جواب الفيلسوف كارل بوبر هو لا، وذلك لأن الشخص المُتطرف الذي يريد قمع حريات الآخرين، سوف يستغل تسامح المجتمع المُتسامح إلى أن يُدمّر هذا التسامح، فتنشأ هُنا مُفارقة التسامح لدى بوبر بسبب أن الحفاظ على مُجتمع مُتسامح برأيه، يستوجب وجود شيئاً من عدم التسامح، فهل تتفق مع هذا الرأي؟
هل يجب أن نتسامح مع من لا يتسامح؟
الأمر يتعلق في المساحة التي يمكن لنا وضع التسامح فيها, بالتأكيد لا مجال للمسامحة في انتهاك القوانين فتطبيق العقوبات الرادعة هو أمر أساسي للحفاظ على العقد الاجتماعي.
حتى في العلاقات الشخصيّة بتفاصيلها يجب ألّا نزرع في الآخرين الشعور بأنّ كل ما سيفعلونه من سوء لنا سيذهب بدون عقوبة (أقصد عقوبة معنوية كالعتاب أو الهجران في حالة الخيانة على سبيل المثال) بالمحصّلة يجب أن نجد تلك النقطة الجميلة بين التسامح و السذاجة بحيث نحفظ مشاعرنا/مجتمعنا و بنفس الوقت نترك في قيمنا مساحة للتسامح أما التطلع إلى مجتمع مُتسم بالتسامح المطلق هو ضرب من المثالية المطلقة التي قد لا تكون في الحقيقة مثالية من المقام الأول.
حقيبتك ليست هي حقيقة غيرك. حرية الفكر والتعبير يجب أن تكون مكفولة للجميع.
فبينما يسمي الامريكان والإسرائيليين النرجسيين العرب والمسلمين بالقتله والمتطرفين فهم يسلبوهم أراضيهم وابارهم النفطية. لا تتوقع انهم سيتفرجون من دون مقاومة.
مضحك كثيرا مصطلح 'المتطرف' فهو ليس إلا مصطلح يستخدمه القوي في محي ذات والإنسانية العدو ليسهل القضاء عليه.
دعك من التسميات، أنا ألحقت كلمة متطرف ب "الذي يريد قمع حريات الآخرين" كي لا نقع في اشكالية هذه التسميات، فخذ الموضوع من جانت شخص وما تراه أنت تطرفا، يعني لو كنت فلسطينيا عند بدء هجرة اليهود ورأيت صهاينة متطرفين حولك يسعون للوصول إلى الحكم، فهل تؤيد أن يتسامح المجتمع مع أفكارهم قبل وصولهم للحكم (سيناريو خيالي)؟
الإجابة شائكة و ليست سهلة بأن ترد نعم أو لا، من المُمكن أن يكون الشّخص مُجبراً لأن ينحى منحىً مُعيَّن، أو أنه لا يفهم تبعات أعماله مثلاً..
الموضوع حاليا يشغل الاوساط الغربية و ربما المجتمعات العربية لا تفهم بالضبط عما يدور الحديث، لكن عموما لادلي بدلوي حول هذه النقطة بالذات، عليك اولا ان تقوم بتعريف ما هو التسامح و ما هو عدم التسامح، و ما هي حدوده، ان كان له حدود؟ هناك موضة حاليا في الغرب و هي ان كل فئة سياسية تتهم الفئة الاخرى انها غير متسامحة مع الافكار الاخرى، و طبعا الهدف من هذا الاتهام هو التضييق عليهم. مثلا، من جهة، عندك اليسار في الغرب الذي يطالب تقريبا بالغاء الضوابط الاجتماعية تماما و السماح للافراد بفعل ما يشائون من دون اي عواقب، مثلا اذا واحد ظن في نفسه انه امرأة رغم ان جسده جسد رجل، فمن حقه ذلك، و من حقه ايضا ان يعبر عن حالته الجنسية الخاصة كيفما يشاء، مثلا ان يلبس لبس نساء و يضع على وجهه مكياج كالنساء حتى لو لم يقم بحلق لحيته او ازالة الشعر عن جسمه، فلك ان تتخيل رجل يلبس فستان امرأة مثل فساتين الحفلات بحيث يظهر ذراعه و الجزء العلوي من صدره، و يكون الجزء البارز من جسده مليئا بالشعر كالرجال، مثلا على سبيل المثال، و سيقول لك اليسار ان عليك ان تحترم قراره و ارادته و ان تتعامل معه كأنه امرأة لانك اذا رفضت ذلك و اصرت على معاملته كأنه رجل فهذا يدل على انك شخص غير متسامح، بينما التيار اليميني ينظر الى نفس الموقف و يقول لك، حسنا افعل ما تشاء بنفسك و لكنني لن اعترف بأنك امرأة فأنت رجل، و ليس من الضروري ان احترمك او ان اتقبل وجودك معي في نفس المكان او الشركة، فهذه من حريتي الشخصية ان لا ادع اناس ارى انهم مرضى نفسيين يقتحمون علي حياتي و مكتبي من دون موافقتي، و اذا اردت ان تفرض علي ذلك فرضا فانت اذن غير متسامح.
في المجتمعات الاسلامية اذا اردت شيطنة فكرة ما فعليك ان تكفرها، اما في الغرب فاذا اردت شيطنة فكرة ما فعليك ان تشبهها بهتلر و النازية و الفاشية و تصفها انها معادية للتسامح.
المثال اللذي ضربته في الاعلى قد يبدو كأنه ضرب من الخيال و لكنه في الوقت الحاضر احد المواضيع اللتي تشغل بال الكثيرين في الغرب، و كل من الطرفين يصف الاخر بأنه استبدادي و اقصائي حيال هذه النقطة.
هناك نقطة اخرى و هي الهجرة، فالعديد من الدول الغربية بدأت منذ بضعة عقود برنامجا لجلب اعداد كبيرة من المهاجرين من الخارج، ولكن هناك تيار لا بأس به من المجتمع يرفض هذا البرنامج و يرى انه حرب ثقافية و اجتماعية ضد اهل البلد من اجل استبدالهم بقوم آخرين، يدينون بديانات اخرى و لهم ثقافات اخرى و لا يحترمون قيم المجتمع اللذي انتقلوا اليه، فمثلا في كندا هناك جالية صينية كبيرة في عدة مدن كبرى تعيش في انعزال عن محيطها الكندي بحيث تجد العديد من الناس قد عاش في كندا لعشرات السنين و مع ذلك لا يتكلم الانكليزية! و هناك ايضا مشكلة التحرش اللتي جلبها بعض المهاجرين من الدول الاسلامية، حيث كما هو معروف هناك العديد من حالات التحرش بالنساء في البلاد العربية، و بعض هؤلاء المتحرشين هاجر الى الغرب و استمر هناك بنفس العمل و ربما بعضهم قاموا بعمل عصابات لخطف الفتيات و ما الى ذلك، ممى اضاف الى السمعة السيئة للمهاجرين العرب (السمعة السيئة الاساسية مرجعها طبعا الى الارهاب و التطرف).
فمن هو المتسامح و من هو عدو التسامح؟ هل يجب على الشعب ان يقبل بأن يتم جلب ملايين الناس من دول اخرى الى ارضه بحجة التسامح؟
التعليقات