هل سبق لك أن تخيلتَ إعلانيا تجاريا اختار له مروجه صورة من صور الشعر؟ لن أفاجئك إذا ذَكَرْتُ لك قصة التاجر العراقي الكوفي القديم الذي قَدِمَ المَدِينَةَ بِخُمُرٍ فباعها كلها وبقيت السُّود منها، وكان صديقا للشاعر مسكين الدارمي، فشكا ذلك إليه، وكان قد تنَسَّكَ وترك قَوْل الشعر، فقال له: لا تهتم بذلك ثم أنشد شعرا قال فيه:
قل للمليحة في الخِمار الأسود ** ماذا فعلــتِ بناســك مُتعــبدِ
قــد كــان شَمَّرَ للصـــلاة ثيابه ** حتى وقفت له بباب المسجدِ
رُدي عليه صــلاته وصــيامه ** لا تقتليه بحـق ديـن مُحــمدِ
فشاعت الأبيات في الناس. فلم تبق في المدينة ظريفة إلا اشترت خِمارا أسود اللون حتى نفد ما كان مع التاجر من هذه البضاعة.
والحق إن هذه الأبيات وصلة ترويجية إشهارية بامتياز، وقصتها حقيقية ذكرها أبو الفرج الأصفهاني في كتابه "الأغاني"، وتظْهِرُ كيف يمكن للشعر أن يتحول إلى وصلة دعائية إشهارية تسويقية لمنتوج أصابه الكساد. وكما نرى فقد لجأ الشاعر الدارمي في وصلته الإعلانية إلى أسلوب إغراء النساء ودعايتهم لمنتوج خاص بهم هو الخِمار.
نلتفت إلى عصرنا الحالي الذي أصبح فيه الإشهار من أقوى وسائل التواصل بين المنتجين وفئات الجمهور، بل من أكثر الأدوات تنشيطا للاقتصاد، نظرا لما تفعله الدعاية في توجيه السلوك والتأثير على الأفكار... ولذلك نتساءل في ضوء قصة هذا التاجر العراقي الشاهدة على توظيف الشعر في الدعاية والإشهار:
- ماذا يمكن أن يقدم الشعر لقطاع الإشهار في زماننا؟ وهل من طريق لإدماج فن الشعر في لافتات الإشهار ولوحاته؟ شاركونا بآرائكم.
التعليقات