فى أعلى قمة فوق الهضاب اتخذ مسكنه، زاوية صغيرة لا تسع إلا فردين أو ثلاثة، يجلس بمفرده ومصحفه أمامه وسبحته وسجادته ، فهذا كل ما يملكه من متاع، مبتسم الثغر، مشرق الوجه، ممتلئ قلبه بالإيمان، منذ زمن بعيد وهذا مسكنه، ألتقيه هناك، كلما تعبت من نفسى ومن الحياة ومن كل ما فيها أجد فى حديثه راحة وفى نصحه هداية، فالنظرة فى وجه كفيلة أن تخمد كل فكر ، فبعد لقائه يهون كل شي فى عينى، مساكين نحن حينما فقدنا مثل هؤلاء الصالحين فى حياتنا، اتخذ هذا المسكن بيته، والقرآن رفيقه وسنة الرسول هديه، طيب النفس، لا يعبأ بالدنيا ، صغيرة هى فى عينيه، يرى في الابتلاء عطايا، كلما رويت له خطب أصابنى، يستخرج منه النعم فأعود من عنده راضياً بعدما كنت ساخطة، حديثه دائما بدليل، ودليله دائما القرآن والسنة، مساكين هم أهل الدنيا ، علام يحرصون وفيما يتعبون ولمن يحرثون، البعد عنهم غنيمة والقرب منهم نقصان، والحذر منهم واجب، همومهم شتى، إذا خالطتهم فكن مشفقا عليهم، ولا تغتر بحالك ما دمت فى دنياهم