مثل صفحة (أفضل أماكن الفسحة والخروج في مصر)، والتي يتابعها ملايين الناس، تثبت حقا مقولة أن (مصر أم الدنيا) لمن يملك المال. مقولة أن العالم كتاب كل بلد هي صفحة فيه، لم يقرأه لم يسافر، هي مقولة تغالي وتعظم من السفر بالنسبة إلى من يحبون السفر. أنا أحب السفر، ولكني كائن معادي للبشر، لا أشعر بالأمان وسط بيئة غريبة وليكن محافظة أخرى، حتى لو كانت قريبة جدا لي (الجيزة، أو شبرا، أو حلوان، أو حتى المدن الجديدة!) واعتبر نفسي كائن قاهري في الصميم، خاصة القاهرة القديمة وسط البلد وعلى أطراف القاهرة، ما يعرف بـ جنوب القاهرة، وشمال القاهرة، لأنني نشأت في المرج ومنشية ناصر والشرابية في كنف عائلة من أصول صعيدية ولازلنا على اتصال بأصولنا، مثلا أحب السفر إلى الصعيد، وإلى الأسكندرية، وإلى المنصورة، وإلى الإسماعيلية، وإلى الريف حيث أقاربنا في الشرقية وفي المنوفية (في معظم أرجاء المعمورة الحقيقة).
هل تغني السفريات في الداخل عن السفر إلى الخارج؟
واحدة من الأمور التي ندمت عليها في حياتي، حين كنت في سوريا بلدي كنت دائماً ما أتطلع لزيارة فرنسا ومصر، أفكّر بأني او زرت هذين البلدين سوف أكون سعيداً جداً كسائح بهما وسوف تكون رحلة رائعة، اليوم بعد ما سافرت وبدأت أحن لسوريا، فتحت لاستذكر مناطقها التي لم أزورها حتى هذه اللحظة فاكتشفت أن سوريا فيها مناطق كثيرة مهمة وحلوة وسياحية قد تجاهلتها لأجل السفر للخارج، يعني بخست ما لدي لأجل ما ليس لدي، فلما سافرت انتبهت إلى ما كنت أملك من فرصة كبيرة للسياحة الداخلية، ولذلك أنا مع الإنسان الصراحة الذي يبدأ بالسياحة الداخلية في بلده ومن ثم يتدرج إلى محيطات أبعد فأبعد، الأهم أن لا يبخس ما لديه من أماكن لأجل غيرها.
أرى أنه بالرغم من أهمية السفر داخل بلدنا الذي يتيح لنا التعرف على ثقافتنا المحلية واكتشاف جمال وطننا، إلا أنه لن يعني عن السفر للخارج لأنه يمنحنا تجارب مميزة ومتنوعة لن نحصل عليها إذا بقينا داخل بلدنا، فكرة الاندماج وسط ثقافات جديدة بعادات وتقاليد ولغات مختلفة توسع منظورنا للعالم وتجعلنا نكتسب خبرات عديدة أثناء التواصل مع شخصيات مختلفة.
لا أعرف ما أن كان هذا خلل في شخصيتي أم ماذا ولكن لا أرغب في السفر إلى أي مكان في العالم ولا أحب الخروج والتجول خارج الحي الذي أسكن به، لا أخشى الناس ولكن لا أشعر بالراحة قط في أي مكان لم أعتاد على التواجد به، بدء هذا مؤخراً يسبب لي بعض المشاكل مع العائلة والأصدقاء لكن أنا على ما أنا عليه حتى اليوم.
المثل يقول
من طلع من داره، اتقل مقداره
وهو مثل صحيح جدا، أضيف بأن المتداول بيننا نحن الصعايدة، أن الرجل لا يجد الراحة إلا في بيته، وهناك مثل آخر يقول
-نم عند أختك ولا تنم عند أخوك .. كل عند أخوك ولا تأكل عند أختك
وغير ذلك مما يفرض شروط عليك خارج بيتك أو بيئتك، بينما في المنزل / الحي / الوطن، الأرض ملكك، بل وربما الناس من حولك هم ملكك بشكل أو بآخر.
السياحة الداخلية بالتأكيد مهمة جدا و يوجد في مصر العديد من الأماكن الجميلة التي لم نكن نسمع بها و العديد من الأنشطة المختلفة التي يمكنك القيام بها في مصر و لكن الأغلبية لا يمارسها، و لكن السياحة الداخلية لا تغني عن السفر للخارج تمامًا. فمهما كانت مصر أو أي دولة متنوعة فستجد خارجها ما لم تتكن تتصوره. و بعيدًا عن طبيعة البلد، السياحة الخارجية مفيدة في التعرف على الثقافات المختلفة و كيف يعيش الناس في الخارج و ما الذي يؤمنون به و كيف يتعملون و يأكلون و يمارسون حياتهم اليومية و ما إلى ذلك و التي و بلا شك ستكون مختلفة عنك، هذا كله ينمي عقلك و يساعدك على فهم الحياة أفضل و بالتالي يعود بالإيجاب عليك.
التعليقات