ربما هذا السؤال من أكثر الاسئلة التي تشغل تفكيري، فأحيانًا على حين غفلة أجد نفسي بأنني أتذكر بأنني نسيت شيئًا ما ولكن دون أن أتذكر ماهيته! فاستعجبت لما يحدث معي، هل يُمكنك تفسير هذا الأمر؟
لماذا نستطيع أن ننتذكر أننا ننسينا شيئًا ما ولكننا لا نتذكر ما هذا الشيء؟
للدماغ نوعان من الذاكرة, واحدة قصيرة المدى تسجل الأمور مدة حوالي خمس دقائق, وذاكرة طويلة المدى يتولاها جزء من الدماغ يُدعى الحصين يقوم بتحويل الذاكرة قصيرة المدى لطويلة المدى, وتحفظ في أجزاء أخرى من الدماغ, ويتألف الدماغ من مليارات الخلايا العصبية التي بدورها تصنع مليارات الارتباطات فيما بينها لصنع هذه الذاكرة.
أنت عندما تنظر لشاشة هاتفك فدماغك سيتذكر العديد من التفاصيل حولها كالألوان, الإضاءة, أين كنت جالسا, بماذا كنت تشعر, الموقع الذي كنت تتصفحه, الوقت الذي كنت فيه تتصفحه...وكل معلومة صغيرة يتم تخزينها بشكل منفصل في ذاكرتك على شكل رابط بين بضعة خلايا عصبية ترتبط فيما بينها لتخلق معلومة متكاملة. وكلما أردت تذكر معلومة حول لحظة تصفحك لشاشة هاتفك تلك اللحظة فإن الخلايا ستعمل على جلب المعلومات تخص تلك الذكرى.
كما علمنا فالخلايا تسجل عناصر الذاكرة كل عنصر بارتباط على حدة, مثلما يتم تجميع الحروف لتصنع الكلمات لتصنع الجمل لتصنع نصوصا لتؤلف كتابا...كذلك أنت عندما تضع هاتفك فوق الطاولة وتُذكّر نفسك بأن عليك العودة لأخذه فإن دماغك سيحفظ المعلومات على هذا الشكل:
- هاتف ..
- فوق الطاولة..
- علي العودة ..
- أمر مهم..
في واقع الأمر فإن الدماغ يجزء المعلومات أكثر مما جزأتها أنا, ويربطها مع بعضها بشكل شديد التعقيد, أعقد من نظام الصفر والواحد بالحاسب.
إذن أنت قد تنسى أمر الهاتف لأن خلايا دماغك لم تحضر لك ذكرى (الهاتف) وجلبت لك خلايا أخرى ذكرى (علي العودة) أو جلبت لك (فوق الطاولة) فتعود لأخذ أمر فوق الطاولة أنت نسيت ما هو لكن تتذكر فقط أن هناك شيء فوق الطاولة عليك أخذه, أو تتذكر (هاتف) وتنسى (الطاولة) وتبحث عنه فوق الخزانة, أو تنسى كل شيء وتتذكر فقط (أمر مهم) وتنسى ما هو هذا الأمر المهم.
أعتقد أن الأمر بالضرورة مرتبط بكثرة تداخل الأحداث اليومية، لكن النسيان يبقى واحد.
لهذا فأنت تستطيع تذكر أنك نسيت، لكنك تستغرق وقتا طويلا لتذكر الشيء الذي نسيته.
وهذه الحالة نعيشها في الغالب بسبب الإرهاق الذهني، وقلة النوم نتيجة كثرة الأشغال والالتزامات. ومن الأسباب التي قد تفاقم هذه الحالة: القلق والخوف والتشاؤم من المستقبل، وقد يكون ناتجا عن الضوضاء الزائة.
مثلا تقرر الذهاب للمطبخ لشرب الماء...
هذه الفكرة تكون مخزنة بذاكرتك المؤقته...
وأنت في الطريق قد يحدث أمر يشتت تفكيرك ...
عندما تصل للمطبخ ... تقف وتسأل نفسك لماذا انا هنا ماذا كنت اريد ...
ربما سوف تصادف ٣ احتمالات
الاول ... تعود الفكرة لك ( تتذكر مرة اخرى )
الثاني : تعود لغرفتك وبمجرد وصولك تتذكر احتياجك للماء
الثالث: تكون أمك بالمطبخ وتقرأ افكارك وتخبرك ... ( او زوجتك لكنني فضلت مثال الأم لأنك في الخامسة )
التعليقات