على بُعد خطوات من مدرستنا القديمة، قام أحدهم بركل قطةٍ صغيرة. لم يكن الأمر يتطلّب الكثير من الوقت حتى يركض طفلٌ لم يتجاوز عمره السابعة، صارخًا بأعلى صوته: ماتـت القطة، ماتـت القطة!؛ ليهرول طفلٌ آخر، يتفحّص القطة جيدًا، ثم يرمق ذلك القاسي بنظرةٍ مليئةٍ بالثـأر، ذلك الغضب الطفولي الجميل، توعّدٌ صامت وغاضب في آنٍ واحد. هل من العدل أن يتمـزّق قلب هذا الصغير هكذا؟
في زمنٍ صار فيه العنـف هو الأساس، وصارت مشاهدة الدمـ.ـاء أشبه بمشاهدة فيلمٍ كرتونيٍّ جميل، صار التعاطف مرتكزًا حول الجاني، بينما كلمات اللوم والغضب منصبّة على الضحية! لا يثير هذا دهشتي حقًا، فما الذي يُدهش في زمنٍ صار فيه ذِكر منصب القتـ.ـيل أهم من إرهاق روح الإنسان؟
في حقبةٍ جديدة من الزمن، قد ينبت من جوف هؤلاء القساة بذرة طيبة ترتكز الرحمة في دواخلهم… هذه شعارات الكثير! غير أنّي أشعر بالغضب الشديد عند سماع هذا الوعظ الخالي من المنطق! ذلك الذي يُردَّد بعاطفة شديدة: إن الاحتمال الأكبر للقسوة أننا نشأنا في بيئة لا تعرف للرحمة سبيلًا!
مهلًا مهلًا… مَن لا تُهذّب دواخله قسوة الحياة وتجعله أكثر لينًا ورحمة، فهو في الأساس غليظ القلب منزوع الرحمة؛ لأن القسوة، في أحيان كثيرة، لا تتطلّب الغضب بقدر ما تتطلّب إنسانًا على دراية كاملة بالتوقيت الأصح للقسوة، والموضع الأسمى للّين.
#فاطمة_شجيع
التعليقات