........"ضجيج قطار"
"نرجو من كل زبائننا الكرام ان يدخلوا القطار رقم 2008 لانه تبقى 10 دقائق على الاقلاع "
" اوتش ، لمذا صوته مزعج وعال جدا يا أمي، لقد كنت ساسمعه حتو لو لم يصرخ هكذا ، اهههه، اذني تؤلمني .... كان بامكانه التحدث بصوت اقل اليس كذلك؟"
قال فؤاد معربا عن انزعاجه من صوت المذيع في محطة القطار ، لقد كان مسافرا من امه واخته الوحيدة ، متجهين من وهران صوب ولاية بلعباس لملاقاة اهلهم و امضاء عطلة الصيف معهم . لقد كان فؤاد يتفقد الارجاء بفضول ، يبحث عن شيء مثير للاهتمام في المحطة القديمة الرثة ، دخل رواقا مليئا بالغبار ، كما لو انه لم ينظف منذ سنين ، في آخره ، لمح بابا خشبيا ، هل تعللمون ماذا حدث بعد ذلك ؟ استطاع الرؤية من ورائه ، باستعمال خياله ، فهو يملك مقدرة رائعة ، يظهر من ورائه جبل تعلوه اشجار زيتون و صنوبر و ارز تهزها الرياح كأنها تغزلها ، فاتجه اليها فؤاد كما لو انه نوم مغناطيسيا ، فنادته امه:
" الى اين تتجه فؤاد؟"
قالت اخته فدوى بسخرية:
" يبدو ان فؤاد فعل نظام التنويم المغناطيسي ، كل ما يرنو اليه الان هو معرفة ما يوجد وراء الباب ، لا تتعبي نفسك امي ، لن يسمعك ، انه يحلم احلام اليقظة ، ثم اعربت بضحكة استهزاء"
تنهدت ام فؤاد فوزية ، أم أرملة تصارع الحياة بل تواجه مصيرا مجهولا مع ابنها فؤاد ذو 15 سنة ، و ابنتها فدوى ذات 25 سنة ، فتاة تخرجت من المدرسة العليا للاساتذة ، بينما تبحث عن عمل ، تساعد امها في محل بيع الادوات المدرسية ، عائلة عادية مثل اي عائلة جزائرية تصارع للبقاء في ظل ظروف تكاد نوازي ظروف البقاء في الغابة ، وتحت القانون نفسه "البقاء للاقوى".
فتح فؤاد الباب الخشبي المهترئ ليجد وراءه عالما فسيحا ، اشجار يانعة الخضرة ، زهور بالوان الطيف ، تترافص على نغمات صديح العندليب و حفيف الشجار ، رقص الرياح ، عالم و لا في الخيال . مشى فؤاد بين حقول القمح والزرع و الشعير ، حتى رأى من بعيد قصرا يبدو انه مهجور منذ أمد طويل ، إلا أنه لا يزال مشقا و منارا حتلى من وراء كل تلك الاعشاب التي تغطي الحصن المحيط به ، أما عن تلك القمة حيث ينتهي السقف بساعة نحاسية، تسمع دقاتها من بعيد ، دينغ.. دونغ..دينغ..دونغ . اقترب فؤاد من القصر رويدا رويدا قدر الامكان ، واختبأ وراء حجر ليعرف ما إذا كان الطريق سالكا أو لا، وعندما استشعر الأمان ، اتجهه نحوه وسار ببطئ على الطريق الصخري المؤدي الى البوابة الحديدية الكبيرة ، و ما ان اقترب منها حتى فتحت من تلقاء نفسها ، كاشفة عن ثامن رائعة لروائع الدنيا السبع ، قصر لامع كالنجوم ، جدران مطلية بالذهب و الفضة ، ارضية من الرخام الابيض الخام ، ثريات من الماس الخالص ، كراسٍ من الخشب عالي الجودة ، مزخرفة يالياقوت ، انه قصر لا يظهر حتى في المنام ، نعم ، وقد كان فؤاد فيه للتو ، من شدة الصدمة ، فقد الصبي الشعور في ساقيه ، و سقط على الرض محدثا صوتا طفيفا . بعد أن استجمع شتات نفسه ، نهضل ليرى باقي ركون القلعة الاسطورية .بعد صعوده الدرج وصل الى طابق كل شيء فيه نظيف ، كما لو ان احدا كا ن يعتني به بشكل متقن ، رآى باب الى غرفة جذبته اليها ، دخل بعد ان فتح الباب ، ووجد سريرا من حرير حر ، ستائر مخملية ، زهريات من خزف نادر ، و في احد اركان هذه الغرفة ، راى مرآة مطرزة بالذهب ، اقترب ليرى نفسه ، فتى يملك ملامح رجولية ، رغم صغر سنه ، انف و فك حادان ، شعر بني اللون مموج يغطي جزءا من جبهته ، و بشرة سمراء ، و تقاسيم وجه سكان الغرب ، انه فؤاد بطل قصتنا . بعد ان نظر وتمعن في ارجاء الغرفة جيدا ، سرعان ما تذكر لقطة من فيلم عن العصر الفيكتوري ، حيث يوجد في الغرف منافذ سرية تودي لحجرات مخفية ، و شرع في البحث عن ذلك المنفذ ، حتى......
يتبع