الإنسان لا ينبغي أن لا يتكلم فيما لا يعلم، ولا ينبغي أن يسخر بالدين وأهله، ولا يجرح آلاف المسلمين المساهمين في أرابيا بالخصوص العرب، ولكن إذا أحد لا يبالي به ويتعرض لمثل هذه الأمور، فهناك حراس للدين وهم في رباط فكري دائم، ويستخدمون ما أمكن من أساليب إذا تجاوز الحد من جانب آخر.
وينبغي أن لا نخرج عن أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين وحتى في الثقافة، ولا نفضل لغة أجنبية على لغة عربية باسم أنه لغة العلم أو يستخدم جميع العالم، فقد كانت العربية لغة العلم ولغة العالم في قرون غابرة، تقريبا اثنا عشر قرنا، والعلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والفلكيات، كانوا هم المجلين في ميادينها، لمدة اثنا عشر قرنا، وإنما انتشرت الانجليزية وغيرها وغلبت على العربية خصوصا في العلم الحديث الطبيعي طريق الاستعمار والاستيلاء على البلاد الإسلامية وبالخصوص العربية، فقد كان بعد الحرب العالمية الأولى جميع البلاد الإسلامية بالإضافة إلى العربية تحت استعمار البريطانيا أو الفرنسا، والأمة المغلوبة تابعة للغالبة في كل شيء، ولابد أن تتعلم لغة الأمة الغالبة وثقافتها، ولم يكن المسلمين ليتعلموا ذلك، لولا أنهم حرقوا الكتب الإسلامية أو كتب الإسلاميين إلا ما نفعهم فذهبوا بها إلى بلادهم، ولا أزكي هنا أنفسنا، فإن الضعف ناشئ عندنا لتكاسلنا وجمودنا، فنأخذ منهم ما صفا وندع ما كدر.
ولا أنكر الإنجليزية ولا غيرها، فإن اختلاف اللغات في الأقوام والأمم واختلاف اللهجات فيهم من آيات الله الكونية.
ولكن تأمل أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في زمنه امبراطوريتان كبرى وكلتاهما كانتا في تطور من ناحية الدنيا، والأسلحة وحتى العلوم الطبيعية. والرومية كانت لغة العلم- كما يقول بعضهم- والفارسية كذلك، والمناذرة من العرب تعلمت الفارسية وكانت لغتهم ممزوجة بها، والغساسنة تعلموا الرومية ولغتهم العربية ممزوجة بها.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة عن الرطانة بالأعجمية، واحتاج إلى رجل من المسلمين يعرف الرومية(سريانية) والعبرانية فأمر زيد بن ثابت رضي الله عنه أن يتعلمها فتعلم إحداها في 15 يوما والأخرى في 17 يوما، ولا نعرف صحابيا آخر تعلم الأعجمية، وأما الفارسية فكان سلمان رضي الله عنه يعرفها، وغيره كذلك.
ما هو السر في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتعلم العبرانية نفس الصحابي الذي تعلم السريانية؟
وكان يمكن أن يأمر صحابيا آخر، ولماذا لم يأمر الجميع أن يتعلموا تلك اللغات خصوصا الفارسية.
وبعد 10 سنوات من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان دولة المسلمين توسعت إلى نصف العالم في ذلك الوقت وانتشرت العربية مع انتشارهم.!
فتأمل ثم تأمل ولا تستعجل في الحكم.
التعليقات