كنت خارجا من محل حين جائتي صبيين مسرعين وقالا لي بأنهما يتعلمان تدريب مهني ويبحثان عن شركة ،بدأت أشرح لهما بعفوية أين توجد الشركات و أردت أن أسحب هاتفي لأعطيهما أرقام ،حين ناداهم صاحب المحل و خرج لي مساعده وقال لي قد يكونان لصين أرادا خطف هاتفك ...قلت له دائما يسألني الناس و أدلهم على الطريق ،ذهبت في حال سبيلي ...في الطريق تعودت أن يستوقفني الناس ويسألونني عن وجهتهم عدة مرات و أجيبهم و أرافقهم أحيانا لهدفهم ،أحيانا يكونون في طريقي فأجد توصيلة مجانية و أحيانا من أجيبه يعود بعد مدة من أجل طرح سؤال آخر أو يلح في أن أساعده في قضاء شؤونه ،في هذه الحالة أعرف كيف أتصرف ...قرأت قبل سنوات لعماد أبو الفتوح أن تكون جمعية متنقلة كل يوم تقريبا أفعل الخير بطريقة أو بأخرى ،أذكر مرة حارسا في شركة إتصالات كان مرتبكا و أسر لي بأن هذا أول يوم له سلمت عليه بحرارة و شجعته بعدها بأيام عدت صدفة و قد تعود على المكان شكرني لأنني شجعته يومها فقد كان يفكر في المغادرة و يشعر بأنه غريب...أحيانا يلومني من يعرفني كيف أجيب عن سؤال شخص ما لكن ليس دائما ...هذا ما تعلمته من حسوب و سأبقى دائما وفيا لعادتي هذه...شكرا لكم...أكتب هذا لأنني أجلس في مقعد و أفكر في الطفلين فقد فاتني أن أجيبهما على سؤالهما ...
ليس عيبا أن تجيب بعفوية في الحياة الواقعية مثل حسوب أو كاورا؟
ذكرتني بفيديو شاهدته منذ أيام، عن رجل يحكي أنه يخرج كل يوم من بيته، قد رأى رجلا مسنا يسكن مقابله يعيش أمام حديقته، لا يعرفه رفع يده كي يحييه، وحينما رجع من العمل وجده مجددا في الحديقة، فابتسم ورفع له يده مجددا، وبادله ذلك الرجل..
يقول صاحب الفيديو لمدة 4 سنوات، أجد الرجل يعتني بحديقته، أحييه في الصباح، وأبتسم له في المساء، دون أن نتحدث أبدا..
في أحد المرات حين رآه راجعا من العمل، يقول: فكرت لو أنني أنزل لشراء كوب قهوة، وأشاركه معه، ومنها نتعارف..ما إن وقفت بجانبه حتى خرجت ابنته وهي تبتسم وتقول، مرحبا بك، وشكرا لك لتحية والدي كل يوم..
بعد حديثي مع الابنة، اكتشفت التالي: والدي يعاني من التوحد الحاد، وكانت لحظة تحيتك له كل صباح ومساء من أفضل لحظات يومه، لدرجة أنه يحفظ موعد مرورك بالضبط، ويلبس ملابسه ويتأنق من أجل تحيتك، وطوال اليوم ينتظر المساء، ويستيقظ باكرا كي لا يفوته موعدك..
:)
يختم صاحب الفيديو قائلا: اتركوا أثرا طيبا، قد تكونون لحظات مؤثرة بحياة أحدهم و أنتم لا تدرون..
ذكرتني به
بحديثك السابق اوقفتني عند كلام جميل جدًا وهو "ازرع جميلاً ولو في غير موضعه فلن يضيع جميل أينما صنع إن الجميل إذا طال الزمان به فليس يحصده إلا الذي زرع "
علي بن ابي طالب.
فبذور الخير مزروعة بنا بالفطرة وليس عيبًا أبدًا تقديم المساعدة والنصيحة لمن بحاجة لها أو يطلبها لأن بذلك الإحسان نريح ضمائرنا ونرقى بفكرنا.
ذكرني صنيعك الجميل هذا بمقولة: "من سار بين الناس جابرًا للخواطر أنقذه الله من جوف المخاطر"..
والحقيقة أجد أن كل حرف في هذه الجملة واقعي ومنطقي لدرجة كبيرة. كلّما فرّج الإنسان كربةً عن أخيه فرّج الله عنه كربةً في طريقه أوة يسّر له مسائله العالقة.
تفريج الغم على الناس ثوابه عظيم للغاية ونستشعر ذلك في الدنيا قبل الآخرة. لطالما كان جزءًا من طبيعتي كما ذكرت أن أهب لمساعدة غيري عندما يحتاج إلى وإن كان غريبًا.
حتى أبسط أبسط الأمور بنظر الناس، وهي عندما أمر في طريق فيأتي إلي طفل لا أعرفه ولا يعرفني مادًا يده بحركة طفولية كي أسلّم عليه،، رغم كونه طفل وقد يكون غير مرتب أحيانًا كثيرة، لكنني لا احب "كسفه" فأمد له يدي وأبادر بقول: "بطل يا صغير"،، ولك أن تتخيّل الابتسامة العريضة التي تُرسم على محيّاه!
لكن كما ذكرتَ في بداية حديثك،، ما عادت الثقة كما هي وأصحنا نخشى على أنفسنا في كثيرٍ من المواقف!
وقد انتشر نوع من الجرائم مفاده أن شخصين يركبان دراجة نارية يستوقفان رجلًا أو امرأة لسؤالهما عن عنوان مكان، وبكل بساطة بعد برهى يخطف الشخصان الحقيبة أو الهاتف ويلوذا بالفرار على الدراجة دون إمكانية اللحاق بهما!
فكيف نستأمن أنفسنا ونثق بالآخرين إن كانت الثقة في بعض الأحيان ينطوي عليها تعريض النفس للخطر؟
لا أختلف معك في أهمية فعل الخير ومردوده الإيجابي على أي شخص نفسيًا، ولكن الفكرة من ناحية أخرى أن كثرة ما يتعرض له الأشخاص من مساوئ جعلهم يخشون فعل الخير أو القيام به دون أن يتخذوا حذرهم!
ولو نظرنا للأمر بجانب عقلاني أكثر ستجد أنهم مُحقين وأن هناك العديد من الجرائم تحدث بسبب تعاطفنا المبالغ فيه مع الأخرين.
التعليقات