وعندما عاد معتذراً، قال لها لقد آذيتني.

فأجابته : يا لسذاجتك، بأي حقٍ عدت وبأي حقٍ تقول هذا الهراء يا رجل، ألا تخاف الله حُرقَة قلبي؟

فقال لها : نعم لقد آذيتني، آذيتني بشدة اهتمامك وفرط حبك، لم أستطع إيجاد أي امرأة تهتم بي كما كنتِ تفعلين، ولم أستطع أن  أشعر بالحب من بعدك، أقارن نظراتهن لي فلا أجد لأيٍّ منهنّ لذة النظر، يمسكن يدايَ فأشعر بالبرد بدلاً من الدفئ، لقد كان حبكِ مؤذياً جداً لشخصٍ لا يقدر نعمة الحب، نحن الذين لا نعرف الاهتمام يؤذينا عمق الحب، تؤذينا التفاصيل، ثم نعود بعد فوات الأوان، بعد صفعة باردة جداً على وجوهنا، بعد تجاربنا ونزواتنا الفاشلة جداً وحقاً، لنقتنع بالنهاية أن ما كان بين يدينا كنز ثمين، لكن بعد فوات الأوان عندما نعود لا نجد سوى بقايا آثار لهذا الكنز، نجد الحب قد دُثِر وغبرته المشاعر الباردة، فنتأكد حينها بأننا لا نستحق، أنا أكره الحب، أشعر وأنني لن أشعر بالسعادة مرةً أخرى، وكل يوم أسوأ من الذي سبقه، لِمَ هذا التناقض الشرس بالحب، لِمَ لا يأتي على هوى المحبين ويُرِح أنفساً أنهكها الحزن والمرض، أوليس تقولون بأن الحب جميل، كيف إذاً، لماذا هذا الكم الهائل من التناقض لماذا؟ تحب شخصاً لا يحبك، وعندما يحبك أحدهم تجد نفسك لا تحبه، تجد القلوب محتلة من قبل أشخاص يأبون احتلالها، لِمَ؟ من يفسر هذا؟ حتى عندما نفترق لا نودع بعضنا، نستكثر علينا الوداع، كل منا يفكر بأن قلب الآخر كافي لحمل أوجاع جديدة، نحسبه فندقاً مفتوحاً مرحب بكل حزن، هيا تكاثري يا أوجعانا فلدينا الكثير من غرف القلب لا عليك،  أوليس كذلك..

أردت البكاء على كتفيها، أردت أن احتضنها ولو لمرة لكنها صدتني وصفعتني بقولها : أين أنت عني؟ أتمنى ألا تعود مرة أخرى، لا تعود لتقول أفتقدك لأنني لم أفتقدك، وكيف لي أن أفتقدك وأنت من تركني في حيرة بين سبب رحيلك وبين الليالي التي أمضيتها وحدي ، ويأكلني التفكير في سؤال عجزت عن الإجابة عنه، مالذي فعلته ليتركني هكذا ويذهب!

أرأيت إلى أين أوصلني حبك اللعين؟ أشتري خاطرك على حساب نفسي لأجل ماذا؟ ماذا ستعطيني مقابل هذا؟ لم تعطني سوى الجروح فقط.