هل ستتبع حلمك حتى لو كلفك ذلك حياتك؟ تأملات في رواية الخيميائي

رواية الخيميائي هي من الروايات التي قرأتها و أعتزم إعادة قرائتها مرة أخرى ، لأنني من الأشخاص الذين يقدسون الأحلام ، فهي تمنح المرء حياة ذات معنى .

إن الأحلام مرتبطة بشكل ملحوظ بالمخاطرة و الجرأة ، إذ أنه ليس هناك شخص يحلم بأن يستيقظ صباحاً ليعد شطيرة يتناولها على الفطور ، فالإنسان مهما تمنى حياة هادئة ، لا بد أن تراوده بعض الأحلام الخطيرة كما أحب تسميتها ، كإنقاذ العالم مثلاً .. و هذا سر تعلقنا بالأبطال الخارقين الذين شاهدناهم في صغرنا ، لأنهم منحونا نزعة المخاطرة و التضحية و ساهموا في توسيع دائرة أحلامنا ، ليس فقط في طفولتنا بل حتى في مرحلة الشباب ، فنحن دائماً ما نحلم بالتميز و الإنجاز و البطولة و ربما الشهرة ، فالأحلام طريقها محفوف بالمصاعب و التضحيات .

فهناك من خسروا عائلاتهم بل حتى حياتهم من أجل أن يقدمواْ تضحية تخلد اسمائهم في أوطانهم ، و هناك من تعرض للهجوم و النبذ من أجل إصلاح مجتمعه ، و هناك من عانى و خسر كثيراً لتحقيق ثروته ، و هناك من يقبع خلف السجون لتحقيق حلمه في نشر الحقيقة .

إن الحياة بلا حلم حياة رتيبة ، و من أجل تحقيق حلمك سيستوجب ذلك منك المخاطرة و التخلي و المثابرة ، ستخسر أشخاصاً كنت تعدهم جزءاً من روحك في رحلتك لتحقيق حلمك ، ستتعثر و ستبتعد عن موطنك و أحبتك إذا استدعى الأمر ذلك .

برأيي الأحلام تستحق ، و بالأخص إن كانت أحلاماً هادفة و إيجابية .

مرحبًا لينا،

قرأت الرواية منذ عدة سنوات وجال في ذهني نفس هذه التساؤلات، و قولت وقتها أنه يجب على المرء اتباع أحلامه وتحقيقها، ولكني الآن وبعد مرور سنوات من النضج أظن أن هذا غير صحيح إلا في قليل من الأحيان، و يتوقف تحقيق الحلم على وجود المقومات التي تساعد ذلك ولا أظن أن التخلي عن المضمون والمغامرة بما أمتلك فكرة صائبة.

لم أقرأ هذه الرواية، رغم شهرتها ورؤيتي لكثير من الآراء حولها.

ولقد رأيت نموذجين عربيين من الشباب، تركوا الحياة المستقرة، والوظيفة، وذهبوا لتحقيق الحلم.

ولا أعرف هل قرؤوا هذه الرواية فأثرت بهم كل هذا التأثير، أم أن هذا الشعور ينبع من داخل الشخص الذي يستمر في التفكير في الأمر نفسه.

ربما في سن بداية العشرينات، يبدو الأمر سهلا من أجل التخلي عن الاستقرار والسير نحو تحقيق حلم ما، لأن المرء في هذا العمر لن يدرك أنه أخطأ، بل ربما ينجح، ويجد فرص كثيرة.

في سن الثلاثين سوف يبدأ بالنضج والميل لتكوين أسرة، بالتالي يكون الجري والسعي خلف هذه القاعدة بات مرهونا ليس بنفسه بل بمن هو مسؤول عنهم.

إذا بالنتيجة أنا لم أفعل من قبل الجري خلف تحقيق أهداف ليست واقعية، تجعلني أغير حياتي كلها.

ذلك ببساطة ليس لأنني لا أجرؤ، ولكن لأنني في طبيعتي أحب الاستقرار والهدوء.

حيث ارتأى البعض أن من الحماقة والطيش أن يترك المرء حياة آمنة ليبحث عن المجهول، لأنه يخاطر بخسارة كل شيء.

عندما قرأت هذه الجملة، تذكرت ما حدث قبل يومين فقط عندما خرج أدهم نابلسي ليعلن إعتزاله الرسمي عن الغناء و من تم بعد حذف بعض الأغاني له ومن المقرر أن يصل لحذفها كلها على حسب ماصرح به، هل شاهدت كمية النقد الموجه له من الفنانين خصوصا حتى أن مقطعه ترأس الترند، وما عن الحيرة التي غمرتهم: لماذاا إعتزل في عز شبابه وفي أوج شهرته، لكن جوابه جاء أقوى بأن رأى أن ما يقول به ليس ما يسعى للوصول إليه وما قام به رأى فيه شيئا لا يرضي ربنا....لذلك نستنتج بأن من لا يثقواا في الطاقة الكامنة بداخلهم يرون أن ما قام به خسارة حقيقية، غير ذلك الذي هو واثق بما كائن داخله من مواهب يدرك الطريق السوي من الطريق الخاطئ ولو وضعناه في الصحراء القاحلة لأنبت فيها.

فما الذي كنت لتفعله: هل تسعى لتحويل أحلامك إلى أهداف أم أنك تجدها مخاطرة كبيرة وشيئا مستحيلا؟

أدرس جيدا أحلامي معرفة هل من الممكن تحقيقها أم هي مستحيلة، مع السعي والاستمرار لا مستحيل ولكن أحيانا تكون هناك بعض العوائق الخارجة عن إرادتنا لأسباب مختلفة يطول شرحها.

لكن عموما حتى السعي نؤجر عليه ويفتح لنا أفاقا لأحلام أخرى..

أهلاً لينا،

بالطبع سأركض نحو أهدافي بكل ما أوتيتُ من قوة. أتكاسل في بعض الأحيان، وأُصابُ بالإحباط أيضاً في فترةٍ ما. ولكن أشحن نفسي بطاقة إيجابية كبيرة كي أستمر في تحقيق حلمي. أرددُ دائما أنا أستطيع تحقيق حلمي، وأنا لدي القدرة الكاملة لتحقيق حلمي. كذلك، يجب أن أتخلى عن الكثير من أنواع التسلية حتى أتمكن من الوصول لهدفي. أقول لنفسي، اجتهدي الآن واحصلي على ما تريدينه، ثم تأتي الراحة. هكذا هي الحياة، إن لم تخاطر وتجازف وتجتهد، لا تصل إلى هدفك.

فكرة أن يكون للإنسان أحلام يسعى إلى تحقيقها أمر جيد وصحي للغاية، ولكن لابد للأحلام أن تكون من الممكن ترجمتها إلي أهداف قابلة للتحقيق ومحددة بمدة زمنية وواقعية،

وإن لم تكن أهداف الإنسان لها مواصفات الهدف الجيد الموجودة في كلمة SMART فإن هذه الأهداف ستؤدي إلى نتائج سلبية على مستوى صحة الإنسان النفسية،

فكثرة الأحلام الغير واقعية والتي يجد الفرد أنها لن تتحقق على أرض الواقع تؤدي إلى نتائج عكسية ضارة.

إن السير في الطريق الآمن ذاته على آثار العابرين قبلنا يوصلنا لذات المكان ،حيث الحشود تنتظر ،بينما المضي في المجهول يؤهّلنا لاكتشاف الجديد ،أحلامنا تستحق أن تكون تطبيقًا ملموسًا على أرض الواقع عِوضًا عن إبقائها سابحة في مخيلتنا .

ذات يوم في محاضرة من محاضرات الجامعة ،سردت الدكتورة قصة أحد الأطباء ،والذي قام بمحاولةٍ لإثبات وجود بكتيريا معينة في الجهاز الهضمي ،ونجح في ذلك ،كما أنه حصل على جائزة نوبل في الطب لذات الاكتشاف ،رغم فترةٍ من رفض المجتمع الطبي لهذه الفكرة ،

و إثر مضاعفاتٍ لهذه المحاولات .. فقد حياته .

كان سؤال الدكتورة: هل أنتم مستعدون لفقد حياتكم في سبيل الحصول على جائزة نوبل (والتي هي دليل على إثبات اعتقادكم ) !؟

كان ردي التلقائي : بالتأكيد ،لأن الحلم والفكرة يستحقان التضحية .

تلفّت حولي ،وإذ بالرؤوس تتمايل نافية ..