للصدقِ سحرُه ولا أسهلَ من التقييم؛ تعترضك صدفةً أُطروحةٌ ما، عن شيءٍ لم تَعِشْه... مُوجَّهةٌ لفئةٍ ما، لستَ منها في شيء... ترى فتفسّرُ فتحكُم مطلقًا، وإن تَحنَّنْتَ نقدَّتَ بحزمٍ ثم عدتَ إلى ما أثبتَّهُ سالفًا من حكمٍ، بارك الله في عقلك ونُصوعِ حجته المرسومة قبل: "هذا تقليدي زيادة، وهذا تبسيط مجحف لجليل، وذاك مؤامراتي، وغيره تشييج عاطفي مُفرَغ". للصدق سحره ولا أسهل من التقييم نتغنى بالكلامِ الموزون على معاييرِ ما نسميه "العقلَ" المتحركَ في إطارٍ حرٍّ، هو إطار، صح... بس
عن الهرم
هرمنا... كلمةٌ سمعتها مرارًا على مدارِ السنواتِ القليلة الفائتة، محمولةً على سبيلِ المزاحِ، وأراها الآنَ في عيونِ وفِعَالِ مَنْ أعرفُ. يكبرُ المرءُ فجأةً، ولا يُحس بخلاياه تنكمش وتضمَحِلُّ فتَتَمَوَّتْ إلا بعدَ حينٍ إذْ يبدو هزالُه وعجْزُه، وكذا النفس؛ كم مِنْ نفسٍ ضاقَ عنها الفضا تتأرجحُ اﻵنَ في جيبِ وهمٍ صغيرٍ زائلٍ، وتتعلَّقُ بأهدابِ أسْمالِ ثوبِ حلمٍ ضئيلٍ، على ذلك؛ فالنفسُ ذاتُها في الجّوْهَرِ لم تُنْزَع بذْرتُها أو تُبَدّل. إنما علّها أَيِسَتْ مِنْ انْتَاشِهَا فغلَّفَهَا القُنوطُ والتَّعاجزُ بجليدٍ باهتِ اللونِ، إلى
منَ الغُرْبة:
أليمٌ اضمحلال صدق اللهجة في النفس، والمرء متى اعتاد تزويق اللفظ على ما ترتاحه أذن سامعه، أو حتى على ما يراه هو نفسُه صوابًا لا صدقا؛ دُجِّنَتْ نفسه فقُولِبَتْ، فاحتاج معها إلى ما يحتاجه مع غيرها من مكياج. ولسا منحكي عن الغربة في الوطن وكم من غريب في جسده!