الأم كلمة عظيمة بألف مفهوم .

فطرة وغريزة توجد في نفس كل أنثى!

فسبحان من أودعها في نفس المرأة وجعلها حاجة ملحة وضرورة تسعى إليها كل أنثى ، وإن لم تكن بعض الإناث قد تظهر هذه الرغبة بوضوح إلا أنها حين تفتش في زوايا نفسها تجدها واضحة براقة ولكن ربما قد دفنتها ظروف الحياة .

ترزق المرأة بطفل فترى تلك المشاعر تتدفق وتلتف حول طفلها بكل حب وحنان واحتواء وسعادة ، شعور يفوق كل شعور وعطف ولطف وعطاء بلا حدود ، لا أحد يعطي مثل هذا العطاء تعطي في ضعفها وقوتها ،في صحتها ومرضها في كل آن وفي كل حين ، تعلم أنها تريد شيئا لنفسها ثم ترى حاجة من حاجات طفلها فتعطيه قبل نفسها ، فأي علاقة بشرية هذه !! وكيف لها أن تفعل ذلك !! لا تلوموها إنها الأم !!

وأما عن موضوع الكتابة فهي استعراض لثلاث مشاهد من مشاهد الحياة ؛-

فأما الأم الأولى :- ترى أجزاءا منها على الأرض يتحركون ويلعبون ويمرحون وأحيانا يبكون ويتألمون ويتعثرون ويحزنون و ،،،،

فتريد هي بفطرتها أن تحجب عنهم كل أذى كل تجربة مؤلمة وكل حادثة مبكية ، هنا هي تقف أمامهم لتكون هي الدرع الذي يتلقى كل شي بدلا عنهم ، كل شي تتلقاه فتصفيه ثم تنقله إليهم إن رأت أنه ذات معنى جميل ، فكل شيء بمفهومها ومنظورها وكل شيء غير حقيقته حتى السعادة فإنها منقولة إليهم ، وخذ باعتبارك أن الألم لا يصلهم فقد حملته هي عنهم وتألمت بدلا عنهم ، بل وكثيرا ما تقرر هي بدلا عنهم ، ولا تدري أنها متسلطة تمارس أساليب التسلط معهم وتقدم لهم مفاهيم مغلوطة عن الحياة حتى إذا ما فقدوها انهاروا وتلاشت حياتهم فهم هشين ضعاف الشخصية !! ، وقد يتمردون عليها بعد فترة من الزمن !!

وأم ثانية :- ربما تكون قد مارست ماكانت تمارسه الأم الأولى ولكنها تعبت وذبلت ولم يعد في وسعها إعطاء المزيد ، فتركتهم دون راع ولا مراقب ، وأهملت من حيث تظن أنها تربي بالطرق الحديثة ، وأعطت حريات مفتوحة دون صقل وتربية ومبادئ ، فأنشأت إما متمردا أو ابناً فاقدا للانتماء والهوية يلتقطه ويحتويه كل لاقط !!

وأم ثالثة:- فهمت المشهدين فاتخذت موقفا وسطا فلا هي تسلطت ولا هي أهملت بل أمسكت بزمام الأمر !

وقدمت أطفالها للحياة وهي خلفهم تسندهم وتقويهم وتعطيهم مفاتيح الأمور ، وهم في المقدمة يواجهون !

نعم تحس بالألم عندما يتألمون ولكنها لا تُبعد عنهم هذا الألم !! نعم هي تريد منهم أن يتعلموا كيف يتعاملون مع هذا الألم وكيف يستفيدون منه .

نعم قد تبكي معهم حين يبكون ، ولكن لا تعطيهم وعودا مثالية بحياة مليئة بالورود ، بل تجعلهم يخوضون في تفكير عميق يخرجهم من المخاطر والأزمات فتُصفل عندهم المواهب .

تقدم لهم الحياة بمتناقضاتها ، وترى اختياراتهم بعيونها ، قد لا يعجبها ولا توافق ولكنها تجعلهم يتحملون مسؤولية هذا القرار -طبعا فيما لا يتعارض مع الدين أو القانون أو الصحة أو الأمن .

تعلم يقينا أنها لن تبقى خالدة لهم ولن تحاسب بدلا عنهم بل كل مسؤول عن عمله ، فتسلم لهم مسؤولية أنفسهم !!

انتهت المشاهد هنا !!