ليس مبالغة أن نقول : (القراءة حياةٌ أو موت)، إما أن تقرأ فتحيا حياة العظماء الشرفاء الأحرار، وإما أن تعيش أميّا تعشعش عليك الأوهام والخرافات والأساطير.
يتنافس الكثيرون في الساحة الثقافية اليوم بإعطاء الأولويات لما يرون؛ فنسمعهم يلوّحون : (العقيدة أولا، الحرية أولا، الوحدة أولا، الاقتصاد أولا..)؛ وما حسبوا أن من غير (القراءة) لن نعتنق عقيدة، ولا نتذوق حرية، ولا نكوّن وحدة، ولا نبني اقتصادا، ولا نثبت لنا وجودا.
إذا أردت أن تبني علاقتك بالكتاب ؛ فلا تبنيها وقد وضعت نصب عينيك الكتاب المدرسي.
لن أستطيع أن أجيبك بماذا تقرأ؟ إلا إذا أجبتني ما النقص الذي تعاني منه؟ .
مزيد من القراءة .. لمزيد من الهدوء والطمأنينة في التعامل مع ما قد يواجهك.
عزوفنا عن القراءة يكمن في : غياب ثقافة القراءة في بيوتنا.. عدم إدراكنا لما سنجنيه من قراءاتنا.. طغيان الرفاهية في حياتنا.. سوء التنظيم لأوقاتنا.. دخول التقنية في أعلى سلم أولوياتنا.. .
لعنة الله على التلفاز.. الإنترنت.. الاستعمار.. اللقمة الهاربة من فمنا... نحن لا نقرأ!! وتبريراتنا دائما جاهزة.. .
تكاد لا تجد – وأنت تقلّب التاريخ – إنسانا ذا شئوا إلا ووجدت وراءه نهما لا ينقطع عن القراءة.
استشارة المختصين كلٌ في فنّه ؛ عامل مهم في وضع اللبنات الأولى في طريق المعرفة.
بداياتك بأن تصحب الكتاب في ذهابك ، وأوقات انتظارك ، بل وعلى سرير نومك.. باختصار : قرّبه منك وتقرب إليه.
بعض الشباب اليوم غاية ما يسلكه متابعة لجديد الروايات.. وقراءات هنا وهناك.. وتقليب بين القنوات.. فهو لا أرضاً قطع .. ولا ظهراً أبقى.
دخولك لعالم القراءة بأهداف وغايات واضحة ؛ هو ما يُساهم في ارتواءك الحقيقي ، ومن ثمَّ يقودك إلى مزيد ومزيد من القراءة.
كم هم الذين يحبون القراءة حتى وصلوا لعشقها.. ومع ذلك لم تحدث لديهم التقدم والفرق المأمول.
على القارئ أن يسأل نفسه قبل الشروع في أي كتاب.. هل هو من الشريحة التي يستهدفها المؤلف أم لا؟.
لا تُكره نفسك على القراءة ، وإن أصابك الفتور والكسل فنحّها جانبا ، وكن على شوق بالعودة.
كثيرا ما نبدأ مشاريعنا (صفرية) ، لكن القراءة هي من تقول لنا : هنا وقف من كان سبقكم ، ومن هنا يجب أن تبدؤوا.
نعم اقرأ ما شئت ؛ بشرط أن يكون لك فكر قادر، ومعدة عقلية تستطيع أن تهضم ما تلقى من الموضوعات والأفكار.
يدخل فاردا عضلاته ، فإذا به يسقط في أول سقطة.. أعني من يقرأ كل ما وقع في يده دون أرضية صلبة.
الطريق الوحيد للتكيّف مع عالم متسع من حولك ، وبحثك الدائم عن حياة أفضل ؛ ليس القراءة فحسب؛ بل ديمومة القراءة.
إن عبقريتك لا تتعدّى في أن تقرأ فقط ، أو تُجالس من يقرؤون فحسب ، أو أن تُشارك المؤتمرات والندوات ، بل أن تكتشف ذاتك ، وإمكاناتك ، لتختار حينها ما تقرأ مما ينمّي لك قدراتك أنت ، ويُشبع حاجاتك أنت ، ويحقق طموحاتك أنت.
ظاهرة الكتب الأكثر مبيعا في الغرب ليست علامة على القراءة الجادة ، وإنما علامة على المكاسب المادية والاستهلاك السطحي للكتاب.. .
كوننا نقرأ باللغات الأجنبية ولا يقرؤون هم باللغة العربية.. مما يرجّح كفّة الكتاب الأجنبي في قائمة الأكثر مبيعا.
لكل كتاب أفكار رئيسية وأفكار فرعية ، والقارئ الجيد من يعيش في إطار الأفكار الرئيسية للكتاب.
قد تُدرك في زمن قصير ما لا يدركه غيرك في أزمان ، فقط بخمسة دعائم منهجية (حفظٌ وتتلمذٌ وبحثٌ وقراءةٌ ومذاكرة).
احرص أن تسطّر رأيك عن الكتاب بعد قراءته في جملة واحدة.
اختيارك للكتاب يعتمد على : تحديد المجال ، موضوع الكتاب ، محتوى الكتاب ، خلفيتك عن المؤلف ، طبعة الكتاب وإخراجه.. .
وجود المكتبة في بيوتنا ليس كافيا ، بل أن يقلّب الابن نظره فيرى أباً ممسكا بكتابه ، وأمّاً تشرح لأحد إخوته ، وأخاً يكتب في مذكرته.. .
الدقائق الأولى لتصفح الكتاب والنظر في مقدمته وفهرسه ، جديرة بأن توفّر لك الكثير من المال والجهد.
جملة (ليس لدي وقت كاف) هي التي تتصدر دائما قائمة الأجوبة المبررة لسؤال : لماذا لا نقرأ؟ .
الكتب القيادية التي وجهت حركة الأمة ، وما بعدها كان عالة عليها : (الجامع الصحيح للبخاري – الرسالة والأم للشافعي – جامع البيان للطبري – المقدمة لابن خلدون – الموافقات للشاطبي).
ليس صحيحا أن نقدم شهوتنا فيما يقرؤه أبناؤنا ، لكن مهم أن نجنبهم ما يضر دينهم وأخلاقهم.
وأنت تتتبع قائمة مؤلفات بعض المؤلفين تجد أن لديهم رؤية ورزنامة مفاهيم يسعون لتحقيقها ، وإلا فالغالب تطغى عليه الغثائية.
قراءاتك ستبني مواقفك حيال كل ما هو حولك.. .
لم يعد ارتباطي بالكتاب أمرا شاقا.. طبعا بعد الفيس والتويتر.. .
قراءتك في كتب الأَعلام بشرطين :
1- قراءتك كل ما كُتب عن ذلك العَلَم حتى تتوصل للحقيقة.
2- وإيمانك بأن ما كُتب هو جزء من مسببات التاريخ.
قراءتك لفقرة وإعادتها عدة مرات.. أحد انتكاسات القراء الشهيرة.
ماذا لو أضفنا لهدايانا (لأبنائنا، لطلابنا، للعرسان، للمواليد...) كتابا؟ حينها سيكون لنا الفضل في نشر عادة حسنة سنرى أثرها ولو بعد حين.
نحكي عن معلمين حوّلوا المكتبات المدرسية إلى ساحة للنقاشات الرياضية وتداول للجرائد البيضاء والوردية.. للأسف.
خمس دقائق لتصبح مليونيرا.. دقيقة واحدة لنعومة بشرتك.. ثلاثة أيام لتعلم اللغة الانكليزية.. عشر دقائق لقراءة كتاب كامل.. كتب سريعة وهشة، ولكنها رائجة في مكتباتنا وللأسف.
في ظني.. أن أبناء الأسر الفقيرة هم أحوج من غيرهم لتعويدهم القراءة ؛ ليتخلصوا من اليأس وضيق الأفق والنظرة القاتبة التي تحيط بهم.. .
جرِّب أن تختم يومك بقراءة سيرة عظيم من المتقدمين أو المتأخرين.. حينها ستشم لها عبقا في صباح اليوم التالي.
اِقرأ أو مُتْ.
اقرأ فالإيمان بلا اقرأ سيصبح خرافة.. والدعوة بلا اقرأ ستصبح تنفيرا.. والعبادة بلا اقرأ ستصبح بدعة.. والجهاد بلا اقرأ سيصبح إرهابا.. .
إذا أردت أن تعرف مستقبل أسرة فانظر إلى ما يقرؤه أبناؤها.. .
أعرف من الشباب من أنهى كتبا وهو في فترات انتظار إشارة المرور.
إكراه الطفل على القراءة قد يأتي بنتائج إيجابية.
وأنت تحاول تكتب للأطفال.. استمع لهم جيدا حتى تتمكن محاكاة ما يحبون وما يكرهون.
يمكننا الاستغناء عن شراء أمهات الكتب.. بزيارة أسبوعية لمكتبة عامة في مدينتنا.
كثيرا ما نبحث عن هوايات نشغر بها أوقاتنا ، مع أنها تقيّدنا زمانا ومكانا ؛ بينما القراءة هي من تملّكنا المتعة ورياضة العقل وفتق الذهن وبُعد النظر واتزان الشخصية – وبسعر رخيص – مقارنة مع تكاليف تلك الهوايات الأخرى.
في ظل واقع يدعو بكل ما أمكن إلى قطع الصلة مع الكتاب ؛ فإننا نُبارك مقدم كل زائر لمعرض الكتاب في عالمنا العربي ، ولو لم يأخذ كتابا ، أو أخذه ورفّه عند حائط في بيته ولم يقرأه ، فتلك بوادر التحوّل إلى قارئ.
القراءة هي التجربة الأولى لمعرفة العالم من حولنا.. حينها ندرك أن ما نراه هو ذاته ما قرأناه.
في الحياة الواقعية قد يختبئ البعض خلف أقنعة شديدة الغموض ، بينما هم في حياتهم التي سُطّرت على الورق يكونون أكثر قربا للحقيقية ؛ وتلك إحدى مكتسبات القراءة.
تمر القراءة الواعية عبر ثلاث مراحل مهمة :
1- قراءة مقدمة الكتاب وخاتمته وفهرسه.. وهذه مرحلة مهمة لمعرفة مقولة الكتاب الأساسية.
2- تخصيص ورقة لكتابة الجديد الذي اكتسبته من قراءتك لحيثيات الكتاب.
3- تسجيل أبرز النتائج التي توصلت إليها من خلال قراءتك التأملية.
من أسرار القراءة الواعية : أن تشرك أُصبعك وقلمك.. وقبل ذلك تحررك من ربقة الكتاب المقدس.
كثيرا ما نعتب على المفكرين ؛ من صعوبة تفهمنا لما يعالجونه من قضايا كبرى ، وفي ظني أن ذاك عتبٌ في غير محلّه ، فالأفكار المعقّدة قد تُشوّه وتفقد طاقتها إن هي بُسّطت.
القراءة فطرة.. يولد الطفل محبا لها.. فأبواه إما ينميانها فيه بالتشجيع وحسن القدوة.. أو يصرفانه عنها بالإهمال وسوء الأسوة.
القراءة الصامتة تحقق استيعابا أكبر وسرعة أعلى.
القراءة في المطارات والقطارات وأوقات الانتظار ؛ ليست هي المعيار الوحيد لثقافة مجتمع ما.
القراءة تُعد الخطوة الأولى لعملية الاندماج في مجتمع ما.. .
كل يوم أزداد قناعة أن القراءة فطرة.. فهي الأم التي تهدهد.. والأب الذي يربي.. والوسيلة الأهم في تحقيق ذاتك.. والركيزة الأساسية في مجابهة الفتن.
من نافلة القول : أن القراءة محك من أهم المحكات للحكم على تقدم فرد أو أسرة أو مجتمع أو أمة.
مشكلتنا مع القراءة تبدأ بارتباط الكتاب بالمدرسة والجامعة وامتحان يؤدّى ثم ينتهي كل شيء!! ، بينما الكتاب في العقل الغربي يرتبط بالشخصية وبنائها وحاضرها ومستقبلها.
يؤسف أن أنظمة وممارسات تعليمنا لا زالت تلعب الدور الأبرز في توسيع الهوة بين أطفالنا وشبابنا وفتياتنا من جهة، والقراءة من جهة أخرى.
الذي أجزم به أن طالب العلم المضطر للعمل في غير تخصصه العلمي، قد يوفٌّق إذا راعى أمرين :
أولهما : أن يختار عملا قليل الجهد والعناء.
ثانيهما : أن يُلزم نفسه بثلاث إلى أربع ساعات يوميا في القراءة والطلب.
القراءة تحت ضغط الزمن ؛ من أحسن العوامل لتحسين سرعة القراءة.
تعرفّك على الكتاب ، ومؤلّف الكتاب – سلفا – يُسهّل عليك قراءة أفكاره.
أجمع العارفون ؛ أن غياب المنهجية ، وفساد طرق التعليم هما العامل الأكبر في فساد حياة كثير من باحثي المعرفة وطالبي العلم.
في جلساتك مع بعض ممن أخفقوا في مراحلهم الدراسية ؛ يفاجئك بعضهم وقد انقلب هائما على وجهه مبغضا للكتاب ، يعزو كل إخفاقاته إليه ، وهو بعد كل هذا يبحث عن وجهة يحقق بها ذاته ، بعيدا عن عالم القراءة!! .
تصنيفنا للقراءة أنها من الثانويات ؛ هو ما يجعلنا نؤكد أن قلة من الناس من سيضغطون على مصاريفهم الشهرية من أجل شراء كتاب!! .
ماذا لو رأى أسلافنا من العلماء ما نحن فيه من النعيم ؛ من الإنترنت ، والمكتبات المنتشرة ، والكتب الإلكترونية ، ووسائل التوصل المتعددة لعلوم الشرق والغرب.. لتعجّب من هذا التواني وفتور الهمم الذي يعانيه كثير.
كثير هي القيود التي يضعها بعضهم لوقت أو مكان القراءة ؛ لكن غالب ما يُذكر هو يناسب فئات دون فئات ، ولكل أن يختار ما هو أصلح له.
شريحة ليست يسيرة ما يمكن أن نوسمهم (بقارئي الديكور) ؛ كل همهم وأقصى غايتهم تصميم جاذب لمكتباتهم ، وتناسق بديع في ألوان وأحجام كتبهم ، ورف متناسق بين كل تلك الكتب... .
لماذا نقرأ؟ سؤال قد لا تجد له مبررا لدى تلك الشعوب التي ترعرع أطفالها وشبابها بين أحضان الكتاب.
جوابك على سؤال (كيف أقرأ)؟ هو ما يُحدّد نوعية قراءتك ، بل ويُساهم في مداومتها.
تكمن أهمية سؤال (ماذا نقرأ؟) ؛ بأن ما نقرؤه هو ما يُشكّل سلوكاتنا وتحركاتنا وتصوراتنا وطريقة تفكيرنا وتعاملنا مع ذواتنا والحياة والآخرين من حولنا.
النفس في الواقع ميّالة لقراءة ما تُحب ، لكن ليس دائما ما تُحبه يكون مفيدا لها.
قد درج بين أوساط كثير منا أن (التخرج) يعني : الانتقال التام إلى حياة العمل ، وقطع كل ما يمت بصلة بين الخريج وبين القراءة ومواصلة التعلّم ، بينما هي تعني عند أولئك : بداية طريق التعلّم الحقيقي.
بعض من أولئك الذين أخفقوا في البحث عن المتعة الحقيقية من خلال قراءاتهم ؛ كان وراء ذلك أنهم قد وضعوا نصب أعينهم أن القراءة (شرٌ لابد منه).
ليس صعبا أن تستنتج أن وراء الخصومة التي يترعرع عليها شبابنا فيما بينهم وبين القراءة ؛ هو موقف أب وأم أولا ، ثم مدرسة ثانيا، ثم بيئة عمل وحركة حياة في المجتمع كله.
ونحن نتحدث عن القراءة والكتاب.. فلا يمكن لنا بحال أن نهمّش أو نُغفل دور التكنولوجيا المعاصرة ، وإلا كنا كمن يدعو لركوب الدواب ، في وقت شقّت فيها السيارات الأرض ، وحلقت الطائرات السماء.
مهما تكّلمنا عن القراءة وأهميتها وخطورة الابتعاد عنها ؛ فلن نشعر بالقراءة وقيمتها ونتلذذ بطعمها ؛ إلا إذا قرأنا.
التعليقات