وهل ثمة جمالٌ فى القبيح؟! هكذا يبدأ الرفعى عنوان مقالته، فكيف لمتضادين أن يجتمعا إلا لو كان فى ذاتين مختلفين أو معنين مختلفين كمعنى الصورة ومعنى النفس، فقد تجد صورة تجمع جل الجمال ثم إذا ما عايشت النفس وجدتها تجمع القبح، أو ظاهرا أوهمك جماله، حتى إذا ما عايشت نفسه أيقنت قبحه، يروى المقال شاب فى ريعان شبابه وككل شباب عصره مأخوذا بمظاهر الدنيا، مفتون بها، سافر البلاد شرقا وغربا كتاجر وامتلائت عيناه من زينة الدنيا، حتى أوهم نفسه ببعض صفات لمن ستكون شريكة عمره، حتى إذا به القدر ينزله مجلس فيه تتغير الأهواء وتنقاد النفس إلى  الحق، مجلس تعمه الرحمة والسكينة، مجلس مضاء بنور الحقيقة، مجلس يقال فيه جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ، مجلس الكلمة الصادقة تنير ظلمة من ظلمات القلب فإذا به يبصر الأشياء على حقيقتها غير منخدع بظواهرها، إنه مجلس العلم، جلس منصت لعالم أورثه الله الكتاب والحكمة ورزقه الفطنة وجعل لكلامه بيانا وسحرا، كان حديثه عن الزوجة الصالحة، كلام لم يسمعه من قبل، كلام أقرب إلى طبعه وفطرته التى كادت من مظاهر الدنيا أن تعطب، ينصت للشيخ بقلب واع، حتى إذا غادره تغير حاله وتغيرت قناعاته عن شريكة حياته، حتى كان يوم زفافه، وخلا بزوجه يرفع عنها غطاء الوجه ليبصر قبح ظاهر، لكنها بدينها استطاعت أن تملأ قلبه وإعتاد الصورة، وصار المعنى الجميل يتجدد فى قلبه كل حين وحين .