هذا اليوم بالنسبة لي هو مناسبة للتوقف عند لحظة الإنتظار للنظر إلى الوراء وإلى الأمام، هو مراجعة للأوراق القديمة والحديثة، هو يوم أجدد فيه عقد الذات مع نفسي ومع أهدافي، أي هو يوم للعمل على نفسي أكثر مما هو إحتفال شعبوي، لست مجبرا على الفرح بهذا اليوم إن لم أكن كذلك، ليس لدي الكثير من الأصدقاء لأنني لست إجتماعيا ولست متوحدا، لذلك سأواجه هذه الأمور بالواقعية والايجابية - أنا صديق نفسي - ، هو يوم أتسائل فيه مع ذاتي، هل أنا سعيد كما أريد في حياتي؟ هل حققت أهدافي؟ ما الذي يجعلني سعيدا؟

لكل شخص له خياله المثالي الذي يتمناه أن يكون واقعا يوما ما، خصوصا بمناسبة هذا اليوم العظيم، مهما طال الوقت يوما ما سأطير في السماء وسأجرب أقصى مستويات الأدرينالين، لكي أحقق ذلك، سأصنع جناحين لي حينها لايمكن لا للجاذبية ولا للخوف أن يمنعوني من الشعور بالحرية في الفضاء، لطالما كان الإنسان يحلم بالطيران، كيف يمكن للمستحيل أن يتحول إلى شيء ممكن؟

أكملت الواحدة والعشرين من العمر اليوم، رقم زائد في حياتي، أشكر قبل كل شيء مدرسة الحياة التي تمتحنني قبل تعلمي للدرس، وأشكر نفسي على كل شيء لأنها الوحيدة التي ساندتني في أشد اللحظات ألما ومتعة، قد يبدو لبعض الناس هذا جنونا أن تشكر نفسك، لكن مايهمني هو ما الذي يجعلني سعيدا، الزمن يستمر في التقدم بلا توقف، لاشك أن هذا الرقم سيتوقف عند رقم معين في لحظة ما من المستقبل.. إذا تقدم الشخص في العمر، فكل عام يقربه أكثر من الموت "الزمن هو عملية تقدم الأحداث بشكلٍ مستمر وإلى أجل غير مسمى بدءً من الماضي مروراً بالحاضر وحتى المستقبل، وهي عملية لا رجعة فيها/متعذر إلغاؤها، ربما يكون مصطلح الزمن الأعصى على التعريف، فالزمن أمر نحس به أو نقيسه أو نقوم بتخمينه، وهو يختلف باختلاف وجهة النظر التي ننظر بها بحيث يمكننا الحديث عن زمن نفسي أو زمن فيزيائي أو زمن تخيلي" كيف يمكننا أن نحقق الخلود رغم حتمية الموت في سنة الزمان؟

معظم الشباب الذين يعيشون عقد العشرينات اليوم، وأنا منهم طبعا، نعاني من أزمة ربيع العمر، عرفت بأنها "أزمة تتضمن حول القلق الوجودي بشأن اتجاه ونوعية حياة الشخص في هذه المرحلة، وتعتبر هذه الأزمة الأكثر شيوعًا في الفترة ما بين العشرينات وحتى منتصف الثلاثينات من العمر، هي مرحلة عدم الإحساس بالأمان والشعور بالشك وخيبة الأمل التي تحيط بحياة الفرد المهنية، وعلاقاته ووضعه المالي" أي هي الفترة التي تقرر فيها مصيرك العملي، يعتمد الحل على بناء إمبراطوريتك وإعلان إستقلالك المادي والفكري، لكن كيف يمكننا أن نتجاوز هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة وحصد أكبر كمية من الإنجازات الناجحة؟

تعتبر نظرية تدرج الحاجات حسب "ماسلو" مفيدة جدا لفهم المراحل الخمس التي قدمها لتطور نمو الإنسان في حياته، لتحقيق السلام والتوازن الذاتي، كالاحتياجات الفسيولوجية؛ الطعام، الماء، التنفس، الجنس، التوازن.. وحاجات الأمان؛ كالامن الصحي، الأمن المعنوي والنفسي، الأمن الوظيفي.. الاحتياجات الاجتماعية؛ كالعلاقات العاطفية والأسرية، الصداقة.. والحاجة إلى التقدير؛ كتقدير الذات، تبادل الإحترام مع الآخرين، الثقة بالنفس.. الحاجة لتحقيق الذات؛ كالابتكار، وحل المشاكل، وتقبل الحقائق.. ركزت النظرية على إشباع الفراغات التي يحتاجها الإنسان لبلوغ توازنه الذاتي، لكن الإنسان دائما يسعى للكمال، هل النظرية كافية لأن يصبح الإنسان سيد نفسه؟

يختلف مفهوم الحياة لكل شخص بين آخر، كذلك هو مفهوم النجاح، لكن ربما نتفق على أن النجاح هو "لغة كلمة مأخوذة من الفعل نجح والتي تعني إدراك الغاية والتوفيق، أما اصطلاحًا فيختلف مفهوم النّجاح بين الناس فقد يعرَّف لدى البعض على أنّه السعي في الأعمال الخيريّة، أو تحصيل دخل عالٍ، أو أخذ ترقية في العمل، أو الحصول على مكافأة ماليّة، كما أنّه يعني أن يحقق المرء هدفه ويصل إليه مهما واجهته من مصاعب وعقبات، لكن النجاح لا ينحصر فقط في الحصول على الأمور الماديّة أو العينّة، أو الشهرة، أو القوة، حيث إنّ الشعور بالسّعادة والرضا والإصرار والعزيمة على تحقيقهما من خلال القيام بعمل أو نشاط معين يعدّ من أهم الأمور التي يتطلّبها الارتقاء إلى قمّة النّجاح" باختصار شديد، النجاح هو الثبات على الهدف والإصرار والمقاومة.. لكن لماذا نخسر أحيانا مع العلم أننا قمنا بمجهود جبار؟

_______________________________________________

ربما قد لاحظتم أن لكل فقرة تنتهي بسؤال وجودي، كل هذه الأسئلة ترتكز على تغيير الذات إلى مستوى أفضل، كنت أحلم بتغيير العالم ونسيت أن أغير نفسي، بسبب هذا الخطأ تعلمت أن التغيير يبدء بالرغبة في التغيير أولا، ثم التطور إلى ما هو أفضل، ثم مواكبة والتأقلم مع هذا التغيير الجديد، مراحل التغيير هي أربعة مراحل، تبدء بالإنكار، أي عدم تقبل الحقيقة، ثم المقاومة، أي أن تكون ضد الموجة، ثم مرحلة الاكتشاف، التي تتميز برؤية الأشياء بزاوية مختلفة، والمرحلة الأخيرة هي الالتزام، أن تجد نفسك وموضعك داخل هذا التغيير، الجواب بالطبع على هذه الأسئلة الأخيرة في كل فقرة سيختلف من شخص لآخر، ولهذا السبب ربما قد يكون جوابي على هذه الأسئلة هم نتائجي المستقبلية، أي أكثر مما هو نظري، يجب أن يكون عملي بالدرجة الأولى، بتعبير آخر، لاتخبرني عن وجهات نظرك، بل أظهر لي نتائجك..

"نحن بإمكاننا قلب الحظ السيء إلى حظ جيد بمجرد تغيير طريقة الوصول إلى الهدف وإستخدام العقل والتصالح مع الذات والواقع".

عيد ميلاد سعيد لنفسي ولأنا 🍀🎉