أنا من زمنٍ له في القلبِ بيتٌ

وفي عينيّ يسكنُ الصمتُ وفيهِ سِتْرٌ

أحبُّ الفنَّ إذا كان احتواءً ودَفءَ

واللحنُ فيه هدوءٌ كأنه نَسِرٌ

أحبُّ "الشهدَ والدمعَ" اعتزازاً وحنيناً

بقلبٍ فيه حسُّ الوفاءِ لا يَمِرُّ

وأهوى في "ونيسٍ" كل بذرةٍ تبثُّ

تعليمَ الدفءِ والأملِ كما السُّرُّ

أحبُّ "فيروزَ" تشدو في صباحي بلحنٍ

كأنها عطرٌ ندىً ورقُّ نَسِرٌ

و"قالَ جاني" تثيرُ في كياني صدى

أشواقٍ وألحاناً لا يُنسى الغَسَقُ

أحبُّ الرواياتِ وأهوى السطورَ فيها

وفي كل سطرٍ لي شوقٌ وانتماءُ

أنا من جيلٍ قلبي يرفل في الحنينِ

ينشدُ للزمنِ النبيلِ الأوفى الصِّفاءُ

فلا تحزنْ إن كنت "أنتَ" فذلك شرفٌ

أنت النورُ إن عمَّ الدجى والبَلاءُ

يا زمنًا جئتُ به خفياً كأنني

سرُّ ماضٍ في الزمانِ سريٌ لا يُقالُ

أنا من ضوءِ أغنيةٍ قديمةٍ عذبةٍ

تعانقني وتحيا الروحُ في الخيالِ

أسافرُ كلما غنّت "أم كلثوم " بأملٍ

كأنني في قداسٍ صلاةُ وجدٍ واحتفالُ

وإن مرت " سميرة سعيد" على خيالي

أبثُّ الحبَّ للحارةِ بالوفاءِ والجمالِ

أحبُّ الليلَ، مقهىً، وكرسيَّ خشباً

وصوتَ العودِ من نافذةٍ به اتساعُ

أحبُّ الخطَّ بالحبرِ الذهبيِّ المُزهِرِ

وأشمُّ الحبرَ عطراً يفوقُ كلَّ عطاءِ

أنا من عصرِ الراديو والبرقياتِ

لا من عصر "بلوجر" و"كبسو كبسو"

أحبُّ الفستانَ المنسابَ خفيفاً بهاءً

كأنَّ فيه حياءً أنثويًّا وارتياحُ

لا أهوى جنونَ ضجيجِ العصرِ ولا "الترند"

فأنا لست في زحامِ هذا الغثاءِ

حين أكتبُ أو أرتّلُ تحاصرني

عصورٌ كالمليا لا تزولُ ولا تنقضي

فلا تسأل: "من الجيلِ الحديثِ؟" أنا

تاريخ إحساسٍ وفيٌّ لا يَمِحُ

أنا من زمنٍ قديمٍ بهيتُ فيه

لكنّي اليوم أزهو وأبتهجُ

قلبي ينشد نوراً لا يموتُ أبدًا

وفي عروقي الحنينُ ينسابُ ويحتجُّ

وأعشقُ القصصَ في الرواية والصفحِ

أمشي بفخرٍ في دربِ النجاحِ

أنا جيلٌ في جسدي لكنه

في روحي أصالةُ وبهاءُ وارتجالُ

لا أهربُ من الحاضر بل أعيشُهُ

بروح الماضي والحلم والفرحِ والارتحالِ

أحملُ في قلبي زهرًا ينمو ويروي

الدربَ بالحبِّ والأنسِ والسحرِ والإشعالِ

فأنا كنجمٍ في سماءِ الليلِ أضيءُ

أنير الطريق بلا كللٍ أو ارتحالِ

وفي ختام هذه الرقصة، نعلمُ أن الظلال ليست مجرد غيابٍ للنور،

بل هي مسرحٌ للأرواح التي تحيا بين النبض والذكرى،

حيث تتراقص الذكريات كألحانٍ خفيّة،

تُضيء دروب القلب بصمتٍ عميقٍ لا ينتهي.

فـ"رقصة الظلال العميقة" هي استمرارية للحياة التي لا ترى بالعين،

هي حضورُ زمنٍ غابرٍ، ما زال ينبض في القلب والروح،

وهي دعوةٌ لاحتضان الماضي بكل ألوانه،

لنجد في أعماق الظلال نبعًا من الأمل والحنين،

ونمضي على إيقاعه،

كأننا في لحنٍ خالدٍ لا يفنى.