يا أيُّها التَّائِهُ بَينَ حُدودِنَا

سِرْ فِي طُرُوقِ النُّورِ لَا تستسلمِ

يا أيُّها العَقْلُ الَّذِي تَحْتَارُ فِيـ

سِرِّ الوجُودِ وَغَيْبِهِ المُتَكَلِّمِ

يا أيُّها السَّائِرُ فِي أَغْوَارِهَا

حَيْثُ الحَقِيقَةُ فَوْقَ نَطْقِ الأَفْهَمِ

يا أيُّهَا البَاحِثُ عَنْ مَعْنَاهُ فِيـ

غَيْبِ الوجُودِ وَسِرِّهِ المُتَقَدِّمِ

يا أيها العَاشِقُ فِي صَمْتِ الدُّجَى

تَرْجُو سَبِيلَ النُّورِ لِلْمُتَحَلِّمِ

سِرْ فِي مَسَالِكِ نَفْسِكَ الغَرْقَى عَلَى

أَبْوَابِ سِرٍّ غَيْرِ مَا تَتَوَهَّمِ

هُنَاكَ يَصْمُتُ كُلُّ حَرْفٍ نَاطِقٍ

وَيَذُوبُ وَقْتُكَ فِي وُجُودٍ مُبْهَمِ

هُنَاكَ تَرْجِعُ كُلُّ (أَنَا) مَنْسِيَّةً

وَيُفَكُّ سِرُّ الكَوْنِ في المُتَفهمِ

هُنَاكَ يَبْدَأُ لا وُجُودٍ فَاتِحًا

بَابَ العَدَمْ... لِنُورِهِ المُتَجسمِ

في غَيْهِ الوُجْدانِ ضَاعَ تَفَكُّري

فَسَأَلْتُ نَفْسِي: مَنْ أَنَا فِي العَالَمِ؟

هُنَاكَ تَبْدُو فِي الغُيُوبِ حَقِيقَةٌ

لَا يدْرَكُ المعنى فِيهَا بِالفم

فَإِذَا الْعُقُولُ تَوَارَتِ اسْتِفْهَامَهَا

نَطَقَ الَّذِي فِي نَفْسِنَا لَمْ يُعْلَمِ

يا صَاحِبِي، إنَّ الوجودَ سُؤالُنا

وَالصَّمْتُ فِيهِ لِسَانُ مَن لَمْ يَفْهَمِ

يَا سرَّ روحٍ فِي الوجودِ تَسَاءَلَتْ

تَرْجُو مَعَانِيَ اللا وُجُودِ لِتَنْعَمِ

فَإِذَا الحَيَاةُ تَدُورُ فِي أَطْوَارِهَا

وَالمَوْتُ مِثْلُ سُؤَالِهَا لَمْ يُحْسَمِ

فَالعَقْلُ يَسْأَلُ كَيْفَ جِئْنَا وَاحِدًا

ثُمَّ انْقَسَمْنَا فِي الوُجُودِ الأَعْظَمِ

لَكِنَّهُ سِرٌّ يُقِيمُ مَقَامَهُ

فِي كُلِّ نَفْسٍ كَالظِّلَالِ المُبْهَمِ

وَوَجَدْتُ فِي صَمْتِي طُمَأْنِينَاتِهِ

كَالنُّورِ يَنْبُتُ فِي فُؤَادٍ مُلْهِمِ

فَهَنَاكَ يَسْكُنُ فِي السُّكُونِ جَوَابُنَا

وَيَذُوبُ فِي سِرِّ كونٍ نَغَمِي

فَإِذَا سَكَنْتَ إِلَى الوُجُودِ وَغَيْبِهِ

سَتَرَى الحَقِيقَةَ فِي الخَيَالِ المُحْكَمِ

"فإذا انطفأتُ رأيتُ نورًا واحدًا

في كلِّ ما يخفى وما يتكلَّمِ"

هُنَاكَ يَفْنَى السَّائِلُونَ وَيُولَدُ الـ

مَعْنَى كَنُورٍ فِي الضَّمِيرِ المُبْرَمِ