولوجيا والروحانيات والظواهر الخارقة للطبيعة، وفي فترة شبابي التزمت بحضور جلسات تحضير الأرواح الذي حضّرت أطروحتي حوله للحصول على الدكتوراة، وأصبحت كبير الأطباء في كلية الطب بجامعة زيورخ وأنا لم أتجاوز الثلاثين من عمري.
كانت علاقتي قوية مع سيجموند فرويد، ولكن بمجرد أن بدأت دراساتي ترفض تحليلاته السلوكية والنفسية على المرضى لم نعد كذلك، وربما ساء الأمر بيننا حين تمّ ترشيحي لمنصب الوريث الشرعي للتحليل النفسي.
إيماني بالأرواح والظواهر الخارقة وتأثير الأحلام ساعدني كثيراً في تحليل السلوك النفسي للمرضى النفسيين، إلا أنني وفي التاسعة والثلاثين من عمري انعزلت عن العالم قرابة العشرين عاماً وبدأت أجمع معتقداتي وأفكاري التي لم أنشرها في أبحاثي العلمية في كتاب ذا جلدة فخمة حمراء، لذلك أسميته بالكتاب الأحمر.
بعد أن تعرفنا على يونج حيث أنصح الراغبين في معرفة دوره في علم النفس التحليلي بقراءة كتاب (أقدم لكم يونج) للكاتبين ماجي هايد، ومايكل ماكجنس، دعوني أسألكم:
هل تؤمنون بوجود الأرواح أو الأشباح أو علم اللاماورائيات؟ إن كنتم كذلك أكانت التنشئة العائلية والمعتقدات ما أثّر على معتقداتكم أم أنه الاطلاع والفضول؟
لقد أثّر كارل يونج في علم النفس التحليلي، وساهم بشكل كبير في فهم سلوك المصابين بالجنون، والمرضى النفسيين ومساعدتهم في التعبير عن ذواتهم، وإن كنّا نتفق أو نختلف في قناعاته فإننا لا يمكن أن ننكر أنّ بعض المعتقدات –وإن رأيناها غير واقعية أو خاطئة- قد تكون سبباً في إثراء العلم وفتح المجال لآفاق جديدة تقود لثورات علمية.
لذلك خبروني كيف باعتقادكم يمكننا التوفيق بين الحقائق العلمية ومعتقداتنا لتساهم في خدمة المجتمع؟ هل تفعلون ذلك أحياناً؟
وإن حدث ذلك التضارب بين ما نؤمن به والواقع كيف يمكننا التعايش مع التقبّل وموائمة ذلك؟ حيث أظن أغلب الذين يعانون في الحياة لا يمكنهم ذلك، فماذا تظنون؟
التعليقات