إيمانويل كانط (1): الأخلاق الكونية

يجب أن تتسم الأخلاق بالشمولية و الموضوعية، و لأن الضروري و اليقيني ناتج عن المعرفة القبلية الأولية و التي تصدر عن العقل وحده (أرجو أن يشرح لي أحدكم هذه النقطة) فإنه يجب الاحتكام إلى العقل وحده و وفق منهج تحليلي لوضع التصورات الأخلاقية.

بالنسبة إلى كانط، كان العقل هو المحطّة الفكرية المشكوك في أمرها، حيث أنه لا يعيد الاعتماد المنطقي للأخلاق بحكم كونها نسبية أو لا إلى العقل، وذلك لأن مسألة العقل نفسها تتحكّم فيها المعطيات البيولوجية والوجدانية المختلفة، والتي تجعل منها مرجعية قابلة للنقد. هذه هي المشكلة لدى كانط، حيث أن المعيار الأخلاقي هو معيار فوقي لا يندرج تحت ما يدعى النقد، لأن النقد تؤثر عليه العوامل الخارجية التي ذكرها، والمعايير الأخلاقية النموذجية التي مثّلها كانط يجب أن تكون "كونية" كما وصفها.

بالنسبة إليّ، فأنا لستُ من المنتمين إلى عقلية كانط، ويحضرني قول رائع في هذه الحالة لأحد مؤرخي الفلسفة، وهو ويل ديورانت، حيث ذكر في كتابه قصة الفلسفة واصفًا كانط بأنه وجد في العقل أرضًا بها الكثير من الحفر والجحور، فحاول إصلاحها بأن يغطيها بالقش. أي أنها في النهاية ستؤدي إلى السقوط أيضًا.

بالنسبة للمبدأ الشمولي في الأخلاق يرى أن هناك نظما أخلاقية تنطبق كليا على جميع الأفراد الذين يعيشون نفس الوضع مهما كان نوع الثقافة التي يحملونها، بل حتى وإن سجلت عندهم اختلافات على مستوى الجنس أو الوطن أو الدين أو غيرها من الاختلافات. مع العلم أنه لا يمكن القول بأن نظم الأخلاق الشمولية مطلقة.

هذا حسب مبدأ الأخلاق الشمولية فلسفيا.

إلا أنني أرى بأن الأخلاق منها ما هو كوني شمولي تلتقي فيه جميع الحضارات والأمم. ولكن في نفس الوقت هناك اختلاف كبير بين الشعوب في تمثل الأخلاق، لأن الأخلاق أحيانا تتداخل مع العادات والتقاليد والعرف والعادة. وهذه الأمور تختلف من مجتمع لآخر.

وعلى العمم يمكنني شخصيا أن أعرف الأخلاق بكونها ما لا يتعارض مع العقل والدين والعلم والمنطق.