هل هناك من يعيش حياة غير واعية ؟
لو بدأنا الحديث بسؤال كهذا، فما ردك يا ترى؟ دعني أبحر معك قليلا في فضاء هذه الفكرة، أن هناك شخصا يعيش بغير وعي منه، وينساق دون تدبير منه ، مرغما ، رغم انه يظن أنه يتحكم بكل شيء.
مرت على هذه الأرض، شعوب ، وحضارات، وبلاد ودول، وأرواح كثيرة،ولدت كلها، وماتت كلها، وستولد وتموت، إلى أن يأتي أمر الله، فهل كل هؤلاء كانوا واعين لما يفعلونه؟
اولا ، ما معنى أن نكون على وعي لما نقوم به؟
معنى هذه الفكرة، أن نكون اصحاب القرار في اعمالنا، والخطوة القادمة، واننا ندرك لماذا نفعل هذا ، وما النفع الذي يعود علينا، باعتقادي أننا سنتافاجأ أن الغالبية العظمى مني لا نعي هذا ، ونظن أننا المتحكمون في حيواتنا، وتصرفاتنا، مع أن هناك أياد خفية ترسم لنا مساراتنا وتوهمنا أننا نريد ما نفعل، والحقيقة أننا نفعل ما تريده هذه الايادي الخفية.
ليس هذا ضربا من ضروب المؤامرة، والمتحكمين بمصائر الشعوب، بقدر ما هو واقع نعيشه، في ظل حياة التواصل الاجتماعي، وحياة الرفاه الجديدة التي نظن انها قليلة، ولو قارناها بالحضارات السابقة، لوجدنا اننا اليوم نعيش في عالم يموت فيه الناس بسبب السمنة اكثر مما يموتون من الحروب، ونقص المعدات الصحية، والاكل .
في الوقت التي يستيقظ فيه الانسان، ويفتح عينيه، يجري ويركض ليتم مهمة مجهزة له في بيئة العمل، وما ان يتمها حتى ينتقل لأخرى، بشكل روتيني لا يدرك انه يمضي فيه ساعات يومه الثمانية ، أي ثلث يومه، ثلث انيته، ثم يعودليحصل على قيلولة ، ويفكر كيف سيغلب صديقه في لعبة الورق، الذي غلبه البارحة ، ثم ما ان يلتقيه ويعود يتناول عشاءه، ويشاهد الاخبار ، حتى يحين موعد النوم، ينام ويعيد الكرة . هل هذا الانسان واع لما يفعله ؟
هل حقا يمكننا اعتبار مثل هذا نوعا من الغفلة عن زمام امورنا وضبطها ؟
التعليقات