هل جلست يوماً مع أحد وقد أخبرك بكل شيء عنه، مغامراته، أسراره، لحظاته المهمة والمحرجة ومن ثم نظر إليك منتظراً منك أن تقوم أنت بالتحدث، وكأنه دوراً يتم تناقله بين الأشخاص.

لا شك أننا نحتاج إلى نثق بالأخرين ونشاركهم أشياء نريدها عنّا، لكننا بالطبع نحتاج حدود لا تدفعنا لأخذ الأمر كأنه مبادلة.

يقول طبيب برتغالي في أحد الكتب أنه كان يحافظ على علاقة جيدة مع مرضاه، وكانوا يأتمنوه على الأشياء الأكثر عاطفية والأكثر خطورة ويقصد بذلك المنظور السياسي والديني، لكن ما إن ينتهي المريض أن يبوح له بكل هذه الاختلاجات، ينتظرون منه أن يبوح لهم هو أيضاً بشيء!

لكن لماذا لا يفهم بعضنا البعض؟ وأنه لا يجب أن ننتظر من شخص أي شيء إذا لم يكن يريد أن يبوح بأي أمر، لماذا لا نتحدث لمجرد أننا نثق به؟

هل يرى الشخص انتقاصاً من ذاته إذا أخرج ما يُعتمل في نفسه وفكره دون يفعل الأخر المثل؟ هل نشعر بأننا عراة الروح اذا ما تحدثنا إلى شخص نعرفه ونثق به دون أن نرى ضرورة بأن يتحدث هو، أم أن العلاقات البشرية بطبيعتها تحولت إلى مقابلة مادية، كأن تتحدث فأتحدث، أفعل فتفعل، أهديك شيئاً الأن وعليك بالمقابل إهدائي شيئاً لاحقاً!

لماذا من الصعب الحفاظ على حدودنا بشكل مقبول خصوصاً في هذه الأيام؟ كأن نقول لمجرد أننا نريد وأن نهدي لأنها رغبتنا الداخلية وأن نحب لأننا نشعر بذلك فقط!