تطبيق Chat GPT، هل سينجح في محاكاة البشر في جانب التأليف والكتابة؟

يعلمنا تاريخ التكنولوجيا أن كل تقدم لا يعني تحسن في مستقبل البشرية ولا يعني سيرًا خطيًا في طريق مزدهر يجعل حياة البشر أفضل، بعد الثورة الصناعية حذر ماركس من الاستغلال والتشيؤ وتراكم البؤس وفي القرن العشرين كان الحرب والموت العنوان الخفي للتقدم التكنولوجي حينها، حذر هايدجر من التقنية، وتحدث فالتر بنيامين عن عالم الإنتاج الآلي. ربما نتساءل عن الدور الذي سيشغله الإنسان في العالم في المستقبل؟ هل عقل الآلة سيحل مكان التفكير البشري كما حلت وسائل التواصل الاجتماعي مكان العلاقات الاجتماعية وجعلتنا أكثر وحدة وأقل تواصل رغم أننا نظهر أمام بعضنا البعض كل في مكانه عبر وسيط هو الشاشة. علينا التفكير في مكانة الفن وقدرة البشر على التفكير بأنفسهم والبحث والوصول للحقيقة واستخدام عقولهم، إن كانت الآلة ستحل محل الإنسان في كل شيء ماذا سيتبقى من قدراتنا البشرية؟ الجلوس الكثير يضر بالعضلات والعضو الغير مستخدم يضمر؛ فهل يتدمر العقل؟

بالفعل التطبيق أحدث ضجة كبيرة حيث يعتبر Chat GPT مصدراً قوياً للمعلومات والإجابات التلقائية للأسئلة المختلفة، ويمكن استخدامه للعديد من الأغراض المختلفة، مثل الدعم الفني والتسويق والتعليم. وبعد التدريب على العديد من المجموعات الكبيرة من النصوص، يمكن لChat GPT العمل بشكل فعال ودقيق في الإجابة على الأسئلة المختلفة التي يمكن أن تطرحها المستخدمون.

ولدى تطبيق يشبهه أيضاً لكن ليس بقوته يسمى cortana حيث يعمل كمساعد لك على الهاتف أو الكمبيوتر المحمول وهو يعمل على الذكاء الاصطناعى ويجيب على بعض اسئلتك والبعض الأخر يتهرب منها بذكاء لأنه ليس متوفر لديه إجابة أو لم يقدر على تحليل صوتك جيداً .

لا أعتقد أن هذه التطبيقات لن تحل محل الكتابة والتأليف حيث أننا كبشر نتميز بذلك بأن لنا بصمة كتابية كل شخص على حسب المكان والبيئة التى تلقى منها خبراته ولغته ولهجته .

اعتقد ما يفعله التطبيق هو أمر بسيط جداً برأيي إلى الممكنات التي سيتحيها الزمن القادم، هذا شيء تخيّلوه البشر سابقاً في الافلام، هو واقع إذاً مع تقدّم الوقت والقدرة، لكن هل هذا سيلغي دور الإنسان؟ من المستحيل أن يكون ذلك، هناك شيء نتجاهله أحياناً بقصد وبدونه، هو دور الروح والوجدان الإنساني في صناعة الفن أو تكوينه، الأمر أشبه تماماً بين اللوحة الفوتوشوب واللوحة المرسومة باليد، هُناك أمر يسكبه الإنسان على أيّ عمل يدوي من الصعب أن تنتجه الألة بالذكاء، وبالمناسبة هو اسمها أصلاً: الذكاء الاصطناعي، لا العاطفة ولا الوجدان والروح، فالروح كانت وستبقى السمة الإنسانية التي تجعلنا نتفرّد وتتفرّد بحاملها عن الحيوان والألة والملائكة حتى، تجعل البشريّ إنسان.

لا أستطيع العمل بمختلف المبادئ المتعلّقة بالفن بشكل عام، وخصوصًا فيما يتعلّق بالصناعة الفنّية من قِبَل الذكاء الاصطناعي. لكن من جهة أخرى، علينا أن نضع في الحسبان أن الإنسان يعد جزءًا أصيلًا من الإنتاج الفنّي، وبالتالي فإننا نعتبر الشجرة شيئًا جميلًا لأنه من صنع البيئة، لكننا لا نعدّه فنًّا، لأن الصناعة هنا لم تكن عنصرًا.

وفي السياق نفسه، يمكننا العمل على المزيد من الأفكار في هذا الصدد، حيث أن صناعة الآلة تمثّل جزءًا لا يتجزّأ من الفن. لكن ذلك يتعلّق بصناعة الآلة نفسها، لا بما تصنع الآلة. وبالتالي فمهما كان الناتج جميلًا، علينا أن نراجع أنفسنا في الشروط: هل هذا الناتج مثل الشجرة؟ أم مثل رسمة الشجرة؟