الشيخ والفول

للكاتب مدرس اللغة الإنجليزية مازن النفوري ابن قرية الحميرة،تولد عام ١٩٩٠ م، في ٢٩٦ صفحة قال كل شيء عن حرب وجودنا التي لازالت قائمة.

في رواية حازت على المركز الأول في مسابقة حنا مينا للرواية ٢٠١٩ م.

دمشق: الهيئة العامة السورية للكتاب ٢٠٢٠.

ينوه الكاتب إلى أن الشخصيات والأحداث والأماكن هي من محض الخيال، مع ذلك ترى نفسك جالسا في شوارع مدينته تراه يستهل أحداث يومك كإنسان عاش حربا كبرى لا مع غيره بل مع ذاته و مع ما يكون.

يمسك بيدك لتدخل منزل الشيخ و بائع الفول، تشتمّ رائحة العرق ممتزجاً بالاكتفاء من التعب، أحداث تنبه كل الحواس، تركض في أزقتها لتعلم"كيف؟!" و"لماذا تغير كل الذي كان؟!".

فبائع الفول.. ، كلنا نبيع كل يوم لنبقى، ننتظر شيخا شجاعاً مُخلّصاً.

وُصفت الشخصيات بلغة أعادتني الى أجود الأعمال الأدبية الروسية، فبعد الرواية تكاد تعرف الشيخ اذا رأيته صدفة في زحام.

و الزمان كل يوم،و المكان حولنا دائما ..والراوي لا تدرك موقعه ولا منظوره الا بعد أن تبتلع مافي الرواية من زخم.

و بذلك يسود الاسلوب السينمائي على الرواية، إذ تتداخل عناصر الرواية من منظور إلى إيقاع ومادة.

و يبقى ذلك الهمّ ملازماً لك طوال الصفحات ممثلا ثيمة الرواية و ما بين سطورها، هواجس نابضة مؤرقة، مفهوم يصل ولا تصل اليه بالشرح، وأما المواضيع فقد تعددت، تتعلق برؤية بطل الرواية و تشكل أسبابا و طريقا لما صار عليه.

تستمر في القراءة لانك أدركت أنه ليس من المتأخر مطلقا أن تتغير أو تُغيّر، أو قد ترى نفسك بين الصفحات على هامش القصة تتمنى لو أنك نهضت وخرجت بحياة ليس فيها يوم يشابه الآخر.

استمريت في القراءة بعد صفحة الإهداء التي تكاد توقعني في فخم الحكم المسبق كل مرة، لكن ما هذه المرة، أكملت لما أجد في قصص التصوّف من حبّ خام، حب الله، و حب كل ما خَلَق.

" يمضي البشر عمرهم في البحث.. نبحث جميعاً.. فالحياة رحلة بحث..

نبحث عن السعادة.. عن المال.. عن الخلود.. عن الحب.. نبحث باستمرار...

غالبا لا نوفّق في إيجاد ما نبحث عنه... وحده يعرف جيداً كيف يبحث عنا... وكيف يجد...

هو دائما يوفق في إيجادنا.. في أغرب زوايا عمرنا.. يجدنا.. مهما لعبنا معه الغميضة وأساليب التخفي.. هو الوحيد القادر على رؤيتنا خلف كل ما قد نجرب الاختفاء خلفه.. وحده الماهر في البحث.. الموت.. ".

على عكس ما قد يُظن فإن الرواية تمجد البعث بعد الموت، إننا لسنا أنفسنا بعد فقد ما نحب، من نحب، .. يُراد من الرواية أن تكون نوراً يضيء ظلمات القهر، و يداً تشير إلى الطريق.

كذلك أحب أن أقرأ، أن أكون سحابة تذوب أمام شمس القصة، أن يبقى من الأشخاص و الأحداث رائحتهم وأثرهم.