في العام الماضي طلبت مني زميلتي في العمل بعضاً من الكتب لقرائتها على اختلاف تخصصاتها وقد قمتُ بإعاراتها مجموعة مميزة بين كتب فكرية خفيفة هدفها المعرفة وكتب أدبية روائية حتى لا تَمل كبداية.

قمت باستعادة هذه الكتب مؤخراً حيث أنها أنهتهم في فترة جيدة لكنها توقفت وعندما سألتها لماذا قالت لي أنها نَسَت محتوى الكتب التي قرأتهم في بداية العام وأنه ما فائدة الاستمرار بالقراءة إن كنا فعلياً لا نذكر إلا نسبة ضئلية من الكتاب.

هذا جعلني أفكر في إن كنا محكومين بتذكر ما في داخل الكتب لنقول أننا استفدنا منها؟

في عام 1896 الشاعر والفيلسوف الأمريكي رالف والدو إمرسون قال: "أنا لا أستطيع أن أتذكر الكتب التي قرأتها، تماماً كما لا أتذكر وجبات الطعام التي تناولتها، ورغم ذلك فهي التي شكلتني."

ووقتها لفت هذا البيان مجتمع الأدباء فقالوا كيف لفيلسوف وشاعر أمريكي يعتبر من أهم الأدباء في تلك الحقبة أن يقول مثل هذا الشيء؟ كيف يقول أنه نسي الكتب التي قرأها؟

لكن إن سألنا أنفسنا هل نذكر فعلاً ما نتناوله يومياً من أطعمة؟ بالطبع لا! رغم أن دورها أساسي في مدّ أجسادنا بالطاقة والحركة.

وهذا ما قصده إمرسون فيما أعلنه لاحقاً كتوضيح، فالكتاب يضيف إلينا المعرفة من خلال الرؤية الكاملة لها، وهذه المعرفة لا يمكن أن تذهب سدى لأنها ستخرج لاحقاً لإسناد شخصياتنا ومساعدتنا في مواجهة التحديات وفهمها وتحليلها حتى لو نسينا مضمونها.

وأتذكر هنا قول الكاتب المصري أنيس منصور في كتابه من نفسي، "ﻻ ﺷﻲﺀ ﻳﻀﻴﻊ، ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﺮﺅﻩ ﻳﻔﻴﺪﻙ، ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﺮﺅﻩ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻗﻚ ﺃﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺃﻳﻦ ﻳﺒﻘﻰ، ﻭﻻ ﻛﻴﻒ، ﻭﻻ ﻣﺘﻰ ﻳﻈﻬﺮ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺳﻮﻑ ﻳﻨﻔﻌﻞ ﻭﺳﻮﻑ ﻳﻈﻬﺮ".

وعلى صعيد شخصي حين يقوم أحد بسؤالي عن قراءة كتاب معيّن ويُسميه لي، فأُجيب أنني "لم أقرأه" وأكتشف بعدها ما إن يتحدث عنه بمزيد من التفاصيل أنني قرأته في فترةٍ ما من حياتي قبل سنوات! إلا أنني لا أتذكر.

وأنه لولا وجود الملاحظات التي أضعها وأكتبها على هوامش الكتب لَمَا تذكرت معظم محاور الكتب التي قرأتها!

لكنّي أردت معرفة وجهات نظركم حول الأمر، هل تتذكرون معظم ما تقرأون؟ وكيف تظهر استفادتك من الكتب إن كنت تنسى محتواها؟ وهل هناك طرق محددة تستخدمها لمساعدتك لاحقاً في التذكر؟