ما للقُيُودِ إِلا أَنْ تَتَكَسَّرُ
هَيّا فَكُدُّوا مِنَ الغِلالِ وطَهِّرُوا
مِنْ يَرتَجِي العِزَّ العَزِيزُ حَرَزهُ إِنْ
جَارَى المَنُونُ إلى الجِهَادِ تَجَبُّرُ
ويَهِمُّهُ نَيلَ الكَلالُ لأَجلِهِ
ما العِزُّ يوماً بالمَطَالبِ تُدبَرُ
يا مَن أَحبَّ مِن المَعَاشِ شُهُقُوهَا
شَأنُ الجِهَادِ فَمَا ابتَغَيتَ المفخرُ
شُدَّ بِذكرِ الحَيُّ نَفسُكَ تَبلُجُ
غَسَقُ الكُمُودِ وضَوءُ صِدقٍ تُنشَرُ
واطمَع على كَسْبِ مُنَاهُ في جَنَّةٍ
فيها الجِنانُ واللذَّاتُ والكَوثَرُ
مَا مَاتَ مَنْ نَالَ الشَّهَادَةَ حَامِياً
حيٌّ على الأرواحِ يسري وينشُرُ
كَيفَ الحَيَاةُ في النَّعِيمِ يا إخوتِي؟
فَعَسَاكُمُ عِندَ الحَوَارِي تُسَامِرُوا
والمَنزِلُ مِنْ بَعدِهِم يا حَسرَتِي
يلفُّهُ الحُزنُ ورُوحِي تُصَوِّرُ
مَاضِ العُرُوبةُ قد تَلَاشَى كأَنَّهُ
دُخَانُ قَدمٍ في الفَلا تَتَدَثَّرُ
هُمُ المَفَاخِرُ في العُلا يَتَشَمَخُوا
شَأنٌ لَهُم ذِكزٌ وعِزٌّ ومَفخَرُ
يا رَفعَةُ الأرواحُ في عَليَاءِها
حَيثُ الجِنانِ بِهِ العَطَاءُ يُزهِرُ
ومَا يَدُورُ الدَّهرُ إِلا وذِكرُهُمْ
نَبضٌ لِكُّلِ قُلُوبِ مَنْ يتَذَّعرُ
مَا للعُيُونِ قَد تَجَفَّفَ دَمعُهَا
وما لِقَلبيَ عِندَكُم يَتَحَسَّرُ
شُهُبٌ تُهَلِّلُ في ظَلامِ لَيَالِينَا
ودَربَهُمْ أَمَلٌ يَفِيضُ ويُثمَرُ
أنَّ القِتَالَ فذَا بِعزٍّ يُطلَبُ
ولأَجلِهِ نَحَيا ونَمضِي ونَعثَرُ
وفَوقَ أَغصَانُ الخُلُودِ قِيَامُهُم
عِطرٌ يَهُبُّو الخُلدِ إذ تَتَعطَّرُ
والعَيِشُ في جَنبِ الإِلهِ نَعِيمُهُمْ
دَامَ الرَّخَاءِ والرَّفاهِ المُبهِرُ
تِلكَ الجِنَانُ للذِي مَا قَدَّمُوا
ومَا أَطاقُوا مِنْ بَلاءٍ تَصَبَّرُوا
رِيحَانَةُ الجَنَّة تُنَادِي أَسمَاءُهُم
ومِياهُ الكَوثَرِ لَهُمُ تَتَحدَّرُ
فَيَا حُماةَ الدِّينِ خِصْبٍ تَنَعَّمُوا
واعلوا كَما عُلوّ الثُّرَيا وشَمِّرُوا
إنَّ سَنَاكُمُ صَارَ بَرقٌ للوَرَى
حُظوَاتَكُم عَندَ الإلهِ تَقتَصِرُ
جٍرَعُوا ضَجِيجَ الحَرِبِ وجِلبَابُهَا
في اللهِ واقتَصَرُوا بِهَا وانتَصَرُوا
هَمَسَ الأسَى في كَلْكَلِ اللَّيلُ الَبهِيمْ
سَرَدَ حِكَايةَ مَن ضَليعٍ تَبَخْتَرُوا
طُوبِى لِمَن نَالَ الشَّهَادَةَ صَالِحاً
تُعفَى العُقُوبةُ والذُّنوبُ تُكَفَّرُ
طُوبى لِمَن كَانتْ لدَيهُمْ عَبرَةٌ
فَيُرَوا مَقَاعِدُ في الجِنَانِ وتَظهُرُ
طُوبَى لِكُلِّ المُقبلينَ بِلَوعَةٍ
يَرجُونَ صَفحاً مِن أذى الأَزوَرُ
هِيَ لَيلَةٌ فِيها الشَّفاعَةُ تُقتَنى
تُجلِي النُّفُوسَ بِرحمَةِ المُتَكَبِّرُ
أَعظَمْ نَعِيمٌ إِذ تَرقَبُّوا لَهفَةٌ
لِوجهِ اللهُ يَنظِرُونَ ويُبهَرُ
يُكشِف حِجَاباً ويُبَيِّضْ وجُهَهُم
فاللهُ ينظُر إِليهُمُ ويُنظِرُوا
سِيرُوا بِكَدٍّ مِنْ مُكِدٍّ شِدَّةً
وتَشَكَّرُوا رُشدَ الرَّحِيمِ تَشَكَّرُوا
وتَشَكَّرُوا دَربَ الغَفُورُ فإنَّهُ
أَعطَانَا سِلكَ الهِدَايةِ ويُنَوِّرُ
فَمضُوا بِعهدٍ كَي نُعِيدُ أَمجَادَنَا
شُدُّوا الحِزَامَ إلى الجِهَادِ وكَبِّرُوا
وصَوارِمُ الفَظِّ خُضُوهَا بِشدَّةٍ
واقسُوا على مَن للعَقِيدَةِ مُذمِرُ
وعَسَاكِرُ الكُفرِ بِنَحرٍ كَدِّسُوا
غُصُوا إلى حُضنِ الدَعَارَةْ وفَجِّرُوا
إنَّ اللذينَ تَمَزَّقَت أَودادَهُم
للهِ وافتَتَحُوا العَوائِقَ دَمَّرُوا
ولَهَم من الحورِ الطِهارِ سُرورَهُم
وسَينعَمُونَ بِحُسنِهِم ويُسَامِرُوا
يا نَصْرَ مَن حَازَ الشَّهَادَةَ وافِياً
الذَّنبُ يُمحَى فَلا عِقابٌ يُجبَرُ
وإذَا الورُودُ تَنَفَّحَتْ بأرِيجِهَا
عَبَقٌ تَشذَّا بِقبَرَهُم وتَنشَّرُ
ذُروةُ الخُلدِ المُغَنَّجِ مَوطِنٌ
وجدَانُهُم فِيهَا تُقِيمُ وتَعمُرُ
ولَهُم دِيارٌ في الخُلُودِ ورِفقَةٌ
ومُجِيرُ إِحسَانٍ يَفِيضُ ويَكبُرُ
ما لَمَسهُم حَتفٌ ولا في مِحنَةٍ
في اللَّحدِ لا لَنْ يُطلَبُوا أو يُجبَرُ
ما مَاتَ مَن كَسَبَ الشَّهَادَةَ مُعتِقاً
إمشُوا إلى تِلكَ البِقاعِ تَبَختَرُ
إنَّ الأُباةُ تَشَقَّقت وجدَانُهُم
في الله حَزِّمُوا بالغُرُوزِ وسُطِّرُوا
يَسعُونَ لو كَانُوا أكَدَّ تَوجُّعاً
لَمّا يُحدِّقُوا للفَضائِلِ تُجهَرُ
وإِذا العَظِيمُ دَعَا وقَالَ:دَعُوهُمُ
ما يَطلُبُونَ لِيُحفَلُوا ولِيُغفَرُوا
قَالُوا: نَرُومُ الكَرَّ للدُنيَا لِكَي
نَحظَى الشَّهَادَةَ في الوَرَى ونُكَرِّرُ
فتَذكَّروا فُرقَ المَشَقَّةَ إِنَّهُم
بَرَحُوا السُّرُورُ إلى القِتَالِ وهَاجَرُوا
تَرَكُوا الحَرِيمَ وأُسرَهُم ورِفَاقَهُم
للهِ واختَرقُوا الشِقَاقَ وطَهَّرُوا
سَمَعُوا صِيَاحَ الحَقِّ ثُمّ تَفَوَّقوا
تُجَاه الخَصمِ لِيَفتِكُوا ولِيَنحَرُوا
جَمَعُوا الرَحِيلُ إلى النِزالِ عَسَاهُمُ
أنْ يَمُوتُوا في اللهِ أو أنْ يُظفَرُوا
ولعَلَّهُم أنْ يُرعِبُوا أَضدَادَهُم
فالقُدسُ تَهمِي واليَهُودُ تَبَختَرُوا
مَحَقُوا الحَرِيمَ ونَفَّرُوا أَولادَنا
كَسَحُوا الجَوامِعَ والمأوي كَسَّرُوا
ونِسَاءُ أَقصَانَا تَصِيحُ ويحَكُم
لا مَنْ يَرُدُّ ولا لِكَسرٍ يَثأرُ
فتَهَيَّؤوا يا صُحبَتِي لمُعَادِكُم
وتَشَمَّرُوا بالمَجدِ لا تَتَفَتَّرُوا
هُبُّوا لحَيَّ على الكِفَاحِ فإنهُ
عِزٌّ إذا ما نَستَطِيعُ ونكبرُ
وتَذكَّرُوا أَهلَ العِرَاقِ وحُزنُهَا
سُنَتُهَم قَد نَهبُوهَا الكَفُرُ
صلَّى الإلهُ على النَبِيِّ وصَحبِهِ
صَلَّى عليهِ مَن يَكون مُوقِّرُوا
والحمدُ للهِ العَظيمِ ومِنَّةٍ
ومَا سِواهُ لا يَجِيرُ ويَقهُرُ