بسم الله الرحمن الرحيم.
في الأيام السابقة تحدثنا عن نوعين من الكلمات العربية الأسماء، والأحرف، وعن تميزهما وإعرابهما وبنائهما، للتذكير يبنى الاسم إن شابه الحرف، والحرف دائمًا مبني، في يومنا هذا سنتحدث عن علامات الفعل، وعن إعرابه وبنائه؛ يحتاج هذا الدرس إلى بعض التركيز، لنبدأ بقول ابن مالك:
علامات الفعل
بِتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي. وَنُونِ أَقْبِلنَّ فِعْلٌ يَنْجَلِي
إذن علامات الاسم أربع،
- تاء فعلتَ: وهي تنقسم إلى ثلاثة تاء فعلتُ؛ أي أنا من فعلت، وتاء فعلتَ أي أنتَ للمذكر، وتاء فعلتِ أي أنتِ للمؤنث ولا تدخل إلا على الفعل الماضي.
لاحظ: هنالك خلط شائع بين تاء فعلت وياء افعلي، فتقول هل قلتي؟ والأصح هل قلتِ، وتقول اشربِ، والأصح اشربي، كما سنتعرف بعد قليل.
- تاء التأنيث الساكنة: نحو نعمتْ وبئستْ، وكما التاء في قوله تعالى:
قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا
لاحظ: حُركتْ التاء في "قالت" بالكسرة للالتقاء الساكنين.
ياء افعلي: وهي تدخل على الفعل المضارع "تشربي" والأمر "اشربي” ولا تلحق الماضي أبدًا فلا تقول "قلتي" قل "قلتِ" بتاء المخاطبة، ولم يقل ياء الضمير، لأنَّ ياء الضمير قد تدخل على الأسماء نحو مالي، والأحرف نحو إني.
نونا التوكيد المخففة والمشددة: -سنتعرف على أسبابها في درسٍ ما بالصرف بإذن الله، وهي تدخل المضارع والأمر فقط، ومثال على كليهما قوله تعالى:
وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ
الفعل وأنواعه واسم الفعل
يقول ابن مالك:
.. ** فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ.
وَمَاضِيَ الَأفْعَالِ بالتّاَمِزْ وَسِمْ ** بِالنُّونِ فِعْلَ الأَمْرِ إِنْ أمْرٌ فُهِمْ
وَالَأمْرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلّ ** فِيهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ
إذن في لغتنا العربية الفعل ينقسم إلى ماضيٍ، مضارعٍ وأمرٍ، وإن دلت الكلمة على الفعل ولم تحتوي على علامة للفعل تسمى اسم فعل -تذكر من الدرس السابق اسم الفعل مبني، لنبدأ بتعريف علامة كل نوع، واسمه،
الفعل الماضي واسمه
يقول ابن مالك "وَمَاضِيَ الَأفْعَالِ بالتّاَمِزْ" أي علامة الفعل الماضي قبول تاء فعلت أو تاء التأنيث الساكنة نحو قلتُ، قلتَ، قلتِ وقالتْ، ولا تدخل هذه التاء إلا على الفعل الماضي، أما إن دلت الكلمة على الفعل المضارع ولم تقبل علامته مثل هيهات(بمعنى ابتعدَ) تسمى اسم فعل ماضي.
الفعل المضارع واسمه
يقول ابن مالك "عْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ" أي أنّ علامة الفعل المضارع قبول لم، مثل "لم أرى، لم ترى، لم يرى" أما إن لم يقبل الفعل المضارع "لم" مثل وي(بمعنى أعجب)، وأوف(بمعنى التضجر) يسمى اسم فعل مضارع.
الفعل الأمر
يقول ابن مالك "بِالنُّونِ فِعْلَ الأَمْرِ إِنْ أمْرٌ فُهِمْ" أي أنّ الفعل الأمر علامته قبول نون التوكيد، وقال آخرون بإن علامة فعل الأمر أن يدل على الأمر ويقبل ياء المخاطبة، نحو "اشربي، اشربنَّ" أما إذا لم يقبل الفعل الأمر أي من العلامتين ودل على الطلب يسمى اسم فعل أمر نحو صه(بمعنى اسكت).
اسم الفعل ووضعه
يأتي اسم الفعل من أربعة مواضع:
ما كان أصله اسم فعل، أي وضع هكذا مثل: صه، وأوف.
ما كان أصله جار ومجرور مثل: عليكم في قوله تعالى "عليكم أنفسكم".
ما كان أصله ظرف -سنتعرف عليه فيما بعد- مثل: مكانك(بمعنى لا تتحرك)، أمامك(بمعنى تحرك إلى الأمام).
ما نقل من المصدر: نحو رويد(أي امهل).
بناء وإعراب الأفعال
نتذكر أشياء من الدرس السابق، أولًا:
عند مذهب البصريين البناء أصل في الأفعال، وفرع في الأسماء.
أنواع إعراب الفعل ثلاثة الجزم، الرفع والنصب، بينما الأسماء الجر، الرفع والنصب.
من السابق علمنا أن هناك ثلاثة أنواع للفعل ماضي، أمر ومضارع، إذن لنتعرف على بناء وإعراب كل واحد منهم،
الفعل الماضي
اتّفق على بناء الفعل الماضي دائمًا، ويبني على الفتح في الأصل فتقول في إعراب "كتبَ" فعل ماضي مبني على الفتح، ويبنى على السكون أو يحرك -كما سنتعرف على الاختلاف بعد قليل- إذا اتصل به ضمير متحرك،
البناء على الفتح
الأصل، وأيضًا إذا اتصل به ضمير ساكن نحو "كتبَ، كتبَتْ(باتصال تاء التأنيث الساكنة)، كتبَا(باتصال ألف الاثنين).
البناء على السكون
يبنى على السكون إذا اتصل به ضمير متحرك نحو "كتبْتُ، كتبْتَ، كتبْتِ"، وفي إعراب هذه الأفعال يمكن أن نقول "كتبْتُ":
- كتب فعل ماضي مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل المتحركة.
أو
- كتب فعل ماضي مبني على الفتح، ووضع السكون العارض لكراهة توالي أربع حركات في الكلمة الواحدة.
الفعل الأمر
تذكر يدل على الأمر ويقبل ياء المخاطبة، عند البصريين مبني، وعند الكوفيين معرب، والراجح قول البصريين وهو ما سنكمل عليه،
يبنى على السكون إذا كان صحيح الأخر
أي ما لم يكن أخره أحد أحرف العلة(الألف، الياء، والواو) نحو اكتب، أو اكتبي(باتصال ياء المخاطبة للمؤنثة).
يبنى على حذف حرف العلة
أما إذا كان معتل الأخر نحو أدعُ أصله أدعو مبني على حذف حرف العلة ووضع الضم دليل على حذفه، ومن الأخطاء إثبات حرف العلة فتقول عند مخاطبة المذكر صلي لربك، الأصح صل لربك، وصلي لربكِ في حال مخاطبة الأنثى.
يبنى على حذف النون
عند اتصاله بألف الاثنين، واو الجماعة وياء المخاطبة:
ألف الاثنين: إذا قرأنا كلمة اكتبا أصلها يكتبان، وحذفت النون.
واو الجماعة: إذا قرأنا كلمة اكتبواْ أصلها يكتبون، وحذفت النون.
ياء المخاطبة: إذا قرأنا كلمة اكتبي أصلها تكتبين، وحذفت النون.
الفعل المضارع
يبنى في حال لم تتصل به نون التوكيد المباشرة(أي بدون فاصلة)، أو نون الإناث، مثال على المبني "هل تضربنَّ"(مبني على الفتح)، ولا فرق بين نون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة، ونجد في قوله تعالى "ليقولَنَّ"(مبني) وقوله "ليقولُنَّ"(معرب) عجب فالكلمة أتت معربة ومبنية على نفس الشكل!،
ليقولَنَّ: نون التوكيد اتصلت بها اتصال مباشر.
ليقولُنَّ: نون التوكيد فصلت بينها وبين الفعل بواو الجماعة الأصل ليقولوننَّ وهو فعل مضارع مرفوع علامة رفعه ثبوت النون نيابة عن الضمة لأنه من الأفعال الخمسة -سنتعرف على ذلك فيما بعد بإذن الله، وحذفت نون الرفع تخفيفًا لتوالي ثلاث نونات، فصار الفعل هكذا "ليقولونّ(ليقولوْنْن)” التقى ساكنان واو الجماعة والنون الأولى من نون التوكيد، فحذفنا الواو فصار الفعل "ليقولُنَّ" وتركنا الضمة دلالة على واو الجماعة، بإذن الله سنتحدث عن كل هذا تدريجيًا في دروسٍ لاحقةٍ بإذن الله تعالى، سأكتب بعد قليل بإذن الله تعالى عن بعض الأخطاء في الكتابة من ما درسناه.