إذا سألتك يا صديقي عن أهم التقنيات في عصرنا الحالي، ماذا سيكون جوابك؟ أظن أنه سيكون محصورا بين بضعة أشياء، ربما الإنترنت، أو ربما الذكاء الاصطناعي - بمختلف أنواعه -، أو ربما حتى تقنيات عديدة أخرى مثل الهندسة الوارثية، السيارات ذاتية القيادة، وغير ذلك العديد والعديد من التقنيات الحديثة التي تطورت وسطع نجمها في العقود القليلة الماضية. هذا يا صديقي بالنسبة لتقنياتنا وتكنولوجياتنا الحالية، ماذا عن التقنيات والاختراعات القديمة أو حتى المستقبلية؟! ما رأيك أن أصحبك في رحلة نطَّلع فيها معا على بعض هذه التقنيات والاختراعات؟ ماذا تقول؟ موافق! حسنا، ما الذي ننتظره؟ هيا بنا!

مبدئيا يا صديقي، علينا أن نعلم أن أغلب التقنيات، التكنولوجيات، والاختراعات الحديثة ليست أبدا وليدة اللحظة. بل هي مبنية على أسُسٍ علمية وضعها وطورها مئات العلماء والمفكرين على مدار قرون عديدة ماضية. فالمصريون القدماء، اليونانيون والإغريق، المسلمون، وغيرهم تركوا لنا تراثا علميا وفكريا هائلا كان هو السبب الرئيسي في وصولنا إلى المرحلة الَّتي نحن فيها الآن من تطور وازدهار على كافة الأصعدة العلمية والتقنية. 

ماذا تقول يا صديقي؟ تسأل عن الاختراعات والتقنيات التي وعدت بإطلاعك عليها منذ قليل! لا تقلق أبدًا، كل شيء سيأتي في أوانه.

على كل حال، دعنا نبدأ القصة من البداية. منذ قديم الأزل، والبشر يبحثون عن تقنيات جديدة تساعدهم في حياتهم. ولهذا، بدأ الإنسان رحلة الاستكشاف والاختراع منذ سكن الأرض. فاستطاع استخدام المواد المتاحة أمامه على الوجه الأمثل، وطورها وحسَّنها بحيث تناسب احتياجاته. فنرى نحن البشر الآن أن أجدادنا الأوائل استطاعوا نحت وتقطيع الصخور والحجارة ومن بعدها الأخشاب والمعادن، فصنعوا منها جميع أدواتهم. ثم جاء الاكتشاف الذي غير مجرى التاريخ ومساره إلى الأبد، أظنك عرفته يا صديقي. نعم، فعلا! أنا أقصد النار. ذلك الشيء الذي اكتشفه البشر بالصدفة فغير حياتهم إلى الأبد. مضت الأيام والشهور، ومن بعدها السنون والقرون وما زال البشر في تطور مستمر. حيث إنهم لم يغفلوا لحظة عن تطوير تقنياتهم واختراع وابتكار تقنيات جديدة. تعلم البشر الزراعة والرعي واعتادوا الاستقرار، مما دعاهم إلى اختراع تقنيات وأدوات جديدة. مرت السنون والعقود ومن بعدها القرون، وما زال البشر يخطون خطوات حثيثة نحو التقدم والازدهار. فنرى القفزة الحضارية الهائلة التي أحدثها المصريون القدماء والإغريق، ليستلم العرب والمسلمون من بعدهم الراية ويحدثوا طفرة علمية هائلة في جميع المجالات. فنرى اختراعات مبهرة مثل الاسطرلاب، وتقنيات مذهلة أمثال تقنيات الملاحة. تمر السنون مرة أخرى ويأتي القرن العشرون حاملا معه تقنيات واختراعات مذهلة أمثال "مكبر الصوت" و " الترانزستور ". اختراعات وتقنيات غيرت مجرى التاريخ حرفيا. وفي النهاية، نصل إلى زماننا الحالي، حيث تكنولوجيا النانو وتقنيات استكشاف الفضاء والطاقات المتجددة.

الطباعة ثلاثية الأبعاد، الانتقال الآني، الروبوتات، وغيرها العديد من التقنيات والتكنولوجيات هي التي تمثل المستقبل بالنسبة لنا . . . على الأقل في الوقت الحالي. لا أحد يعلم المستقبل، ربما تحدث طفرة علمية وتقنية تقلب الموازين وتقفز بنا عشرات السنوات إلى الأمام، أو ربما عاصفة شمسية تعود بنا مرة أخرى إلى القرن العشرين. أو ربما حتى سيناريو مغاير تماما! لا أحد يعلم.

فما التكنولوجيات التي تتوقع ظهورها في المستقبل يا صديقي؟ وهل تؤيد من يقول أن مستقبلنا مظلم دامس، حيث إننا في طريقنا للعودة للعصور الوسطى بسبب الكوارث الطبيعية والبيئية؟