أنا ...

" أنتِ رائعة، تذكري دائماً ذلك "

تقف محنية الرأس، خائفة لا تعلم لِمَ؟ لكنها اعتادت على ذلك، في بعض الأحيان بل في معظمها!

 

-        نعم.. أنتِ رائعة ويجب أن تتجاوزي حاجز الخوف 

 

طالبةٌ بطول سبعة أقدام، تهوى الكتابة والقراءة، خجولة بعض الشيء وخائفة في البعض الأخر تسمى سميرة، تقضي وقتها بين القصص ذات الطابع الخيالي، لطالما تتلقى السخرية.. الاستهزاء والنقد من هنا وهناك في مدرستها ذات الجدران البنية المزخرفة والنوافذ الكبيرة المعلقة في منتصف جدار فصلها، حينما تعود للمنزل تبدأ محاولات الأم لتحدث مع طفلتها

: كيف كان يومك؟

لم تجد الرد، تكرر سؤالها مراراً لكن دون جدوى، لتمسك طفلتها وتهزها ملحة

: كيف كان يومك؟!

-       جيداً بعض الشيء..

تنظر الأم نظرة أسى لطفلتها، وتتذكر ما حصل..

 

قبل بضعة شهور توقفت الطفلة عن الكلام فجأةً، لم تعد تتكلم، تحدث أصواتاً و اضطراباتٍ غريبة، إلى أن اكتشفوا مرض التوحد لديها، مرضٌ خبيث يقطع أوصال المحبة.. تشعر أن قلبك يهتز خوفاً حينما تتحدث مع أحد، تظهر حركاتٍ غريبة لا معنى لها، تشعر بالاضطراب من كل شيء ولا شيء.

إلى أن ... حضرت المعجزة، لم تحب طفلتها الذهاب للمدرسة دائماً لسوء معاملتها سواءً من معلماتها أو حتى زميلاتها، في يومٍ ما أتت معلمةٌ جديدة، تعرفت على الطفلة وفهمت طباعها الغريبة بعض الشيء في بضع دقائق .... علمت بالمرض الذي يخنقها من التحدث أو حتى وجود الأصدقاء، تأملتها وأشارت بيدها للكتاب:

-       قفِ ... اقرأي هذا

 

بدأت تتلعثم كعادتها وسط ضحكاتهم وحديثهم، وفي نهاية الحصة طلبت المعلمة بأن تأتي إليها لتحدث معها في الغرفة المجاورة، لم تترد الطفلة للوهلة الأولى و لكن قد راودها شعور الخوف الذي يهز أعماق قلبها، حاولت تمالك نفسها وذهبت مسرعة قبل انتهاء الوقت المسموح به، مدت المعلمة يدها بورقة، نظرت طفلة

بتعجبٍ شديد، لكن لم تمسكها ...مدتها المعلمة ثانية.. لم تأخذها، فوقفت المعلمة بجوارها قائلة: أنتِ رائعة من هنا - مشيرة لقلبها- وهذا الأهم، أكملت: لا تخافي ... سينتهي الأمر، ورمقتها بنظرة حب.. لم ترها سميرة

 في هذه المدرسة بأسرها قط، وتناولت الورقة بكل حب.

جلست طوال ذلك الوقت مع معلمتها أو بالأحرى مع أمها الروحية

-لقد توفى أبي تاركاً لي صدمةً وأثراً لا يمكن نسيانه، ذرفت بضع دمعاتٍ  

 

مكملةً ( لا يمكنني نسيانه ... نسيان ضحكته .. فرحه .. و ألمه في نهاية المطاف

لقد رحل دون وداعي و ما أراه كل يومٍ من معاناة أمي في العمل يكفي لتركي

وحيدة ) و هنا كانت أطول الجمل التي نطقت بها سميرة ، تأملتها المعلمة بعناية

:  لا تقلقِ

و من هنا أحبت سميرة اهتمام معلمتها بها .. و خطوةً بخطوة و ساعةً بساعة .. تجاوزت  معها حاجز الخوف و جعلته في صفها ، كل يوم تأتي المعلمة لسميرة بورقة  ، تقرأها سميرة و تحفظها قبل بدء حصة اللغة عربية ، لتجيب أمام انبهار الجميع بها ، و من هنا قد تغيرت صورة تلك الطفلة الخجولة أمام الجميع...و أصبح

لديها أصدقاءٌ كُثر ، و تخطت حاجز الخوف ، و مما لا شك فيه أن هذه المعلمة أعادت الطفلة لتفاؤلها بالحياة ..للحياة بلا ألم .. بلا خوف .. بلا يأسٍ من الماضي 

و المستقبل .

 

" انا رضا كاتبة مبتدئة ... و هذه أحد تجاربي في كتابة ما رأيكم في أسلوب و ما هي أخطاء التي وقعت بها فضلا 🙂