من حسن الحظ اهتمام أمهات اليوم بكيفية تعليم الأطفال وتربيتهم تربية جيدة باهتمام برغم من ما نلاحظه من الانحدار الأخلاقي الذي قد طفا على السطح مؤخرًا، حيث كثير من الأمهات حاليًا مهتمات جدًا بفكرة التربية الايجابية للأطفال وماذا نفعل حتى نجعلهم يستمعون إليها ويتخذون الطريق الصحيح!

لكن فعلًا هل الطريقة التحفيزية الواردة في الصورة صحيحة؟

بالنسبة إلي أنا كشخص لا اعتقد

لا اعتقد أن التحفيز السريع هو طريقة صحيحة في المعظم، اعتقد أن هذا تغليب لقيمة المكافأة على قيمة السلوك الجيد نفسه، ينبغي على الطفل أن يعلم لماذا يفعل هذا وكيف يفعله بطريقة صحيحة، لا أن يفكر في الجائزة التي يريدها، بالتالي سيفعل أي شيء يريده حتى ولو لم يكن مقتنعَا به. قد يعرض حتى الطفل للكذب حتى يحصل على المكافئة، أي أنه سيسعى للحصول على المكافئة غير عابيء بما يريده وما هو مقتنع به وإذا كانت ذاته الحقيقية تتوافق مع هذا أم لا! ناهيك عن فكرة الغيرة التي تنشأها بين الأطفال والسباق الذي تقيمه في نفوسهم وانه يريد اليوم أن يتغلب على فلان وعلان لا أن يركز على حياته هو ومستواه هو!

دعني اضرب لك مثال اوضح، في معظم الصفوف تجد لوحة الشرف، إذا اعتذر الطفل من فلان الذي قام بسبه يوضع اسمه في لوحة الشرف بإنه قام بكذا، وإذا لم يعتذر لم يوضع! هل نريده ان يعتذر لإن فعله كان مؤذيًا أم لكي يوضع اسمه في لوحة الشرف؟ قس على ذلك كل شيء تقريبًا.

برغم من كون هذه الطريقة سريعة المفعول وتحفز شعورًا بالإنجاز والإيجابية لكنه يحفز عند الاطفال نمط الشخصية الذي يستسلم للعصا والجزرة

إليك قصة العصا والجزرة إن لم تكن تعرفها:

العصا والجزرة هو تعبير مجازي مصدره أوروبا عندما كانوا أهلها يروضون البغال والحمير باستخدام العصا والجزرة؛ بحيث يتم مسك الجزرة بيد ووضعها أمام الحمار والعصا بيدٍ أخرى، فسيأخذ الحمار إن طاوع صاحبه الجزرة وإن عصى فله العصا.

هذا بالضبط ما تفعله فكرة التحفيز الفوري، بعقلية الطفل التي تتعرف على العالم من خلاله أنت تضع أمام الطفل أنه إن فعل كذا فله حلوى، وإن فعل كذا فلن يتم مكافئته، لا يتم وضع قيمة الشيء الذي يقوم بعمله في تفكيره، قد يخطر في بالك أن الأمر أن هذا مجرد ربط ايجابي بالفعل ويمكننا مع التحفيز أيضَا أن نعلم الطفل قيمة الذي يفعله، وأنا أيضَا قد فكرت في هذا، لكنني تذكرت كم مر علي أناس يشتكون أن الآن اصلي ومنتظم في صلاتي لماذا لا يعطيني الله ما أريد؟!، ألم تلاحظ هذه الشكوى المنتشرة بين جموع الشباب المتعرفين على الله جديدًا؟، مثال آخر فعلت كذا وكذا مع فلان ولم يقم برد الجميل إلي؟، العديد من الشكاوى عن التوقعات التي نبنيها بناء على الفعل الجيد الذي نقوم به حتى ونحن كبار، مازالنا نخلط بين أهمية اتخاذ القرار الصحيح وبين ما نتوقعه منه!

اعتقد أن التحفيز السريع حتى منطبع في نفوسنا نحن كبالغين، وغالبنا يعاني من التوقعات في الحياة ويدخل في اكتئاب عميق لو لم يحصل على المكافئة، وهكذا تمر حياتنا بسلسلة من التوقعات ايجابية أو سلبية ولا يتعلق الأمر بإننا ندرك قيمة الاختيارات الصحيحة في حياتنا!

في اعتقادي أنا أنه إذا أردنا بشرًا مطيعين فلنحفزهم تحفيزًا فوريًا، وإذا أردنا أن نعلمهم قيمة ما يفعلونه فنشرح لهم وندع لهم الاختيار

لكن هذا يقودنا لسؤال آخر:

هل نريد بشرًا مطيعين أم نريد مفكرين؟

لإنه في غالبية البيئات الاجتماعية المفكرين يشكلون تحديًا كبيرًا وحتى تهديدًا في بعض الحالات للذين يقومون على شؤونهم وأمورهم، غالبية البيئات الأسرية تحفز الطاعة على التفكير لإن هذا يعني مجهودُا أقل في المتابعة والتكليف وخلافه! ماذا تعتقد أنت؟