الكثير من الناس حالياً على منصّات التواصل الاجتماعي من الأغنياء والأقوياء والساسة وأصحاب القرار في العالم يستخدمون هذه المنصات على الإنترنت للوصول إلى أكبر كمية من الناس وتبشيرهم دائماً بأنّ هناك أمل في نهاية أنفاقهم المظلمة، وحتى الأطباء في المشافي لمرضاهم يقومون بذلك وحتى التجّار في الأسواق وكل قوي تقريباً، فهل هذا برأيك، أي أقصد بيع الأمل لأضعف الناس هي خطوة لا تعبّر إلا عن الاستخاف بالضعاف من الناس أم هي للتخفيف عنهم وتخفف عنهم فعلاً؟
بيع الأمل لأضعف الناس: استخفاف بهم أم تخفيف عنهم؟
بيع الأمل لأضعف الناس هو مسألة تستحق منا التأمل والنقاش. من وجهة نظري، يمكن أن يتم فهم هذا الأمر بطريقتين مختلفتين: استخفاف بالأضعف من خلال استغلاله واستغلال ضعفه وجهله أو تخفيف عنهم من خلال توفير الدعم والمساعدة.
إذا قرر شخص ما بيع الأمل والتحفيز الناس من خلال استغلالهم واستخدامهم كطعم لمكاسبه الشخصية، فإن ذلك يعتبر استخفافًا بمشاعرهم وظروفهم الصعبة. يتسبب ذلك في إضافة ضغوط على هؤلاء الأشخاص واستغلالهم بدلاً من تقديم المساعدة الحقيقية التي يحتاجونها. هذا النوع من السلوك يمكن أن يسبب ضررًا نفسيًا وعاطفيًا للأشخاص الذين يتلقون الأمل الزائف والضحكة الصفراء والضحك على دقونهم، ويعزز الظروف الصعبة التي يعانون منها.
من جهة أخرى، يمكن تفسير بيع الأمل لأضعف الناس كتخفيف عنهم عن طريق توفير الدعم والمساعدة الحقيقية. يعني ذلك أن الشخص الذي يقوم بذلك يستخدم قدرته على إلهام وتحفيز الآخرين لمساعدتهم في التغلب على صعوباتهم والوصول إلى حياة أفضل.
هذا الامر يعتمد الأمر على نية الشخص وأسلوبه . إذا كان الهدف هو استغلال الآخرين، فهذا يعتبر استخفافًا واحتقارا لهم، إذا كان الهدف هو تقديم الدعم والمساعدة الحقيقية، فإن ذلك يمكن أن يكون تخفيفًا عنهم ومساعدتهم في تحقيق تحسين وتحسن حياتهم.
وربما من "جهة أخرى" لمَ عسى أحدهم ينتظر آخر ليبيع له الأمل أو الوهم في الأساس؟ لماذا يستخف الناس بقدراتهم الشخصية؟
هذا الامر يعتمد الأمر على نية الشخص وأسلوبه
أدرك جيداً بأن النية هي التي تميّز الشخص الذي يقدّم أمراً صافياً من الذي لا يقوم بذلك، ولكن أنّى لنا أن نقوم بشق صدور الكل لنعرف نيّاتهم فعلاً؟ هذا مستحيل، ولذلك سؤالي هو عن الأمر في حال لا نستطيع نهائياً تمييز نياتهم، تخيّل معي رجل يقدّم أملاً للناس، قوي جداً ولكنه لا يقدّم إلا الأمل، هل ستعتبره حضرتك مستغلاً للضعفاء من الناس؟ أم ستصادق على أنّه فعلاً يقوم بالتخفيف عنهم؟
بيع الوهم..، يكمن بيع الوهم ان اعتبرناه كذلك في دفع الناس نحو مصير مجهول باستخدام تحريفات وردية تجعل الآخر مبتهجا للنهاية التي يجهلها..
أما ان اعتبرنا الأمر تخفيف لا استخفاف، فبرأي قل ما وجد هذا الصنف الذي يتناول الدعم -الذي يقر صاحبه في الأساس أنه لن يكون كافيا لك-، هذا ما يقف على نقيضه أكوام من محاضرات التنمية البشرية وما حذا حذوها..
كل ذلك هو فعلا استخفاف يضع الشخص الذي ستجعله مبتهجا متفائلة يقف أمام نهاية مسدودة في الأخير..
أعتقد أن الأمثل هو التفاؤل بالأفضل، لكن توقع الأسوء!
بيع الوهم..، يكمن بيع الوهم ان اعتبرناه كذلك في دفع الناس نحو مصير مجهول باستخدام تحريفات وردية تجعل الآخر مبتهجا للنهاية التي يجهلها..
لنفترض أنّ الجميع يعرف بأنّ هناك نهاية لا يمكن تجنّبها، مثلاً الفقر الحاصل بالمنطقة العربية تقريباً فخ لا يمكن تجنّبه ويأتي من فوره رجل قوي وغني ولديه نفوذ وقدرة خطابية وصار يعطي الأمل للناس وينعشهم بكلامه، هل ستسمّي حضرتك هذا الرجل الذي أيضاً يعرف بأنّ النهاية حتمية شخص يستخف بمن يخاطب من الناس؟ أن شخص فعلاً يخفف عنهم ويحزنه ما يمرّون به؟ كيف سترى الأمور؟
فهل هذا برأيك، أي أقصد بيع الأمل لأضعف الناس هي خطوة لا تعبّر إلا عن الاستخاف بالضعاف من الناس أم هي للتخفيف عنهم وتخفف عنهم فعلاً؟
لكن أين الوهم حينما يقول الطبيب لمريضه بأن يصبر ويدعو الله أن يشافيه، وحينما يذكر نسبة واحتمال نجاته، برأيي أني لو خُيِّرت بين إسعاد المريض في أيامه الأخيرة وبين مقابلتع بالحقيقة المرة لفضلت إسعاده ولو بتقديم بصيص أمل.
بيع الأمل ليس بالضرورة يعني بيع الوهم، هناك فرق بين الأمل والوهم وشتان بينهما.
لكن أين الوهم حينما يقول الطبيب لمريضه بأن يصبر ويدعو الله أن يشافيه، وحينما يذكر نسبة واحتمال نجاته
حين أصيب أخي بالسرطان، سرطان الدم اللوكيميا، لم تكن الطبيبة إلى أخر لحظة وإلا تقول لنا بإذن الله خير وكله يمشي بحسب المتوقّع، ونحن كنّا نتعلّق بكلامها إلى أن صُعقنا فجأة بوفاته بين يوم وليلة، لتأتي إلينا وتقول: كنت أتوقّع ذلك وبهذه المدّة تحديداً! - يومها جميعنا شعرنا بأننا خدعنا، وربما لو كان الأمر لا يتعلق بالصحة لكنّا شعرنا بأنّها تستخف بنا، لا يوجد أطباء في الوطن العربي يضعون مرضاهم بشكل مباشر أمام الحالة، معظمهم يمنح الأمل وفقط.
يبدو أنّ حضرتك تخلط بين مصطلحين بدون قصد في غاية القرب من بعض ولكن هناك اختلاف شاسع بينهما، الوهم الذي يبيعه السياسي وغيره هو أمر مضلل حتماً، حيث يُبنى على الكذب تماماً وفي غايته تحقيق غاية معيّنة، هذا الهدف، أما الأمل فهو عطاء من كلام لا هدف منه، هو يظهر فقط بغية تهدئة الناس وطمئنتهم ولو بشكل غير منطقي، كمن يقول في عزاء: انشالله خاتمة الأحزان - الكل يعرف بأن لا خاتمة للأحزان القائل والمُستمع ولكن الهدف هنا بث الأمل بالنفس لا الوهم فيها وهناك فرق.
الاستخاف بالضعاف من الناس أم هي للتخفيف عنهم وتخفف عنهم فعلاً؟
بيع الأمل لأضعف الناس هو خطوة تدل على الجشع والانانية والقسوة من قبل الأقوياء، ولا تجلب لهم سوى المزيد من الإحباط واليأس والخذلان. فالضعفاء لا يحتاجون إلى كلام جميل أو صور مشرقة أو إحصائيات مبشرة، بل يحتاجون إلى حقائق موثوقة وحلول عملية ودعم مادي ومعنوي. فالأمل لا يبنى على الكذب والخداع، بل على الحق والعدل.
عندما نرى التفاوت الطبقي بين فقير وغني، نعلم تماما أن منظومة العدل غائبة عنا، فكيف ستعود في ظل نمطية يتغلب فيها القوي؟
لكن لا يخفى انه يوجد ايضا اختلاف في التفكير، اذا كان هناك شخص يفكر بشكل ذكي مما يجعله تبني مشروع و هكذا يصبح غني، و في نفس الوقت شخص اخر لا يعمل و لا يريد ان يعمل و يبقى فقير، هل في هذه الحالة نلوم الغني لانه ذكي؟ في هذه الحالة حتى اذا كانت منظومة العدل حاضرة سيبقى المشكل في تفكير الشخص.
فالضعفاء لا يحتاجون إلى كلام جميل أو صور مشرقة أو إحصائيات مبشرة
من قال ذلك؟ ألم تُقام حضارات ونهضت أمم بهذا النوع من التبشير والآمال الكبيرة؟ إلى اليوم مثلاً نرى الولايات المتحدة الأمريكية تصنع دولة من أقوى وأكثر الدول منعةً وتطوّراً في العالم، كيف يقومون بذلك؟ عبر حلم قديم قد روّجوا له وعلّقوا كل الأمال عليه، الحلم الأمريكي المشهور، هذا شعب كامل يقوم على الآمال والأحلام، وبالمثل قامت اليابان قبل ذلك بعد الحرب العالمية الثانية.
التعليقات